< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/05/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /في مستحبات الجماعة

اليوم الماضي عطل الدرس لوفاة آية الله سيد صادق روحاني رحمة الله عليه.

كان بحثنا في قول المصنف: العاشر: (أنْ لا يقوم الإمام من مقامه بعد التسليم، بل يبقى على هيئة المصلي حتّى يتمّ من خلفه صلاته من المسبوقين أو الحاضرين لو كان الإمام مسافراً، بل هو الأحوط.) الى هنا انتهينا من البحث وقد دل على هذا الحكم روايات عديدة وقال السيد في تتميم المسألة: (ويستحبّ له أن يستنيب من يتمّ بهم الصلاة عند مفارقته لهم، ويكره استنابة المسبوق بركعة أو أزيد، بل الأولى عدم استنابة من لم يشهد الإقامة).

ويستفاد من هذا الكلام استحباب استنابة الامام غيره ليئم صلاة الباقين في بقية صلاتهم، ثم بين كراهة استنابة المسبوق مطلقاً بالأخص المسبوق بركعة او أزيد.

ويدل على هذا الحكم روايات:

.1منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ "أَنَّهُ سَأَلَ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍع: "عَنِ الْإِمَامِ أَحْدَثَ- فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُقَدِّمْ أَحَداً مَا حَالُ الْقَوْمِ- قَالَ لَا صَلَاةَ لَهُمْ إِلَّا بِإِمَامٍ فَلْيُقَدَّمْ بَعْضُهُمْ- فَلْيُتِمَّ بِهِمْ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ". مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ مِثْلَهُ.[1]

سنده صحيح والدلالة تفيد نفي الصلاة الا بإمام، ويحمل هذا النفي الى نفي الكمال لان الجماعة ليست واجبة كما بحثنا سابقا بانه يجوز للمصلي ان ينفصل عن الجماعة في اثناء صلاته للاستعجال او حوائج أخرى.

.2 ومنها ما رواه الصدوق بقوله: (وَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع "مَا كَانَ مِنْ إِمَامٍ تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ- وَهُوَ جُنُبٌ نَاسِياً أَوْ أَحْدَثَ حَدَثاً- أَوْ رَعَفَ رُعَافاً أَوْ أَزّاً فِي بَطْنِهِ- فَلْيَجْعَلْ ثَوْبَهُ عَلَى أَنْفِهِ ثُمَّ لْيَنْصَرِفْ- وَلْيَأْخُذْ بِيَدِ رَجُلٍ فَلْيُصَلِّ مَكَانَهُ- ُثمَّ لْيَتَوَضَّأْ وَلْيُتِمَّ مَا سَبَقَهُ بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ- وَإِنْ كَانَ جُنُباً فَلْيَغْتَسِلْ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ كُلَّهَا). [2] هذه مرسلة الصدوق منتسباً الى المعصوم، اما الدلالة ففيها مشكل لأن الإتمام في كل هذه الموارد خلاف مسلم الفقه، فلابد من الحمل الى التقية او نحمله على مورد الرعاف إذا أمكن التطهير من دون الاخلال بصورة الصلاة. اما دلالتها على جواز الاستنابة فلا بأس بها.

.3 ومنها: ما رواه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: "سَأَلْتُهُ عَنْ إِمَامٍ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ- فَأَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ كَيْفَ يَصْنَعُ- قَالَ يُقَدِّمُ غَيْرَهُ فَيَسْجُدُ وَيَسْجُدُونَ- وَيَنْصَرِفُ وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ".[3] فالسند ان الحميري يروي عن عبد الله بن الحسن وهو لم يرد له توثيق في الرجال وهو حفيد إمام الحسن عليه السلام ولم يرد عليه قدح وقد روى عنه الحميري وهو عن علي بن جعفر كثير من الروايات وقد يسمى مثل هذا الحديث بالحسنة.

اما الدلالة فقد امر الامام عليه السلام ان يقدم الامام الذي أحدث وبطلت صلاته غيره لإكمال صلاتهم به. ولكن الموضوع في هذه الرواية غير واضحة فلعله قرء آية السجدة في اثناء الصلاة غفلة ثم احدث وقدم غيره لإكمال الصلاة فاكملوا صلاتهم بعد انهاء الصلاة سجدوا مع امام الثاني، والمهم تقديم الغير للإمامة.

.4 ومنها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَمَّ قَوْماً فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ مَاتَ- قَالَ يُقَدِّمُونَ رَجُلًا آخَرَ فَيَعْتَدُّ بِالرَّكْعَةِ- وَيَطْرَحُونَ الْمَيِّتَ خَلْفَهُمْ وَيَغْتَسِلُ مَنْ مَسَّهُ. وَرَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ، وَرَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ).[4]

سندها صحيح وقد اجتمع في روايتها المحمدون الثلاثة. والدلالة امر الامام بتقديم رجل في ظرف موت امام الجماعة.

.5 مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الصَّادِقِ ع "فِي إِمَامٍ قَدَّمَ مَسْبُوقاً بِرَكْعَةٍ- قَالَ إِذَا أَتَمَّ صَلَاةَ الْقَوْمِ بِهِمْ- فَلْيُومِ إِلَيْهِمْ يَمِيناً وَشِمَالًا- فَلْيَنْصَرِفُوا ثُمَّ لْيُكْمِلْ هُوَ مَا فَاتَهُ مِنْ صَلَاتِهِ".[5] سنده صحيح ودلالته تقرير الامام على استنابة المسبوق.

.6 وما رواه صدوق بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنِ الصَّادِقِ ع فِي رَجُلٍ أَمَّ قَوْماً عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَانْصَرَفَ- وَقَدَّمَ رَجُلًا وَلَمْ يَدْرِ الْمُقَدَّمُ مَا صَلَّى الْإِمَامُ قَبْلَهُ- قَالَ يُذَكِّرُهُ مَنْ خَلْفَهُ.[6] سنده صحيح، ولكن في دلالته مشكلة بما ان الإمام الأول لم يكن متوضأً فالجماعة لم تتحقق فكيف يمكن انعقاد الجماعة في اثناء الصلاة وقد مربنا في المباحث السابقة بأن صلاة الفرادى لا يمكن في الاستمرار أن تنقلب الى الجماعة، ولكن دلالتها على جواز الاستنابة لا بأس بها.

.7 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع "عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي الْمَسْجِدَ، وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَيَعْتَلُّ الْإِمَامُ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ، وَيَكُونُ أَدْنَى الْقَوْمِ إِلَيْهِ فَيُقَدِّمُه؟ فَقَالَ يُتِمُّ صَلَاةَ الْقَوْمِ ثُمَّ يَجْلِسُ، حَتَّى إِذَا فَرَغُوا مِنَ التَّشَهُّدِ، أَوْمَأَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ عَنِ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ، وَكَانَ الَّذِي أَوْمَأَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ التَّسْلِيمَ وَانْقِضَاءَ صَلَاتِهِمْ، وَأَتَمَّ هُوَ مَا كَانَ فَاتَهُ أَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ".

سنده صحيح ودلالته إقرار الامام عليه السلام باستنابته وتعليمه علاج الامر.

.8 وما رواه الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "لَا يَؤُمُّ الْحَضَرِيُّ الْمُسَافِرَ- وَ لَا الْمُسَافِرُ الْحَضَرِيَّ- فَإِنِ ابْتُلِيَ بِشَيْ‌ءٍ مِنْ ذَلِكَ فَأَمَّ قَوْماً حَضَرِيِّينَ فَإِذَا أَتَمَّ الرَّكْعَتَيْنِ سَلَّمَ- ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ بَعْضِهِمْ فَقَدَّمَهُ فَأَمَّهُم" الحديث[7]

في سنده داوود بن حصين قال فيه النجاشي: (داوود بن حصين الاسدي مولاهم كوفي ثقة) وفيه ابو العباس الفضل بن عبد الملك هو المعروف بالبقباق قال فيه النجاشي: (مولى كوفي ثقة عين) فالسند صحيح والدلالة واضحة فهذه الروايات الكثيرة وفيها الصحاح والموثقات ولو كل واحدة منها وردت في مورد الا اننا نستفيد من الجميع ان الشارع المقدس يريد ان لا يقطع الجماعة لعذر الامام أياً كان فيستحب مداومة المأمومين بإمام آخر.

اما قوله: (ويكره استنابة المسبوق بركعة أو أزيد، بل الأولى عدم استنابة من لم يشهد الإقامة).

يدل على كراهة استنابة المسبوق روايات:

.1منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‌ عَنْ رَجُلٍ يَؤُمُّ الْقَوْمَ- فَيُحْدِثُ وَيُقَدِّمُ رَجُلًا قَدْ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ كَيْفَ يَصْنَعُ- قَالَ لَا يُقَدِّمُ رَجُلًا قَدْ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ- وَلَكِنْ يَأْخُذُ بِيَدِ غَيْرِهِ فَيُقَدِّمُهُ".[8] سنده صحيح وقوله عليه السلام: "لَا يُقَدِّمُ رَجُلًا قَدْ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ" نهي عن تقديم المسبوق بركعة فجمعاً بينه وبين ما مر بنا من صحة امامة المسبوق يفيد تنزيهية هذا النهي.

.2 ومنها: ما رواه الشيخ َبِإِسْنَادِه الشيخ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ (عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ) عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ: "إِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ- لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يُقَدِّمَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ الْإِقَامَةَ" [9] الحديث.

سنده موثق والنهي عن تقديم أحد الا من شهد الإقامة دال على كراهة والنهي تنزيهي، جمعا بينه وبين ما دل على الجوا

.3 ومنها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: "لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إِذَا أَحْدَثَ أَنْ يُقَدِّمَ- إِلَّا مَنْ أَدْرَكَ الْإِقَامَةَ".[10]

الرواية الأولى نهت عن تقديم من سبق بركعة والثانية شرط في التقديم بكونه شاهدا للإقامة والثالثة شرط إدراك الإقامة فلو كنا نحن وهذه الروايات لقلنا بعدم جواز تقديم من لم يشهد الإقامة ولكن ببركة الروايات التي مرت بنا في أصل الامر بالإستنابة، حيث لم يأت هذا الشرط، بل فيها تقرير من الإمام عليه السلام بتقديم من لم يدرك الإقامة او كان مسبوقا بركعة او اكثر ولذا تحمل الروايات الناهية الى الكراهة كما قال به المصنف رضوان الله عليه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo