< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/07/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/الخلل في الصلاة /في زيادة الركن في الصلاة

كان بحثنا في مقطع الأخير من مسألة الثالثة حيث قال السيد: (وإن كان الإخلال بسائر الشروط أو الأجزاء زيادة أو نقصاً فالأحوط الإلحاق بالعمد في البطلان لكن الأقوى إجراء حكم السهو عليه).

وقد بينّا دلالة حديث لا تعاد على عدم بطلان الصلاة اذا اخل بها المصلي بعذر الجهل القصوري نعم نوافق المصنف في الاحتياط بإجراء حكم العمد فيها فان الإحتياط حسن على كل حال، الا اذا انتهى الى الوسواس او زاحم واجبا او اوجب حراماً او تعارض مع احتياط آخر أولى منه رعاية.

نعم مما نسينا أن نتعرض له هو شمول الحكم بمن اخل لجهله بالحكم جهلا قصورياً كاجتهاد الصحيح والتقليد الصحيح اذا خالف الواقع فظهر بعد مدة عمل بالفتوى الغلط فصلاته صحيحة لا تحتاج الى الإعادة لحديث لا تعاد.

وقد يستدل على صحة صلاة من اخل بغير الأركان جهلا بالحكم او الموضوع بحديث الرفع و هو عدة احاديث في بعضها ذكر اربع خصال ولم يذكر منها صورة الجهل وبعضها بدلا عن الرفع ورد فيها مفردة الوضع، ولكن احسنها سندا و اشتمالاً على مسألة الجهل بما يفيدنا في بحثنا مارواه الصدوق بسند صحيح واليكم نصها:

(مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي التَّوْحِيدِ وَ الْخِصَالِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي تِسْعَةُ أَشْيَاءَ الْخَطَأُ وَ النِّسْيَانُ- وَ مَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَمَا لَا يَعْلَمُونَ- وَ مَا لَا يُطِيقُونَ وَمَا اضْطُرُّوا إِلَيْهِ- وَالْحَسَدُ وَالطِّيَرَةُ- وَالتَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي الْخَلْوَةِ «في نسخة الخلق» مَا لَمْ يَنْطِقُوا بِشَفَةٍ".[1]

ان ما لا يعلمون يشمل ما اذا كان المصلي جاهلا بموضوع جزء او شرط في الصلاة، كما سجد في صلاته على قطعة يزعمها حجراً ولكنه من مادة بلاستيك، او يقف منحرفاً عن جهة قبلة دون اليمين واليسار، اوكان المصلي جاهلأ بحكم من احكام الصلاة كما اذا قرء سورة الضحى واكتفى بها ولا يعرف انه يجب معها قراءة سورة انشراح، او اجتهد في امر اجتهادا على موازين العلم واخطا في اجتهاده او قلّد مجتهداً على موازين اختيار المجتهد وكان فتواه خلاف الواقع، فيما يوجب الاخلال في صلاته كإضافة شيء او نقيصته، كما اذا قرء سورتين في ركعة واحدة ولم يكن يعرف عدم جواز القران في الصلاة، ويشمل ظاهر حديث الرفع الجهل القصوري والجهل التقصيري الا ان في الجهل التقصيري يستند الى دليل العقل والشرع على بطلان الصلاة وانصراف حديث الرفع عنه.

و قد يستشكل في شموله للشبهة الحكمية بانه اذا قلنا الحكم مرفوع عن الجاهل به فمعناه ان الحكم موقوف على العلم بالحكم والعلم بالحكم موقوف عى وجود الحكم وهذا دور صريح يلزم منه المحال،. فان العلم بوجوب شيء اذا كان شرطا لوجوبه ثم كان الوجوب مشترط بالعلم به فكل جهة موقوف وموقوف عليه ويستحيل هذا عقلاً اذ يلزم منه توقف الشيء على نفسه.

و يرد عليه بان الشيء الذي متوقف على العلم بالحكم هو اثار الحكم لا نفسه وهذا جار في جميع التسعة فلا يرد إشكال لأن الحكم باق و المرفوع آثاره فلا يلزم اختصاص الحكم بالعالم به بل آثار العلم موقوف على العلم بالحكم، فالموقوف هو اثار العلم والموقوف عليه هو وجود الحكم فينحل الدور بذلك.

ان قلت: رفع اثار الحكم من الشارع متصور في الستة الأولى من المذكورات وهي الْخَطَأُ وَ النِّسْيَانُ- وَ مَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَمَا لَا يَعْلَمُونَ- وَ مَا لَا يُطِيقُونَ وَمَا اضْطُرُّوا إِلَيْهِ- اما الثلاثة الأخيرة ما معنى لرفع حكمها وهي: "الْحَسَدُ وَالطِّيَرَةُ- وَالتَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي الْخَلْوَةِ «في نسخة الخلق» مَا لَمْ يَنْطِقُوا بِشَفَةٍ"

قلنا: يمكن ان نقول فيها رفعها رفع العنوان ادعاءً بلحاظ آثاره لا بمعنى استعمال اللفظ‌ في المعنى المجازي، لما قررنا في محله وعليه فحول الفقهاء من أن الاستعمال حتى في المجازات فضلا عن الاستعارات انما يكون في المعنى الحقيقي مع ان الاستعمال في أكثر من معنى جائز فلا ينبغي الإشكال فيه أيضاً.

قد سلك الامام الخميني طريق آخر لحل الدور فقال: (بل التصويب بالمعنى الذي ادعى قوم من مخالفينا معقول لا يلزم منه الدور كما قيل لإمكان كون الحكم الجدي أو الفعلي تابعا لاجتهاد المجتهد في الأحكام الإنشائية فما في الكتاب و السنة هي الأحكام الإنشائية مطلقا و يقتضي الأصل العقلائي الحمل على الجد إلا إذا دل الدليل على التخصيص و التقييد و عليه فلا مانع هناك من ان يكون حكم اللّه الواقعي تابعا لاجتهاد المجتهد في الأدلة الظاهرية فلا يلزم الدور). [2]

وهذا هو التصويب المعتزلي من ان لله تعالى احكام ثابتة لجميع المكلفين ولكن اذا وصل رأي المجتهد الى حكم بخلافها فهذا الحكم هو حكمه عند الله ولعل مرادهم: بيان الاحكام الظاهرية التي تخالف الاحكام الوافعية. فهي حكم الله في حقه وحق مقلدية ولا استحالة في ذالك.

فالجزئية والشرطية والمانعية الإنشائية مشتركة بين العالم والجاهل فاذا صادف فتوى المجتهد تلك الاحكام فتصبح فعليا له ولمقلديه و ان خالف اجتهاده مع تلك الاحكام فتصبح ما وصل اليه المجتهد معذرا له ولمقلديه ولا استبعاد لهذا الامر عقلا ولا شرعاً. ووفاق هذا الرأي لما ذهب اليه طائفة من العامة لا يضرنا شيئاً.

وسوف نتابع بحثنا بعد أسبوع حيث عندي سفرة ضرورية للحضور في جلسة خبراء القيادة الدورية. وان شاء الله سون نحضر في السبت الرابع من شهر شعبان المعظم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo