< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/08/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/الخلل في الصلاة /الخلل تقية

بعد ما بحثنا حول الخلل في الصلاة بانواعه وقلنا ان الخلل في الصلاة في غير الأركان اذا لم يكن متعمدا ولا مقصر على قول، لايضر بصحة الصلاة ثم ان امام الخميني ذكر من موارد جواز الاخلال بالصلاة موارد التقية قال الامام رضوان الله عليه: («ثالثها» روايات التقية‌ كصحيحة الفضلاء قالوا: "سمعنا أبا جعفر (ع) يقول‌: "التقية في كل شي‌ء يضطر اليه ابن آدم فقد أحله اللّه له") [1] -

‌ فهي بعمومها تدل على الصحة في جميع موارد الاضطرار سواء كان من قبل حكام العامة و قضاتهم أو غيرهم و سواء كان في الأركان أو غيرها بعد حفظ صدق الصلاة على الباقي).[2]

فجعل من ادلة جواز التقيّة هذه الصحيحة التي رواها محمد بن مسلم وزرارة وقوله عليه السلام: "في كل شيء يضطر اليه ابن آدم" يشمل الصلاة بجميع اجزائها كما "ان احله الله" يشمل الاحكام التكليفية والوضعية من الصحة والبطلان، فمن توهم ان "احله الله" خاص بالاحكام التكليفية واهم ليس عى الصواب.

لانّ الحل والحرمة والجواز واللاجواز وأشباهها ليست مختصة بأحكام التكليفية فقط بل هي موضوعة لمعنى يشمل التكليف والوضع على حسب متعلقاتها، ففي كل مورد تعلقت بالعنوان النفسي الذي لا يتوقع منه الصحة والفساد تفيد معنى التكليف كما لو تعلقت بشرب المسكر والماء بخلاف ما لو تعلقت بمثل البيع أو الصلاة كقوله "يحرم البيع الربوي" و وقوله: "لا تصلّ في وبر ما لا يؤكل لحمه" أو قال: "أحل اللّه البيع وحرم الربا" معناه: البيع حلال تكليفا وصحيح وضعاً" والربا حرام تكليفا وباطل وضعاً وكذا قوله: تحرم الصلاة في الثياب المغصوبة" فيفيد حرمة التصرف في المغصوب وبطلان الصلاة فيها.

فلو اضطر الى شرب الفقاع فقد أحله اللّه ال تكليفاً لان شرب الخمر او الفقاع ليس صالحا للحكم الوضعي، بخلاف ما اذا اضطر الى الطلاق بغير شرائطه والى الصلاة على طريقة غير الحق فإنما أحله اللّه صالح للحكم الوضعي أي صحة الطلاق الصلاة فقوله: "أحله اللّه في كل مورد يفيد المعنى الذي يناسبه من الوضع والتكليف.

وأشار الامام الخميني الى نقطة أخرى بقوله: (مع ان الحمل على خصوص التكليف يوجب الحمل على الفرد النادر جدا فان الابتلاء بالتقية في مخالفة التكليف كشرب الفقاع مثلا كان نادرا في عصر الصادقين (ع) بخلاف الابتلاء بالمخالفة تقية في الوضعيات كالمعاملات والعبادات فإنه كان كثيرا جداً، فلا ينبغي الإشكال في بطلان هذه المزعمة).[3]

وبما ان الامام عليه السلام قال: "التقية في كل شي‌ء يضطر اليه" فصريح في الاطلاق وشموله لكل خلل زيادة كان أو نقيصة ركنا كان أو غيره مع حفظ عنوان الصلاة على الباقي.

وقد اشكل البعض بان النقيصة هي امر عدمي والعدم ليس كاسبا ولا مكتسبا وليس له اثر ولا يتأثر من شيء فلا معنى لشمول الحكم الوضعي ولا التكليفي لها حتى تحلل عند الاضطرار.

ويجاب عن هذه الشبهة بان الجزء والشرط امر وجودي فمن اخل بهما في ظروف الاضطرار والتقية فسامحه الله لترك هذا الجزء والشرط واقتنع بفاقدهما عن الكامل.

ومما بستند اليه للاستدلال على جواز الخلل في الصلاة في ظروف التقية ‌موثقة سماعة عن ابى عبد اللّه (ع) قال: "إذا حلف الرجل تقية لم يضره إذا هو أكره أو اضطر اليه وقال قال إذا حلف الرجل تقية لم يضره إذا هو أكره أو اضطر اليه وقال ليس شي‌ء مما حرم اللّه الا وقد أحله لمن اضطر اليه" [4]

فهي تشمل جميع موارد التقية بقوله: "ليس شي‌ء مما حرم اللّه الا وقد أحله لمن اضطر اليه"

ففي هذه الموثقة المباركة ذكر الامام عليه السلام جواز الحلف عند الاضطرار والاكراه للتقية ثم جاء بكبرى بقوله: "ليس شي‌ء مما حرم اللّه الا وقد أحله"

وهناك روايات أخرى كثيرة تدل على الصحة في موارد التقية عن العامة و لو من غير اضطرار في الارتكاب ‌كموثقة مسعدة بن صدقة و فيها: "فكل شي‌ء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدى الى الفساد في الدين فإنه جائز"‌ و قد مر ان الجواز و نحوه ليس بمعنى الجواز التكليفي و‌صحيحة أبي الصباح و فيها "ما صنعتم في شي‌ء أو حلفتم عليه من يمين في تقية فأنتم منه في سعة"[5]

‌دلت على التوسعة في الإتيان بالمأمور به على طريقتهم و هي تعم التكليف و الوضع الى غير ذلك مما تدل على صحة المأتي به على طريقتهم.بل في كثير من الاخبار الحث على الصلاة معهم و الاقتداء بهم في صلاتهم و الاعتداد بها: ‌كصحيحة حماد بن عثمان عن ابى عبد اللّه (ع) انه قال: من صلى معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول اللّه (ص) في الصف الأول[6]

‌و‌صحيحة ابن سنان عنه و فيها: "وصلوا معهم في مساجدهم"[7] و‌صحيحة على بن جعفر عن أخيه (ع) قال صلى حسن (ع) و حسين (ع) خلف مروان و نحن نصلي معهم [8]

وغيرها كثيرة وصريحة في الصلاة خلفهم ‌مما هو ظاهر في الصحة.

قال الامام الخميني رضوان الله عليه: (مع ان الصلاة معهم كانت في العصر الأول إلى زمان الغيبة مبتلى بها للأئمة (ع) وأصحابهم ولم يمكن لهم التخلف عن جماعاتهم ومع ذلك كانوا يعتدون بها كما انهم كانوا يحجون معهم طوال أكثر من مأتي سنة و كان أمر الحج في الوقوفين بيد الأمراء و لم يرد انهم عليهم السلام أو أصحابهم تخلفوا عنهم في ذلك أو ذهبوا سرا الى الموقفين كما يفعله جهال الشيعة، فلا شبهة في صحة كل ما يؤتى به تقية ومن أراد الوقوف على أكثر من ذلك فليراجع رسالتنا في التقية).

ومن هذه الروايات يمكن ان نستفيد أي قهر او اجبار من ناحية الظالم ورد على مؤمن اجبره على نقيصة او زيادة في صلاته وهو معفو عنه ولا يبطل الصلاة الا اذا خرج عن هيئة المصلي فعند ذلك يجب عليه ان يقضيها بعد رفع الاكراه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo