< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/06/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة / الفرق بين الاحتياط والاستصحاب وسائر الادلة المحرزة

قال السيد رضوان الله عليه: (مسألة 7): إذا كان الإمام يصلّي أداء أو قضاء يقينيّاً والمأموم منحصر بمن يصلّي احتياطيّاً يشكل إجراء حكم الجماعة من اغتفار زيادة الركن [ورجوع الشاكّ منهما إلى الآخر ونحوه] لعدم إحراز كونها صلاة،

نعم لو كان الإمام أو المأموم أو كلاهما يصلّي باستصحاب‌ ‌ الطهارة لا بأس بجريان حكم الجماعة لأنّه وإن كان لم يحرز كونها صلاة واقعيّة لاحتمال كون الاستصحاب مخالفاً للواقع إلّا أنّه حكم شرعيّ ظاهريّ، بخلاف الاحتياط فإنّه إرشاديّ (4) وليس حكماً ظاهريّاً (5)،

وكذا لو شكّ أحدهما في الإتيان بركن بعد تجاوز المحلّ فإنّه حينئذٍ وإن لم يحرز بحسب الواقع كونها صلاة لكن مفاد قاعدة التجاوز (6) أيضاً حكم شرعيّ فهي في ظاهر الشرع صلاة).

في اليوم الماضي تحدثنا حول الفرع الثاني من هذه المسألة حيث جوز السيد اجراء حكم الجماعة اذا كان الامام او المأموم او كلاهما يصلون باستصحاب الطهارة ونحن ايدنا في بحثنا هذا القول و رفضنا من يقول بلزوم اجراء كل واحد منهما استصحاب الطهارة في نفسه و في الطرف الآخر ببيان لا مزيد عليه.

واليوم نريد ان نتناول قول السيد حيث فرق بين الاستصحاب والاحتياط بان مفاد الأول حكم شرعي ظاهري ومفاد الثاني حكم عقلي ارشادي فنراجع الى بعض التعليقات:

(4) قال السيد الحكيم: (قد يكون شرعياً كما إذا شكّ في الإتيان وهو في الوقت)

هو رضوان الله عليه ناقش السيد على جعل مفاد الاحتياط حكما ارشاديا بقول مطلق وذكر مصداقاً للاحتياط الذي مؤداه حكما شرعيا وهو الشك في إتيان الصلاة قبل انقضاء وقتها فقد ورد روايات على لزوم اتيانها فالأمر بالاحتياط صدر من الشارع فهو أصبح واجباُ شرعياً.

منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ وَالْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‌ فِي حَدِيثٍ قَالَ: "مَتَى اسْتَيْقَنْتَ أَوْ شَكَكْتَ فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ أَنَّكَ لَمْ تُصَلِّهَا- أَوْ فِي وَقْتِ فَوْتِهَا أَنَّكَ لَمْ تُصَلِّهَا صَلَّيْتَهَا- وَإِنْ شَكَكْتَ بَعْدَ مَا خَرَجَ وَقْتُ الْفَوْتِ وَقَدْ دَخَلَ حَائِلٌ، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْكَ مِنْ شَكٍّ حَتَّى تَسْتَيْقِنَ، فَإِنِ اسْتَيْقَنْتَ فَعَلَيْكَ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي أَيِّ حَالَةٍ كُنْتَ".[1]

سنده صحيح وقوله: "مَتَى اسْتَيْقَنْتَ أَوْ شَكَكْتَ فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ أَنَّكَ لَمْ تُصَلِّهَا- أَوْ فِي وَقْتِ فَوْتِهَا أَنَّكَ لَمْ تُصَلِّهَا صَلَّيْتَهَا" تدل على وجوب إتيان الصلاة إذا شك في اتيانها في الوقت.

ولكن يمكن ان يقال ليس كل ما ورد عليه نص من الشارع حكماً شرعياً بل الشارع كثيراً مّا يرشد الى حكم العقل فوجوب إتيان الصلاة حكم شرعي ولكن لزوم الاحتياط عند الشك في اتيانها في الوقت حكم عقلي، ارشد اليه هذه الرواية المباركة فمن لم يحتط لا يؤاخذ على ترك الاحتياط بل يؤاخذ على عدم إتيان الصلاة ان اتفق، نعم اذا كان في الواقع صلى سابقاً فلا يؤاخذ على ترك الفريضة وانما يستحق العتاب بل العقاب على الترك المتجرّى به. فالمكلف إذا عزم على فعل حرام او ترك واجب ثم ندم ولم يقدم على الحرام او ترك الواجب فلا يؤاخذ على شيء ولكن اذا ترك الواجب او اقدم على الحرام فهو مؤاخذ بفعل الحرام وترك الواجب وهناك شق ثالث وهو من اقدم على شيء بزعم انه مصداق للحرام او ترك شيءً يزعم انه واجب فهذا الفعل او الترك لم يصاف الحرام والواجب ولكن ما فعلة او تركه كان تجرّيا على المولى فيستحق العقاب لتجريه على المولى بفعل ما كان يزعمه حراما او ترك ما كان يزعمه واجباً وما نحن فيه من هذه المقولة، لمن لا يصادف فعله للحرام او تركه للواجب.

وقال السيد الخوئي: (لا فرق في الإشكال بين كونه إرشادياً وكونه مولوياً).

ان هذا الكلام منه رضوان الله عليه دقيق صحيح فان الاحتياط وان تعلق به امر المولى وكان واجباً شرعياً فلا يوجب ان يكون الفعل المحتاط به واجباً شرعياً فان من يشك في إتيان الصلاة في الوقت فيصلي ان كان في الواقع صلاها سابقاً لا يصبح هذا الفرد الاحتياطي صلاةً شرعية. وتختلف عن مورد الاستصحاب فان هناك يتعلق الامر بنفس المستصحب ولكن في الاحتياط يتعلق الامر بنفس الاحتياط لا بالفعل المحتاط به كما ان في الشبهات المحصورة يجب الاجتناب عن جميع الاطراف مقدمة لعدم إصابة الحرام وليس سائر الأطراف حرام بنفسه. كما في الموارد فتاوى بالجمع بين القصر والاتمام في الواقع ليس الا واجبا واحدا ولكن مقدمة لامتثال الواجب يجب إتيان جميع افراد المحتمل. وهذا هو الفرق بين مؤدى الاحتياط ومؤدى الاستصحاب او الامارات الأخرى.

(5) قال السيد الفيروزآبادي: (الاحتياط حكم ظاهري شرعي إرشادي).

نعم الاحتياط قد يكون واجباً ولكن المحتاط به لم يتعلق به الحكم الا ما هو مصادف مع الواق

اما الفرع الثالث المذكور في كلام المصنف هو قوله: (وكذا لو شكّ أحدهما في الإتيان بركن بعد تجاوز المحلّ فإنّه حينئذٍ وإن لم يحرز بحسب الواقع كونها صلاة لكن مفاد قاعدة التجاوز (6) أيضاً حكم شرعيّ فهي في ظاهر الشرع صلاة).

المراد ان الإمام او المأموم مثلاً في السجدة شك في إتيان الركوع فقاعدة التجوز تعبده على انه اتى بالركوع ولكن في الواقع هو يحتمل نسيانه بإتيان الركوع وفي الواقع لو لم يأت بالركوع فصلاته باطلة واقعاً ولكن قاعدة التجاوز عبدته على الاتيان فصلاته ظاهرا محكوم بالصحة فيجوز اجراء احكام الجماعة فيها من تبعية كل من الامام والمأموم بالآخر عن الشك في عدد الركعة كذا ازدياد الركوع والسجود متابعة للإمام إذا قام المأموم من ركوعه او سجوده فرأى ان الامام لازال في الركوع او السجدة. وهذا ما أشار اليه الامام الخميني في تعليقته على هذا الفرع:

(6) قال الإمام الخميني: (لا بأس بالأخذ بها في الصلاة الاحتياطية أيضاً وإن لم يحرز كونها صلاة في ظاهر الشرع لأنّها إمّا صلاة واقعاً تجري فيها القاعدة أو ليست بصلاة فلا يحتاج المكلّف الى تصحيحها لصحّة صلاته السابقة).

قال المصنف: (مسألة 8): إذا فرغ الإمام من الصلاة والمأموم في التشهّد، أو في السلام الأوّل لا يلزم عليه نيّة الانفراد، بل هو باق على الاقتداء عرفاً (5)

(5) قال السيد الحكيم: (وشرعاً).

وقال السيد الخوئي: (بل وحقيقة، فلا يلزم عليه نيّة الانفراد، ولا يصير منفرداً قهراً)

والسر في ذلك ان الاقتداء هو جعل الامام قدوة في صلاته أي يجعل المأموم افعاله تابعا للإمام ولا يشترط في تحقق عنوان المتابعة التزامن بين الأفعال ولذا في اثناء الصلاة قد يتخلف المأموم عن الامام حتى بعض الفقهاء قالوا ان التخلف لا يبطل الجماعة الا اذا كان في ركنين وبعضم حددوا بالركن واحد و لكن صدق المتابعة والاقتداء يعود الى الفهم العرفي فموضوع حكم الشرع هو القدوة العرفية فبعد السلام اذا لم يبق من صلاة المأموم الا مقدارا قليلاً بحيث يصدق عرفاً متابعته للإمام فهو باق على الاقتداء عرفاً وشرعاً وواقعاً.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo