< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/11/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/الخلل في الصلاة /المسألة 11 الخلل في الصلاة

كان بحثنا في قول المصنف: (مسألة 11): إذا زاد ركعة أو ركوعاً أو سجدتين من ركعة أو تكبيرة الإحرام سهواً بطلت الصلاة، نعم يستثني من ذلك زيادة الركوع‌ أو السجدتين في الجماعة، وأمّا إذا زاد ما عدا هذه من الأجزاء غير الأركان كسجدة واحدة أو تشهّد أو نحو ذلك ممّا ليس بركن فلا تبطل، بل عليه سجدتا السهو وأمّا زيادة القيام الركنيّ فلا تتحقّق إلّا بزيادة الركوع أو بزيادة تكبيرة الإحرام، كما أنّه لا تتصوّر زيادة النيّة، بناءً على أنّها الداعي، بل على القول بالإخطار لا تضرّ زيادتها).

قد فرغنا في محاضراتنا الماضية عن البحث في قول المصنف: (إذا زاد ركعة أو ركوعاً أو سجدتين من ركعة أو تكبيرة الإحرام سهواً بطلت الصلاة)

واليوم نريد ان نتابع بحثنا حول قوله: (نعم يستثني من ذلك زيادة الركوع‌ أو السجدتين في الجماعة)

فاستثنى بطلان الصلاة بزيادة الركوع او السجدتين اذا كانت تبعا للإمام في صلاة الجماعة.

هذه المسألة قد بحثنا عنها في مبحث صلاة الجماعة بتفصيل لا مزيد عليه فليراجع الراغب الى تلك المباحث المسألة التاسعة من احكام الجماعة.

اما قوله: (وأمّا إذا زاد ما عدا هذه من الأجزاء غير الأركان كسجدة واحدة أو تشهّد أو نحو ذلك ممّا ليس بركن فلا تبطل، بل عليه سجدتا السهو)

تقدّم البحث قبل أيام قليلة عن مبطلية زيادة الأركان وكذلك عدم بطلان الصلاة بزيادة سجدة واحدة سهوا كما ان حديث لا تعاد دل على عدم بطلان الصلاة بزيادة أي جزء من أجزاء الصلاة اذا صدر عن المصلي سهوا مما ليس ركنا في الصلاة كالتشهّد و القراءة و نحوهما وقد افتى عامة الفقهاء بذلك اي عدم بطلان الصلاة بزيادة اجزاءها عن سهو.

نعم على قول من يرى بان حديث لا تعاد خاص بالنقيصة مستدلا على ان الثلاثة الأولى من المذكورات فيه لا يعقل الزيادة فيها، فلا يمكن الاستدلال بحديث لا تعاد لإثبات عدم بطلان الصلاة بزيادة اجزاءها غير الأركان. وقد فندنا هذا الكلام وأثبتنا ان حديث لا تعاد اعم من النقيصة والزيادة.

وعلى فرض قصور حديث لا تعاد عن شموله للزيادات فيمكن ان يقال ان صحيحة أبي بصير التي مرت بنا قبل أيام قليلة َعن ابي عبد الله عليه السلام انه قال: "مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ".[1] هي تدل بإطلاقها عن قادحية كل زيادة في الصلاة0 وانما خرج منها زيادة سجدة واحدة بمقتضى صحيحتي منصور بن حازم وعبيد زرارة اللتان مررنا عليهما قبل أيام 0، ففي الأولى روى منصور بن حازم عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: «سألته عن رجل صلّى فذكر أنّه زاد سجدة، قال: لا يعيد صلاة من سجدة، و يعيدها من ركعة»[2] .

وفي الثانية روى عبيد بن زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن رجل شكّ فلم يدر أسجد اثنتين أم واحدة فسجد اخرى ثمّ استيقن أنّه قد زاد سجدة، فقال: لا واللّٰه لا تفسد الصلاة بزيادة سجدة. وقال: لا يعيد صلاته من سجدة، ويعيدها من ركعة» [3] . فهما مخصصتان لصحيحة ابي بصير فخرج منها السجدة واحدة ويبقى ما عداها من سائر الأجزاء غير الركنية مشمولة للإطلاق.

ان قلت: ان مرسلة سفيان بن السمط عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) «قال: تسجد سجدتي السهو في كلّ زيادة تدخل عليك أو نقصان» [4]

هذه الرواية تدل على عدم نقض الصلاة بكل زيادة او نقصان فان الأمر بسجدتي السهو كاشف عن صحة الصلاة بالدلالة الإلتزامية. قلنا ان هذا الحديث لا يمكن مقاومتها امام صحيحة ابي بصير لضعف سندها بالإرسال، ولم يفتوا وفقها أكثر الفقهاء بل المشهور على خلافه.

قد يسلك طريق آخر للقول بعدم بطلان الصلاة بزيادة سهوية في غير الأركان:

وهو الاستدلال بالقياس الأُولوية نسبتا الى زيادة السجدة الواحدة فإنها إذا لم تستوجب البطلان بما أتت من روايات صحاح على ذلك والحال ان السجود من الأجزاء الرئيسية ذات الأهمّية القصوى الدخيلة في مسمّى الصلاة على ما يكشف عنه حديث التثليث: وهو ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "الصَّلَاةُ ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ ثُلُثٌ طَهُورٌ- وَثُلُثٌ رُكُوعٌ وَثُلُثٌ سُجُودٌ" [5]

فزيادة ما عداها من الأجزاء غير الركنية التي هي دونها في الأهمية ولم تكن من المقوّمات، لا تكاد تستوجب البطلان بالأولوية القطعية.

كما يمكن الاستدلال بعدم القول بالفصل أي كل من قال بان زيادة السجدة سهوا لا تبطل الصلاة يقول بعدم مبطلية ما سواها إذا صدر عن المصلى سهوا من غير الأركان.

فعلى أي تقدير لا ينبغي التأمّل في عدم بطلان الصلاة بزيادة غير الأركان إذا صدر سهواً.

فان من يرى شمول حديث لا تعاد للزيادة ايضاً كما هو الحق فيكفيه هذا الحديث ومن يخصص حديث لا تعاد بالخلل الحاصل عن النقيصة فله ان يستدل بدلالة الفحوى للصاح التي دلت على عدم بطلان الصلاة بزيادة سجدة اذا صدرت سهوا. او بعدم القول بالفصل بين زيادة السجدة وزيادة سائر أفعال الصلاة من غير الأركان في ابطال الصلاة.

فتلخص من بحثنا ان ما قاله المشهور ومنهم المصنف بان الاخلال السهوي في غير الأركان لا توجب بطلان الصلاة هو الأصح. ونتابع البحث في الأيام القادمة في تتمة المسألة ان شاء الله.

بل يمكن ان نقول ان حديث لا تعاد يكفينا في في اثبات عدم بطلان الزيادة السهوية في غير الأركان. مضافا الى ان صحيحة ابي بصير ليست في بيان موارد السهو بل هي متحملة للحكم الاولي من ان أي زيادة مبطل للصلاة حتى لا يزيدون برغبتهم الى العبادة عشوائيا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo