< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/06/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /مكروهات صلاة الجماعة

قد تحدثنا قبل العطلة الفاطمية سلام الله عليها حول أربعة من المكروهات في صلاة الجماعة واليوم نذكر المكروه الخامس على ما قاله المصنف رضوان الله عليه:

(الخامس: إسماع المأموم الإمام ما يقوله بعضاً أو كلّا).

أي ينبغي ان لايسمع الامام عن المأموم شيئا ولا يفوت عن المأموم سماع شيء من اذكار الامام. وقد تدل على هذا المعنى روايات عديدة واليك بعضها:

.1 روى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: "يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ خَلْفَهُ التَّشَهُّدَ، وَلَا يُسْمِعُونَهُ هُمْ شَيْئاً يَعْنِي الشَّهَادَتَيْنِ، وَيُسْمِعَهُمْ أَيْضاً السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ". وَرَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ وَالشَّيْخُ كَمَا مَرَّ فِي التَّشَهُّدِ [1]

سند الصدوق الى الحفص صحيح وقد وثقه النجاشي فالسند لا بأس به. فيفيد لما أردناه ولكن في خصوص التشهد والسلام.

.2 وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: "لَا تُسْمِعَنَّ الْإِمَامَ دُعَاكَ خَلْفَهُ". [2]

السند صحيح ولكنه في خصوص الدعاء من المأموم.

.3 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ خَلْفَهُ كُلَّ مَا يَقُولُ، وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ خَلْفَهُ أَنْ يُسْمِعُوهُ شَيْئاً مِمَّا يَقُولُ".[3] سنده لا بأس به كما قلنا سابقا فانّ حجّال مشترك بين ثلاث أحدهم لم يرد له توثيق ولكنه محمول على الصحيح منهم لشهرته. والدلالة تامة مطلقة تشمل جميع الاذكار.

.4 الْعَيَّاشِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْإِمَامِ- هَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ كَثُرُوا- قَالَ لِيَقْرَأْ قِرَاءَةً وَسَطاً- إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَلٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ وَلٰا تُخٰافِتْ بِهٰا وَعَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَذَكَرَ مِثْلَهُ. وَرَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ كَمَا مَرَّ فِي الْقِرَاءَةِ"[4]

ولو ان العياشي رواه مرسلا ولكن الكليني رواه بسند صحيح وهو يدل على الاسماع ما دام لم يتجاوز عن حد الوسط.

.5 وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ وَلٰا تُخٰافِتْ بِهٰا﴾ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ جَهَرَ بِصَلَاتِهِ، فَيَعْلَمُ بِمَكَانِهِ الْمُشْرِكُونَ، فَكَانُوا يُؤْذُونَهُ فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عِنْدَ ذَلِكَ".[5]

قال صاحب الوسائل: أَقُولُ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى رُجْحَانِ الْجَهْرِ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ لِيَسْمَعَ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ.

.6وَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ وَلٰا تُخٰافِتْ بِهٰا﴾ قَالَ: "نَسَخَتْهَا ﴿فَاصْدَعْ بِمٰا تُؤْمَرُ﴾".[6]

ان الروايات الواردة، فيها إطلاق يشمل اذا كان الامام رجلاً او امرأةً ولكن هناك روايات ترفع هذا الحكم عن الامام إذا كانت امرأة واليك إيّاها:

.7 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ وَأَبِي قَتَادَةَ جَمِيعاً عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ ع قَالَ: "سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَؤُمُّ النِّسَاءَ، مَا حَدُّ رَفْعِ صَوْتِهَا بِالْقِرَاءَةِ وَالتَّكْبِيرِ، فَقَالَ: "قَدْرُ مَا تَسْمَعُ". [7]

هناك ذهب الفقهاء بعدم جواز رفع الامام صوته صياحاً وقد اشارت بعض الروايات لبيان حد الأقل والأكثر للصوت عند القراءة واليك نموذج منها:

.1 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ وَابْنِ بُكَيْرٍ جَمِيعاً عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: "لَا يُكْتَبُ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ إِلَّا مَا أَسْمَعَ نَفْسَهُ".[8]

سندها صحيح لا ريب فيه وتدل على حد الأقل اللازم لصوت القراءة.

.2 وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: "سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ، وَلٰا تُخٰافِتْ بِهٰا﴾ قَالَ الْمُخَافَتَةُ مَا دُونَ سَمْعِكَ، وَالْجَهْرُ أَنْ تَرْفَعَ صَوْتَكَ شَدِيداً".[9] السند موثق وتدل على الحدين الأقل والأكثر من الصوت الجائز.

قال المصنف: (السادس: ائتمام الحاضر بالمسافر والعكس مع اختلاف صلاتهما (1) قصراً وتماماً و أمّا مع عدم الاختلاف كالائتمام في الصبح و المغرب فلا كراهة، و كذا في غيرهما أيضاً مع عدم الاختلاف، كما لو ائتمّ القاضي بالمؤدّي أو العكس، و كما في مواطن التخيير إذا اختار المسافر التمام، و لا يلحق نقصان الفرضين بغير القصر و التمام بهما في الكراهة، كما إذا ائتمّ الصبح بالظهر أو المغرب بالعشاء أو بالعكس).

تعليقة: (1) قال السيد الفيروزآبادي: (مطلقاً فإنّ المناط الحاضر والقاصر لا المقصّر والمتمّم).

ان صاحب الوسائل خصص لهذه المسألة باب 18 من أبواب صلاة الجماعة فقال:

(بَابُ جَوَازِ اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْحَاضِرِ وَبِالْعَكْسِ عَلَى كَرَاهِيَةٍ وَوُجُوبِ مُرَاعَاةِ كُلٍّ مِنْهُمْ عَدَدَ صَلَاتِهِ قَصْراً وَتَمَاماً وَجَوَازِ اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ فِي الْفَرِيضَتَينِ بِالْحَاضِرِ فِي وَاحِدَةٍ‌)

ان الروايات الواردة في الباب كلها في وظيفة المسافر خلف المتم وبالعكس وانما ورد النهي في واحدة منها وهي:

قال في الوسائل: وَعَنْهُ -أي محمد بن الحسن باسناده عن حسين بن سعيد- عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ يَعْنِي الْمُرَادِيَّ قَالَ: "قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَا يُصَلِّي الْمُسَافِرُ مَعَ الْمُقِيمِ- فَإِنْ صَلَّى فَلْيَنْصَرِفْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ".[10]

سندها صحيح ونهي المسافر عن الصلاة خلف المقيم يحمل على الكراهة لقوله في ذيل الحديث "فان صلى" وما ورد في سائر روايات الباب مما تدل على جواز اقتداء كل من المسافر والمقيم على الآخر ونحن لا نتعرض لها لما مضى من بحوثنا في هذا المورد.

وهذه المسألة آخر ما ذكره المصنف من مكروهات صلاة الجماعة، وفي مختتم مبحث صلاة الجماعة اتى رضوان الله عليه بواحدة وعشرين مسألة مما فاتته في موضوع صلاة الجماعة ليكمل بحثه فيها فناتي اليها غدا وما بعده من الأيام ان شاء الله تباعاً للمصنف.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo