< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/07/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/الخلل في الصلاة /الخلل في الزيادة والنقيصه

 

كان بحثنا في اليوم الماضي في: (مسألة 2): الخلل العمديّ موجب لبطلان الصلاة بأقسامه من الزيادة، و النقيصة حتّى بالإخلال بحرف من القراءة أو الأذكار ‌أو بحركة أو بالموالاة بين حروف كلمة أو كلمات آية، أو بين بعض الأفعال مع بعض، و كذا إذا فاتت الموالاة سهواً أو اضطراراً لسعال أو غيره و لم يتدارك بالتكرار متعمداً).

وقد ذكرنا بعض التعليقات من فقهائنا العظام على هذه المسألة واليوم نريد ان نقف عند تفصيلات البحث:

قال السيد: (الخلل العمديّ موجب لبطلان الصلاة) والظاهر ان مراد السيد من العمدي خصوص ما اتى به المصلّي مع العلم بكونه مخلاً ولم يكن له عذر في اتيانه والوجه في ذلك حكم العقل بوجوب امتثال امر المولى سليماً من النقص، فاذا اتي بغير ما امره المولى فلم يمتثل امره فالامر بالامتثال ظَلَّ متوجه اليه. والخلل في جزء منها خلل في كلها، لان الصلاة واحدة مرتبطة بين اجزائها فباختلال الجزء يختل الكل.

ثم ذكر السيد المصنف كبريين لموارد الخلل فقال: (بأقسامه من الزيادة، والنقيصة):

كون النقيصة خلل امر واضح لان من لم يأت بجزء من المامور به لم يطع امر المولى والمفروض ان المامور به مجموعة أجزاء وشرائط اعتبره الشارع شيئاً واحداً فالإخلال بالجزء إخلال بالكل الا الأجزاء غير الواجبة فهي يجوز تركها بإذن صاحب الاعتبار.

انما الكلام في الزيادة هل انها إخلال في الصلاة او لا؟ فالمناقشة تعود الى الصغرى من انه هل الزيادة اخلال او لا؟. لا ان الإخال بالزيادة مبطل للصلاة أو لا؟ ولو في تنقيح محل البحث لم يلتفت البعض بهذا النقطة فقالوا هل الاخلال بالزيادة مبطل للصلاة او لا؟

اما الزيادة في الاركان عمداً فلا إشكال في كونها موجباً للبطلان، و يدل عليه حديث لا تعاد حيث يفيد وجوب الإعادة حتى على الساهي اذا اخلّ بأحد الخمسة مما ورد في عقد الاستثناء من هذا الحديث واليك نصه:

روى الصدوقَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: "لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ إِلَّا مِنْ خَمْسَةٍ- الطَّهُورِ وَ الْوَقْتِ وَ الْقِبْلَةِ وَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ".[1] سند الصدوق الى الزرارة صحيح وقد رواه الشيخ أيضا كرارا و بسند صحيح و تمسك به الفقهاء من الصدر الأول، فلا شبهة في سنده.

اما الدلالة فان العقد المستثنى منه قطعاً أراد به المعذور ولا يشمل غير المعذور المتعمد الملتفت، لانّ عدم وجوب الإعادة على العامد غير المعذور، ينافي ادلة الجزئية لغير الخمسة، فعقد المستثنى يشمل المعذور أيضا في المذكورات وهي التي نسميها أركان الصلاة، فمادام يجب اعادتها ووجوب الإعادة يعني بطلان الاولى لمن كان معذورا في الاخلال، فيثبت بالاولى مبطلية الاخلال بها لمن كان متعمداً و لم يكن له عذر في الاخلال.

مضافا الى مفهوم الأولوية لجديث لا تعاد هناك روايات وردت في مفردات الأركان وصرحت بوجوب الإعادة على من اخل بها ولو عن سهو وعذر:

منها: مارواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: "إِذَا اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ قَدْ زَادَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ رَكْعَةً- لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا وَ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ اسْتِقْبَالًا- إِذَا كَانَ قَدِ اسْتَيْقَنَ يَقِيناً".[2] سندها صحيح جيد اما الدلالة فبقرينة استيقن نعرف انه لم يزدد عمداً، مع ذلك الامام عليه السلام يأمره بالاعادة فمن تعمد في الزيادة بطريق أولى يجب غليه الإعادة ووجوب الإعادة دال على بطلان الأولى.

ومنها ما رواه الشيخ في التهذيب بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى فَذَكَرَ أَنَّهُ زَادَ سَجْدَةً- قَالَ لَا يُعِيدُ صَلَاةً مِنْ سَجْدَةٍ- وَ يُعِيدُهَا مِنْ رَكْعَةٍ» [3] السند صحيح والدلالة واضحة على المراد فموضوع الحديث الزيادة غير العمدية فحكم فيها في زيادة الركوع بوجوب الإعادة، فبالاولى يجب الإعادة على من تعمد في الاخلال.

ولا حاجة الى اكثار ذكر الاحاديث مادامت المسألة مفروغة عنها عند الفقهاء.

ثم لابد من البحث في زيادة الواجبات غير الركنية عامدا فالمشهور ذهبوا الى مبطليتها في الصلاة و استدلوا عليها بامور:

منها: ان الصلاة واجب توقيفي فلا يجوز ان نأتي بشيئ فيها الا بدليل، وبعبارة أخرى الأصل في الصلاة عدم الجواز الا بقيام دليل عليه، لأنّها من منشأت الشارع والمتلقاة منه، فيجب علينا ان نعمل فيها بما ورد عنه، فجعل تحريمها تكبيرة الاحرام وهي واحدة ثم سورة الفاتحة ثم سورة من القران ثم ركوع واحد وهكذا فالتخلّف عنها بدعة وتصرف في مخترع الشارع المقدس وقال رسول الله صلى الله عليه واله: "صلوا كما رأيتموني اصلي".

أن السيد الخوئي رضوان الله عليه بعد ذكر هذا الدليل ببيان منه قال: (فيه: أنّ هذه مصادرة واضحة، إذ لم يثبت أنّ الكيفية المزبورة مقيّدة بعدم الزيادة، بحيث يكون الجزء ملحوظاً بنحو بشرط لا بالنسبة إلى الزائد عليه. و مع الشكّ فهو مدفوع بالأصل، بناءً على ما هو الصحيح من الرجوع إلى البراءة في دوران الأمر بين الأقلّ و الأكثر الارتباطيين).

و أُخرى: بأنّه تشريع محرّم فيبطل. و فيه: أنّ التشريع و إن كان محرّماً و منطبقاً على نفس الجزء الذي شرع فيه، إلّا أنّ حرمته لا تسري إلى بقيّة الأجزاء كي تستوجب فساد العمل.

اللّٰهمّ إلّا أن يقصد من الأوّل الأمر المتعلّق بالمركّب من الزائد بنحو التقييد تشريعاً، حيث إنّه يوجب الفساد حينئذ لا محالة، لأنّ ما قصده من الأمر لا واقع له، و ما هو الواقع غير مقصود حسب الفرض. لكنّ البطلان من هذه الناحية خارج عن محلّ الكلام المتمحّض في البطلان من ناحية الزيادة من حيث هي زيادة، لا بعنوان آخر ممّا قد يكون و قد لا يكون كما لا يخفى.

و ثالثة: بأنّ مقتضى القاعدة هو الاشتغال لدى الشكّ في قادحية شي‌ء في صحّة العبادة. و فيه: أنّ المرجع هو أصالة البراءة في أمثال المقام كما عرفت آنفاً).[4]

ونتابع المناقشة في هذه المسألة في الأيام القادمة ان شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo