< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /شك المأموم في عدد السجدة

قال السيد: (مسألة 2): إذا شكّ المأموم بعد السجدة الثانية من الإمام أنّه سجد معه السجدتين أو واحدة يجب عليه الإتيان بأُخرى إذا لم يتجاوز المحلّ (1).

تعليقة: (1) قال الشيخ الجواهري: (لا يبعد رجوع المأموم إلى حفظ الإمام).

تفرض في هذه المسألة حالتان: أحداهما: ان يكون الشك في إتيان السجدة الثانية ناشئ عن شكه في فعل الامام من انه هل اتى بسجدة واحدة او اتى بسجدتين، هنا يجوز القول بالبناء على ما بنى عليه الامام، فليس عليه سجدة أخرى اعتمادا على علم الامام، لما دلّ على رجوع كلّ من الإمام والمأموم إلى الآخر لدى الشكّ، مع حفظ الآخر، ويدل على هذا المعنى صحيحة حفص بن البختري واليك نصها:

روى في الكافي عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ وَلَا عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ وَلَا عَلَى السَّهْوِ سَهْوٌ وَلَا عَلَى الْإِعَادَةِ إِعَادَةٌ". [1]

المراد من هذا الحديث نفي حكم السهو عن الامام اعتمادا على مأمومه ونفي حكم السهو عن المأموم اعتماداً على امامه، أي إذا شك أحدهما في شيء مشترك بينهما من الصلاة، يعتمد على حفظ صاحبه ولا يعتني بشكه وهذه الصحيحة ولو من ناحية اللفظ مطلقة تشمل كل شك للمأموم او للإمام ولكن مناسبة الحكم والموضوع تفيدنا ان علة نفي السهو عن كل واحد منهما توفير بديل له وهو علم المشارك له في العمل، وقد ورد في روايات أخرى أيضا إشارة الى حفظ كل من الامام والمأموم للآخر.

منها: ما رواه الكليني عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‌ ‌قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْإِمَامِ يُصَلِّي بِأَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ أَوْ خَمْسَةِ أَنْفُسٍ وَيُسَبِّحُ اثْنَانِ عَلَى أَنَّهُمْ صَلَّوْا ثَلَاثاً وَيُسَبِّحُ ثَلَاثَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ صَلَّوْا أَرْبَعاً وَيَقُولُ هَؤُلَاءِ قُومُوا وَيَقُولُ هَؤُلَاءِ اقْعُدُوا وَالْإِمَامُ مَائِلٌ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ مُعْتَدِلُ الْوَهْمِ، فَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ إِذَا حَفِظَ عَلَيْهِ مَنْ خَلْفَهُ سَهْوَهُ بِإِيقَانٍ مِنْهُمْ، وَلَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ إِذَا لَمْ يَسْهُ الْإِمَامُ" الى ان قال: "فَإِذَا اخْتَلَفَ عَلَى الْإِمَامِ مَنْ خَلْفَهُ- فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فِي الِاحْتِيَاطِ الْإِعَادَةُ وَالْأَخْذُ بِالْجَزْمِ". [2]

هذه الرواية ولو هي ضعيفة السند لجهالة الراوي عن الامام ولكن يونس بن عبد الحمن من الاجلاء الذي لا يروي عن الامام الا ان يثق به هو الذي روى الكشي في شأنه عن فضل بن شاذان قال حدثني عبد العزيز المهتدي وكان خير قمي رأيته، وكان وكيل الرضا عليه السلام وخاصته قال: سألت الرضا عليه السلام فقلت: "اني لا القاك في كل وقت فممن آخذ معالم ديني؟ قال خذ من يونس بن عبد الرحمن". وروى أيضا عن الرضا عليه السلام انه ضمن ليونس الجنة ثلاث مرات وغيرها من المدائح الكثيرة، فلا يمكن طرد كلامه بمجرد اننا لا نعرف المروي عنه؟

اما من حيث الدلالة فقد حصر نفي السهو بما اذا حفظه الآخر في قوله: "لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ إِذَا حَفِظَ عَلَيْهِ مَنْ خَلْفَهُ سَهْوَهُ بِإِيقَانٍ مِنْهُمْ، وَلَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ إِذَا لَمْ يَسْهُ الْإِمَامُ" ففي غير هذه الصورة لا متابعة بين المأموم و الامام.

والحالة الثانية: إذا لم يكن الشك في فعل الامام بل هو يشك في فعل نفسه من انه هل تابع الامام في السجدتين او اخذته الغفلة ولم يتابع الامام في سجدته الأولى وانما تابعه في السجدة الثانية فهي سجدته الأولى، والظاهر ان مراد المصنف هذا الفرض حيث قال: (بعد السجدة الثانية من الإمام أنّه سجد معه السجدتين أو واحدة) ففي هذا الفرض يجب ان يجري قاعدة الشكّ، فيعتني به إن كان في المحلّ، و لا يعتني إذا جاوزه، فلو طرء عليه الشك في حال السجود او قبل الدخول في التشهد يجب عليه ان يبني على عدم اتيان الثانية فيسجد، ثم يتابع صلاته مع الامام، اما لو طرء اليه الشك بعد ما دخل في التشهد فقد تجاوز المحل فلا يعتني بشكه وهذا الذي ذهب اليه المصنف.

قال السيد رضوان الله عليه: (مسألة 3): إذا اقتدى المغرب بعشاء الإمام وشكّ في حال القيام أنّه الرابعة أو الثالثة ينتظر حتّى يأتي الإمام بالركوع والسجدتين حتّى يتبيّن له الحال، فإن كان في الثالثة أتى بالبقية (1) وصحّت الصلاة، وإن كان في الرابعة يجلس ويتشهّد ويسلّم ثمّ يسجد سجدتي السهو لكلّ واحد من الزيادات (2) من قوله: «بحول اللّٰه» وللقيام وللتسبيحات إن أتى بها أو ببعضها).

تعليقات:

(1) قال السيد البروجردي: (مع رابعة الإمام وكذا في الفرض الثاني يتشهّد ويسلّم معه).

(2) قال السيد البروجردي: (على الأحوط كما يأتي).

وقال الإمام الخميني: (على الأحوط وإن كان الأقوى عدم الوجوب فيها نعم لا ينبغي ترك الاحتياط لقيامه).

والوجه في هذا الحكم انه عند ما يشك هو في الرابعة او الثالثة فلا يدري هل يجوز له متابعة الامام او يحرم عليه، فعليه تحري الموضوع وهذا لا يمكن له الا ان يصبر لإكمال الامام الركعة فان كانت ثالثة والامام قام يتابع ثالثته مع رابعة الامام وان تشهد الامام يعرف انه كان في الرابعة حال القيام فيجلس حتى يعود الى مرحلة تشهد الثالثة فيتشهد ويسلم. انما الكلام في انه هل مستمر في الجماعة في كلا الفرضين او انقلبت صلاته الى الفرادى. لأنّه ترك متابعة الامام منذ كان قائما ولأكثر من ركن، والذي يسهل الخطب عدم ترتب أثر عمليّ على هذه المسألة لانّ كل اعماله على عهدته فالاحتياط ان يواكب الامام بقصد القربة المطلقة. وكذلك لا تبطل صلاته لان شك في عدد الركعات الثنائية والثلاثية انما يكون مبطلا إذا أصبح مستقراً، لكن اذا ذهب الشك في اثناء الصلاة فليس مبطلاً لها. وفي ما نحن فيه يحصل على يقين من امره بعد سجدة الثانية للإمام.

قال السيد رضوان الله عليه: (مسألة 4: إذا رأى من عادل كبيرة لا يجوز الصلاة خلفه إلّا أن يتوب مع فرض بقاء الملكة فيه (1)، فيخرج عن العدالة بالمعصية ويعود إليها بمجرّد التوبة).

(1) قال الإمام الخميني: (ولا محمل صحيح لارتكابها)

وقال الشيخ كاشف الغطاء: (بل وصغيرة مع العمد والالتفات التفصيلي لحرمتها).

في هذا المسألة من يقول بان العدالة هي ملكة قائمة بالنفس رادعة عن ارتكاب الكبائر والإصرار على الصغائر فلابد من احرازها عند الامام. واما على قول من يرى العدالة هي السير على جادة الشرع عمليا فلا حاجة عنده من احراز الملكة كالسيد الخوئي وغيره من الفقهاء الذين ذهبوا الى ان العدالة من مقولة العمل وليست الملكة.

قال السيد الخوئي: (العادل بارتكابه الذنب قد خرج عن الجادّة المستقيمة، وسلك غير الشريعة القويمة، فهو غير متّصف بهذه الصفة وقتئذ، وبمجرّد التوبة يعود بمقتضى قوله (عليه السلام): «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» إلى ما كان ويرجع إلى جادّة الشرع، ويتّصف بالاستقامة العملية، فيكون عادلًا ويصح الاقتداء به)، [3]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo