< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /مستحبات الجماعة

في اليوم الماضي دخلنا في المستحب التاسع وداهمَنا الوقت فلم نجد مجالاً لأداء حق المسألة فنعيد النظر اليها ونقول: قال المصنف: (التاسع: أن يشتغل المأموم المسبوق (1) بتمجيد اللّٰه تعالى بالتسبيح والتهليل والتحميد والثناء إذا أكمل القراءة قبل ركوع الإمام، ويبقى آية (2) من قراءته ليركع بها).

تعليقات: (1) قال السيد الفيروزآبادي: (بركعة أو ركعتين). (2) قال الإمام الخميني: (أو يتمّها ويشتغل بما ذكر).

انه من الواضح: المسبوق انما تجب عليه القراءة اذا كان الحاقه بالجماعة بعد فوات الركعة الأولى ولعل السيد استغنى بالوضوح عن الإشارة الى هذا الامر لان فرض المسألة اذا اكمل قراءته قبل ركوع الامام لأنه لو ادرك الركعة الأولى لم يكن عليه قراءة فتعليقة السيد الفيروزآبادي انما هي توضيح لما قاله السيد. واما تعليقة الامام الخميني رضوان الله عليه فهو بيان للخيار الثاني للمأموم المسبوق فلابد من مراجعة النصوص هل تفيد ما قاله رضوان الله عليه او لا؟

مما يستدل به على هذا الحكم هو:

. 1 ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَكُونُ مَعَ الْإِمَامِ- فَأَفْرُغُ مِنَ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ؟ قَالَ: "أَبْقِ آيَةً وَمَجِّدِ اللَّهَ وَأَثْنِ عَلَيْهِ- فَإِذَا فَرَغَ فَاقْرَأِ الْآيَةَ وَارْكَعْ".[1]

سنده موثق لان الحسن بن علي بن فضال وابن بكير فطحيان موثقان.

اما الدلالة: فالإمام عليه السلام امره بإبقاء آية من السورة والاشتغال بالذكر ثم قراءتها بعد فراغ امام الجماعة مقارنا لهويّ الامام الى الركو

.2 وما رواه محمد بن يعقوب عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَمَّنْ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "أُصَلِّي خَلْفَ مَنْ لَا أَقْتَدِي بِهِ، فَإِذَا فَرَغْتُ مِنْ قِرَاءَتِي وَلَمْ يَفْرُغْ هُوَ؟ قَالَ: فَسَبِّحْ حَتَّى يَفْرُغَ". [2]

هذا الحديث موثق أيضاً الا ان موضوعه ليس صلاة الجماعة بل هو متابعة امام لم يقتدي به فالتسبيح المتأخر عن كل القراءة هو ليس للمسبوق في الجماعة؟

.3 وما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَفْوَانَ‌ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي شُعْبَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَكُونُ مَعَ الْإِمَامِ- فَأَفْرُغُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَالَ- فَأَتِمَّ السُّورَةَ وَمَجِّدِ اللَّهَ وَأثْنِ عَلَيْهِ حَتَّى يَفْرُغَ. [3]

في سنده عمر بن ابي شعبه وهو الحلبي التميمي كوفي وثقه النجاشي عند ترجمة عبيد الله بن علي بن ابي شعبة وعند ترجمة ابنه احمد بن عمر واليك نص كلام النجاشي: (عبيد الله بن علي بن ابي شعبة الحلبي مولى بني تيم بن ثعلبة أبو علي كوفي كان يتّجر هو وابوه واخوته الى حلب فغلب عليهم النسبة الى حلب و آل ابي شعبة بيت مذكور من اصحابنا، روى جدهم ابو شعبة عن الحسن والحسين عليهما السلام وكانوا جميعهم ثقات مرجوعا الى ما يقولون وكان عبيد الله كبيرهم ووجههم).

فالسند صحيح واما الدلالة فقول السائل: (فَأَفْرُغُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ) كاشف عن عدم اقتدائه بإمام الجماعة ولذا كلاهما كانا يقرآن. فهي خارجة عن موضوع البحث ايضاً.

.4 وما رواه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيُّ فِي الْمَحَاسِنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع: "إِنَّ عِنْدَنَا مُصَلًّى لَا نُصَلِّي فِيهِ- وَأَهْلُهُ نُصَّابٌ وَإِمَامُهُمْ مُخَالِفٌ فَآتَمُّ بِهِ؟ قَالَ: لَا، فَقُلْتُ: إِنْ قَرَأَ أَقْرَأُ خَلْفَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ- قُلْتُ: فَإِنْ نَفِدَتِ السُّورَةُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ؟ قَالَ: سَبِّحْ وَكَبِّرْ إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقُنُوتِ وَكَبِّرْ وَهَلِّلْ".[4]

هذه الروايات اُولاها ظاهرة في الموضوع فيمكن حملها على ما نحن فيه، ولكن الثلاثة الاخرى كلّها وردت في ظرف عدم اقتداء المأموم، فهي كلّها خارجة عن موضوع البحث، الا الأولى وفيها إبقاء آية لقراءتها مقارناً لركوع الامام، كما قاله السيد المصنف. فالشق الثاني الذي ذكره الامام الخميني في تعليقته لا وجه له لنجعله خصلة ثانية للمستحب، نعم يجوز ذلك لجواز الذكر على كل حال.

قال السيد المصنف رضوان الله عليه" (العاشر: أن لا يقوم الإمام من مقامه بعد التسليم، بل يبقى على هيئة المصلي حتّى يتمّ من خلفه صلاته من المسبوقين أو الحاضرين لو كان الإمام مسافراً، بل هو الأحوط، ويستحبّ له أن يستنيب من يتمّ بهم الصلاة عند مفارقته لهم، (1) و يكره استنابة المسبوق بركعة أو أزيد، بل الأولى عدم استنابة من لم يشهد الإقامة).

تعليقة: (1). قال الشيخ مكارم الشيرازي: (غير خالٍ عن الإشكال)‌

هذه المسألة مشتملة على فرعين: أحدهما: استحباب عدم قيام الامام من مصلاه حتى يتم صلاة من ورائه. والثاني: استحباب استنابة الامام أحد المأمومين ليتمّوا به صلاتهم.

واليوم نبحث عن أصل استحباب بقاء الإمام في مصلاه حتى فراغ كل المأمومين من صلاتهم.

فهناك روايات تدل على هذا المعنى:

.1منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُومَ إِذَا صَلَّى- حَتَّى يَقْضِيَ كُلُّ مَنْ خَلْفَهُ مَا فَاتَهُ مِنَ الصَّلَاةِ. [5] .

في سنده: إسماعيل بن عبد الخالق، قال فيه النجاشي: (بن عبد ربه بن ابي ميمونة بن يسار مولى بني اسد وجه من وجوه أصحابنا وفقيه من فقهائنا وهو من بيت الشيعة وعمومته شهاب وعبد الرحيم ووهب وابوه عبد الخالق كلهم ثقات) وقريب منه قال الكشي، فسنده جيد ودلالته على الاستحباب واضحة.

.2 وما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْلِسَ- حَتَّى يُتِمَّ كُلُّ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتَهُمْ". [6]

.3 وما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا‌ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَنَفَّلَ «في نسخة يتنقل» إِذَا سَلَّمَ- حَتَّى يُتِمَّ مَنْ خَلْفَهُ الصَّلَاةَ الْحَدِيثَ.[7]

.5 وَما رواه كليني عَنْهُ -علي بن إبراهيم- عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ أَمَّ قَوْماً فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْعُدَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ- وَلَا يَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ- حَتَّى يُتِمَّ الَّذِينَ خَلْفَهُ الَّذِينَ سُبِقُوا صَلَاتَهُمْ- ذَلِكَ عَلَى كُلِّ إِمَامٍ وَاجِبٌ- إِذَا عَلِمَ أَنَّ فِيهِمْ مَسْبُوقاً- فَإِنْ عَلِمَ أَنْ لَيْسَ فِيهِمْ مَسْبُوقٌ بِالصَّلَاةِ- فَلْيَذْهَبْ حَيْثُ شَاءَ".[8]

.6 وما رواه الكليني َبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ: "سَمِعْتُهُ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُومَ إِذَا صَلَّى- حَتَّى يَقْضِيَ كُلُّ مَنْ خَلْفَهُ مَا فَاتَهُ مِنَ الصَّلَاةِ".[9] في سنده عي بن حكم قال فيه النجاشي: (كوفي ثقة جليل القدر) وإسماعيل بن عبد الخالق تحدثنا عن جلالته آنفاً فالسند جيد لا ريب فيه والدلالة تامة على المقصود.

.7 وما رواه الكليني بإسناده احمد بن محمد بن عيسى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع: "إِذَا صَلَّيْتَ بِقَوْمٍ فَاقْعُدْ بَعْدَ مَا تُسَلِّمُ هُنَيْئَةً" [10]

يمكن ان يكون المراد نفس ما ورد في سائر الروايات ولكن هنيئة أي لا تستعجل فاعتبر الجلوس لإتمام صلاة المأمومين ليس الا هنيئة وليس زمنا طويلاً.

.8 وما رواه الكليني َبِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ (عَنْ حُسَيْنٍ) عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: "يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَلْبَثَ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَ أَحَداً- حَتَّى‌ يَرَى أَنَّ مَنْ خَلْفَهُ قَدْ أَتَمُّوا الصَّلَاةَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ هُوَ".[11]

أيضا سنده موثق ودلالته واضحة.

.9 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: "سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِّ قُعُودِ الْإِمَامِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ مَا هُوَ- قَالَ يُسَلِّمُ وَلَا يَنْصَرِفُ وَلَا يَلْتَفِتُ- حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ- قَدْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ".[12]

الى هنا الروايات تؤكد على عدم ترك الامام مصلاه قبل إتمام الجميع لصلاتهم و جلّها صحاح او موثقات وبعضها كانت ظاهرة في الوجوب ولكن هناك بعض الروايات المرخصة وهي التي تسبب التنازل من ظاهر تلك الروايات في الوجوب الى الاستحباب ولكنه مستحب مؤكد رعاية لهذه الروايات الكثيرة واليك نصها:

.10 روى الكليني بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُصَدِّقٍ عَنْ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي بِقَوْمٍ- فَيَدْخُلُ قَوْمٌ فِي صَلَاتِهِ- بِقَدْرِ مَا قَدْ صَلَّى رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ- فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَ سَلَّمَ- أَ يَجُوزُ لَهُ وَ هُوَ إِمَامٌ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَوْضِعِهِ- قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مَنْ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ قَالَ نَعَمْ". سندها موثق وتدل على جواز الخروج قبل إتمام المصلين لصلاتهم. فالذي استخلصنا من هذا البحث الاستحباب المؤكد فلا ينبغي التهاون فيه ولكن ليس على الامام فرضاً ان يصبر للجميع.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo