< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/08/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/لخلل في الصلاة /المسألة الرابعة

کان بحثنا فی (مسألة 4): لا فرق في البطلان بالزيادة العمديّة بين أن يكون ابتداء النيّة أو في الأثناء ولا بين الفعل والقول، ولا بين الموافق لأجزاء الصلاة والمخالف لها ولا بين قصد الوجوب بها والندب،) وقد اکملنا البحث فی المقطع الاول من المسألة والیوم نرید ان ندخل فی البحث فی المقطع الثانی منها حیث قال: (نعم لا بأس بما يأتي به من القراءة و الذكر في الأثناء لا بعنوان أنّه منها ما لم يحصل به المحو للصورة، وكذا لا بأس بإتيان غير المبطلات من الأفعال الخارجيّة المباحة كحكّ الجسد ونحوه إذا لم يكن ماحياً‌ للصورة).

ففي هذا المقطع ذكر المصنف فرعين: احدهما: جواز قراءة القران والذكر ما لم يوجب محو صورة الصلاة، وثانيهما: جواز الاتيان بالاعمال التي ليست معدودة من مبطلات الصلاة.

اما الفرع الأول فقد ورد روايات تدل على جواز الاتيان بها بل تشجيع باتيانها:

منها: ما ورد في صحيحة علي بن مهزيار واليك نصه: عن مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام "عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ- بِكُلِّ شَيْ‌ءٍ يُنَاجِي بِهِ رَبَّهُ قَالَ نَعَمْ". [1] فتدل على ان التكلم مع الله في الصلاة لا يضرها شيئاً.

ومنها: صحيحة الحلبي واليك نصها: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: "كُلُّ مَا ذَكَرْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ وَالنَّبِيَّ ص- فَهُوَ مِنَ الصَّلَاةِ" الْحَدِيثَ.[2] في سنده حسين بن عثمان وهو اسم لثلاث من الرجال: أحدهم: هو حسين بن عثمان الاحمسي البجلي الكوفي وثقه النجاشي، وثانيهم: الرواسي اخي حماد الناب، وثقه الكشي بقوله: (فاضل خير ثقة) وثالثهم: بن شريك بن عدي العامري الوحيدي قال النجاشي فيه: (ثقة)، فعلى كل حال السند صحيح[3] اما الدلالة فهي صريحة في عدم بطلان الصلاة به.

كليني عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "كُلُّ مَا كَلَّمْتَ اللَّهَ بِهِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فَلَا بَأْسَ".[4]

هذا الحديث ولو فيه إرسال ولكنه مرسلة حماد بن عيسى الذي كان من فقهاء أصحاب ابي عبد الله عليه السلام وهو روى عن بعض أصحابه، لا عن رجل! فلا ينبغي عدم الاعتناء به، واما الدلالة فقد أطلق في جواز كلما تتكلم به ربك في الصلاة.

ولذا بعض فقهائنا ذهبوا الى جواز قراءة القرآن والذكر بلا حدود ولكن السيد رضوان الله عليه شرط لجواز ما يؤتى من الذكر والقرآن شرطين أحدهما: ان يأتي بها لا بعنوان انه منها، أي من الصلاة. وثانياً: ان لا يكون ماحيا لصورة الصلاة.

وقد أشكل البعض عليه بالنسبة الى الأول بانّ المستفاد من الروايات هو من الصلاة منهم كاشف الغطاء فقال: (بل ولو بعنوان أنّه منها إذ يستفاد من بعض الأخبار أنّ كلّ ما يقع من ذلك فهو من الصلاة مثل قوله عليه السّلام كلّ ما ناجيت به ربّك فهو من الصلاة فكأنّ الجزء في أمثال هذه المقامات هو الطبيعة لا بشرط فكلّ ما يوجد منها يكون مصداقاً للجزء ومن هنا يستشكل في تحقّق الزيادة في أقوال الصلاة إذا أُريد الجنس و في تحقّق محو الصورة بأمثال هذه الأُمور).[5]

أقول وفاعا عن السيد: الظاهر ان مراده من قوله: "لا بعنوان انه منها" أي لا يجعلوه من الأذكار الواردة، بل يؤتى به بعنوان الذكر المطلق.

اما بالنسبة الى الشرط الثاني: قال السيد الخوئي: (أمّا التفصيل بين الماحي و غيره في الأذكار و القراءة فغير وجيه، إذ لا مصداق للماحي للصورة الصلاتية من بينها وإن طالت مدّة الاشتغال بالذكر أو القراءة بعد ملاحظة ما ورد من قوله (عليه السلام): «كلّ ما ذكرت اللّٰه (عزّ و جلّ) به و النبيّ فهو من الصلاة»، فانّ من المعلوم أن ليس المراد من قوله: «فهو من الصلاة» أنّه جزء من الصلاة، لمنافاة الجزئية مع فرض الاستحباب كما مرّ، بل هو مبنيّ على ضرب من الادّعاء و التنزيل، والمراد أنّه محسوب من الصلاة وكأنّه من أجزائها، ولم يكن خارجاً عنها ما دام متشاغلًا بها. وعليه فلو اشتغل بعد الركوع أو بعد التشهّد بقراءة القرآن أو الذكر من غير قصد الجزئية فكلّ ذلك محسوب من الصلاة، وليس خارجاً عنها وإن طالت المدّة كثيراً جدّاً، كما لو اشتغل بدعاء كميل أو أبي حمزة ونحوهما، ولا يكون شي‌ء من ذلك ماحياً للصورة. فكبرى مبطليّة الماحي وإن كانت مسلّمة لكنّه لا صغرى لها في باب الأذكار، بل يختصّ ذلك بباب الأفعال كما عرفت).

أقول: هذا التعبير بان مراد الامام عليه السلام: ليس انه جزء من الصلاة، ينسجم مع رأيكم الخاص في استحالة جزئية المستحب للواجب ولكن على قول المشهور من جواز التركيب بين المستحب والواجب وهو الحق كما بيناه مرارا لا وجه لهذا الحمل اما عدم امكان كون الذكر والقراءة ماحيا للإذن في الروايات، خلاف الظاهر بل انها منصرفة الى القراءة والذكر المتعارف ولكن تجويز قراءة البقرة اثناء التشهد او دعاء جوشن الكبير منصرف عن مدلول الروايات، فتأمل جيدا ترى كلام السيد متين في عدم جواز إتيان ما يكون ماحيا لصورة الصلاة.

ان السيد في آخر مقطع من هذه المسألة قال: (وكذا لا بأس بإتيان غير المبطلات من الأفعال الخارجيّة المباحة كحكّ الجسد ونحوه إذا لم يكن ماحياً‌ للصورة)

نقول أولاً: كل ما شككنا في مبطليته للصلاة الأصل عدمها للبراءة مضافا الى ورود روايات كثيرة تفيد هذا المعنى نذكر نماذجاً منها:

ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ الْحَاجَةَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ- قَالَ فَقَالَ يُومِئُ بِرَأْسِهِ وَ يُشِيرُ بِيَدِهِ- وَ الْمَرْأَةُ إِذَا أَرَادَتِ الْحَاجَةَ تُصَفِّقُ.[6]

ومنها ما رواه بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَلَبِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يُرِيدُ الْحَاجَةَ- وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ- فَقَالَ يُومِئُ بِرَأْسِهِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ وَيُسَبِّحُ، وَالْمَرْأَةُ إِذَا أَرَادَتِ الْحَاجَةَ وَهِيَ تُصَلِّي فَتُصَفِّقُ بِيَدَيْهَا.[7]

منها: ما رواه بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام "أَ يُومِئُ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ- فَقَالَ نَعَمْ قَدْ أَوْمَأَ النَّبِيُّ ص- فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْأَنْصَارِ بِمِحْجَنٍ كَانَ مَعَهُ- قَالَ حَنَانٌ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا مَسْجِدَ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ".[8]

وَمنها ما رواه بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام "عَنِ الرَّجُلِ- يَسْمَعُ صَوْتاً بِالْبَابِ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ- فَيَتَنَحْنَحُ لِتَسْمَعَ جَارِيَتُهُ أَوْ أَهْلُهُ لِتَأْتِيَهُ- فَيُشِيرَ إِلَيْهَا بِيَدِهِ لِيُعْلِمَهَا مَنْ بِالْبَابِ- لِتَنْظُرَ مَنْ هُوَ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ- وَعَنِ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَةِ يَكُونَانِ فِي الصَّلَاةِ فَيُرِيدَانِ شَيْئاً- أَ َجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَقُولَا سُبْحَانَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ- وَ يُومِئَانِ إِلَى مَا يُرِيدَانِ- وَ الْمَرْأَةُ إِذَا أَرَادَتْ شَيْئاً- ضَرَبَتْ عَلَى فَخِذِهَا وَ هِيَ فِي الصَّلَاةِ".[9]

وعدة روايات في الأبواب المختلفة تدل على تدل على الضرب باليد والجدار وكذلك قتل الحية و مسح النخامة عن المسجد و رضاع الطفل واحتضانه اثناء الصلاة وغيرها فلا نريد اطالة الكلام بذكرها وانما استثنوا منا فقهائنا مرة بما هو مخرج عن هيئة المصلي ومرة بالفعل الكثير. فنكتفي بهذا المقدار من البحث حول هذه المسألة رعاية للاختصار والتقدم في البحث.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo