< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/06/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة / دراسة المسألة الخامسة والسادسة من المسائل الاخیرة فی صلاة الجماعة

قال المصنف رضوان الله عليه: (مسألة 5): إذا رأى الإمام يصلّي ولم يعلم أنّها من اليوميّة أو من النوافل لا يصحّ الاقتداء به (2)، وكذا إذا احتمل أنّها من الفرائض التي لا يصحّ اقتداء اليوميّة بها، وإن علم أنّها من اليوميّة لكن لم يدر أنّها أيّة صلاة من الخمس أو أنّها أداء أو قضاء أو أنّها قصر أو تمام لا بأس بالاقتداء، ولا يجب إحراز ذلك قبل الدخول، كما لا يجب إحراز أنّه في أيّ ركعة كما مرّ).

تعليقة: (2) قال السيد الخوانساري: (بل لا يبعد صحّة الاقتداء رجاءً مع انكشاف كونه فريضة يومية). أي برجاء كونها فريضة.

ولكنه مشكل لأنّه عند ما كبّر للصلاة لا يدري دخل في الجماعة او لا؟ والاصل عدم الدخول لاستصحاب عدم النعتي، أي قبل دخوله في الصلاة لم يكن في صلاة ولا في جماعة فاذا كبر بنية الاقتداء بمن لا يدري هل يصلي فريضة او نافلة فدخوله في الصلاة ظاهر ولكن تحقق الجماعة مشكوك فيستصحب عدمها فيصبح عدم الدخول في الجماعة معلوم تعبدي. مثله من كان له ثوب نجس ويحتمل ان زوجته غسلته، فهل يجوز له ان يصلي فيه؟ الظاهر لا، لانّ استصحاب النجاسة يحرز له العلم بالنجاسة تعبداً، فلا تنعقد له صلاة فيه. كذلك في قصتنا هو عند ما كبّر لا يدري هل دخل في الجماعة أولا؟ استصحاب عدم الدخول يثبت له العدم تعبداً فلا يمكن له التعبد بصحة الجماعة.

فالميزان في هذه المسألة هو احراز موضوع الاقتداء الصحيح فلا يجوز له الاقتداء الا بعد احراز كون الامام عادلاً مشتغلا بفريضة يجوز الاقتداء بها، فقول السيد رضوان الله عليه هو الأقرب.

قال السيد المصنف: (مسألة 6): القدر المتيقّن من اغتفار زيادة الركوع للمتابعة سهواً زيادته مرّة واحدة في كلّ ركعة وأمّا إذا زاد في ركعة واحدة أزيد من مرّة كما إذا رفع رأسه قبل الإمام سهواً ثمّ عاد للمتابعة ثمّ رفع أيضاً سهواً ثمّ عاد، فيشكل الإغتفار فلا يترك الاحتياط حينئذٍ بإعادة الصلاة بعد الإتمام، وكذا في زيادة السجدة القدر المتيقّن اغتفار زيادة سجدتين في ركعة وأما إذا زاد أربع فمشكل‌ (1)

تنبيه: هل هذه المسألة مصداق للترخيص بزيادة الركوع او السجود في صلاة الجماعة تبعا للإمام؟

يمكن القول بان هنا ليس من ازدياد ركوع او سجود بل هو عود للركوع السابق والسجود السابق لان المأموم يعود الى الركوع الذي كان فيه والسجدة التي كان فيها، كما ان في نص الروايات استفادت من مفردة العود لا انشاء ركوع او سجدة اُخرى.

وعلى كل حال ذكر المصنف في هذه المسألة فرعان: أحدهما في الركوع والثاني في السجود اما الركوع فقد ورد له روايات:

منها: ما رواه الشيخ عن سعد بن عبد الله الاشعري عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: "سَأَلْتُهُ عَمَّنْ رَكَعَ مَعَ إِمَامٍ يَقْتَدِي بِهِ- ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ- قَالَ يُعِيدُ رُكُوعَهُ مَعَهُ".[1] في سنده محمد بن سهل الاشعري وهو محمد بن سهل بن اليسع بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الاحوص الاشعري روى عن الرضا عليه السلام ولم يرد له توثيق، فالسند ضعيف ولكن الدلالة صريحة على المطلوب.

ومنها: ما رواه الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَنْ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع "عَنِ الرَّجُلِ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ- يَقْتَدِي بِهِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ- قَالَ يُعِيدُ رُكُوعَهُ مَعَهُ".[2] سنده جيد، ودلالته صريحة ومحمول على عدم التعمّد في رفع الرأس لان بطلان الصلاة بتكرار الركوع عمدا امر مفروغ عنه.

ومنها: ما رواه الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: "سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ- يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَبْلَ الْإِمَامِ- أَ يَعُودُ فَيَرْكَعُ إِذَا أَبْطَأَ الْإِمَامُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ مَعَهُ قَالَ لَا". وَرَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. [3]

فله سندان كلاهما جيد، اما من حيث الدلالة فهي تدل على عدم جواز العود ولكن لا منافات بينها وبين الروايات الآمرة بالعود الى الركوع، لانّ هذه تحمل اما على التعمّد في القيام من الركوع او المماطلة بعد القيام للعود الى الركوع وفي كلا الموردين يفتون الفقهاء أيضاً بعدم جواز العود الى الركو

اما الفرع الثاني في مسألة وهو قاله: (وكذا في زيادة السجدة القدر المتيقّن اغتفار زيادة سجدتين في ركعة وأما إذا زاد أربع فمشكل‌ (1)

عليه تعليقات:

.(1) قال الشيخ الحائري: (فيما زاد على السجدة الواحدة للمتابعة في كلّ سجدة إشكال).

وقال السيد الگلپايگاني: (بل المغتفر زيادة سجدة في كلّ سجدة فإذا عاد في سجدة واحدة أزيد من مرّة فيشكل).

وقال الإمام الخميني: (في كلّ سجدةٍ سجدةٌ وأمّا زيادة سجدتين في سجدة فمحلّ إشكال أيضاً).

المعلقون متفقون في المراد بان في كل سجدة يغتفر سجدتا واحدة

ولعل مراد السيد أيضا نفس ما يقولون به المعلقون حيث قال: (اغتفار زيادة سجدتين في ركعة) وفي كل ركعة سجدتين وهو الذي ورد في كلام المعلقين. فقوله: "وأما إذا زاد أربع" عنى بذلك مجموع سجدتي المرافقة للإمام وسجدتي المتابعة. فتأمل.

وعلى كل حال الدليل على اغتفار سجدة في سجدة روايات:

. منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع "عَنْ رَجُلٍ صَلَّى مَعَ إِمَامٍ يَأْتَمُّ بِهِ- ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ- قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَالَ فَلْيَسْجُدْ". [4] اما طريق الصدوق الى الفضيل على ما ذكر في مشيخته هو: (محمد بن موسى بن متوكل رضي الله عنه عن علي بن حسين السعد آبادي عن احمد بن ابي عبد الله البرقي عن ابيه عن ابن ابي عمير ن عمر بن الاذينة عن فضيل بن اليسار) ومحمد بن موسى لم يرد له توثيق ولكن الصدوق كلما يذكر اسمه يترضى عنه بينما هو لا يترضى لكل من يذكره، وهو كان شيخه فيمكن استفادة التوثيق من كلامه، وعلي بن الحسين السعد آبادي من عدة كليني فيما يروي عن احمد بن محمد بن خالد البرقي. فالسند لا بأس به ولو عَدّه بعض الفقهاء ضعيفاً. ولكن الدلالة انما يدل بجواز العود لمرة واحدة.

ومنها: ما رواه الشيخ عن احمد بن محمد- عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ- فَأَرْفَعُ رَأْسِي قَبْلَهُ؟ أُعِيدُ؟ قَالَ: أَعِدْ وَاسْجُدْ"[5]

في السند معاوية بن حُكيْم والكشي قال في شأنه: (من أجلة العلماء والفقهاء والعدول كوفي فطحي)

وقال نجاشي فيه: (معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار الدهني ثقة جليل في أصحاب الرضا عليه السلام) ومحمد بن علي بن فضال كان فتحياً ثقة فالسند موثق.

اما الدلالة فأمر الامام عليه السلام على العود الى السجدة دليل على الجوا

فهذه الروايات انما نطقت بجواز سجدة واحدة ولا دلالة فيها لجواز أكثر من مرة في كل سجدة واثبات الشيء لا ينفي ما عداه ولكن الأصل في الصلاة ان الزيادة او النقيصة في افعال الصلاة مبطل لها الا ما خرج بالدليل والدليل غير شامل للمكرر. فالأقرب والأحوط عدم العود الى السجدة مرة أخرى.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo