< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/05/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /في مستحبات الجماعة

قال المصنف رضوان الله عليه: (الثامن: أن يصلّي الإمام بصلاة أضعف من خلفه، بأن لا يطيل (4) في أفعال الصلاة من القنوت والركوع والسجود إلّا إذا علم حبّ التطويل من جميع المأمومين).

تعليقة: (4) قال الإمام الخميني: (وبأن لا يعجل بحيث يشقّ على الضعفاء الوصول إليه).

ان السيد الامام رضوان الله عليه استفاد مما ورد في الروايات من: "صلاةَ أضْعَفَ مَنْ خَلْفَهُ" بتنقيح المناط شمولها للسرعة والبطيء جميعاً، فقد يسرع الامام في صلاته بما لا يستطيع الضعفاء ان يدركوه.

ولمستندات هذه السنة نلقي الضوء الى بعض النصوص الواردة:

.1 مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الرَّضِيُّ فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي عَهْدِهِ إِلَى مَالِكٍ الْأَشْتَرِ- قَالَ: "وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ- كَامِلًا غَيْرَ مَثْلُومٍ وَ لَا مَنْقُوصٍ بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ- وَ إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ بِالنَّاسِ- فَلَا تَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لَا مُضَيِّعاً- فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ وَ لَهُ الْحَاجَةُ- فَإِنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص حِينَ وَجَّهَنِي إِلَى الْيَمَنِ- كَيْفَ أُصَلِّي بِهِمْ- فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ صَلَاةَ «4» أَضْعَفِهِمْ- وَكُنْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً" .[1]

فالإمام عليه السلام على حسب ما روي عنه في هذا المقطع من عهده الى المالك بينما يؤكد على الاهتمام بأمر الصلاة من حيث الأجزاء والشرائط، يؤكد على لزوم الوسطية في الصلاة عند ما يكون المالك امام للناس فلا تكونن منفرا بالإطالة ولا مضيعاً بالاختصار ويشير الى امر رسول الله لرعاية حال أضعف المأمومين.

.2وما رواه الصدوق فِي عِقَابِ الْأَعْمَالِ بِسَنَدٍ تَقَدَّمَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي حَدِيثٍ قَالَ: مَنْ أَمَّ قَوْماً فَلَمْ يَقْتَصِدْ بِهِمْ فِي حُضُورِهِ- وَ قِرَاءَتِهِ وَ رُكُوعِهِ وَ سُجُودِهِ وَ قُعُودِهِ وَ قِيَامِهِ- رُدَّتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ وَ لَمْ تُجَاوِزْ تَرَاقِيَهُ- وَ كَانَتْ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةَ أَمِيرٍ جَائِرٍ- مُتَعَدٍّ لَمْ يَصْلُحْ لِرَعِيَّتِهِ وَ لَمْ يَقُمْ فِيهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ- فَقَامَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي- وَ مَا مَنْزِلَةُ أَمِيرٍ جَائِرٍ مُتَعَدٍّ لَمْ يَصْلُحْ لِرَعِيَّتِهِ- وَ لَمْ يَقُمْ فِيهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ قَالَ- هُوَ رَابِعُ أَرْبَعَةٍ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَاباً ‌يَوْمَ الْقِيَامَةِ- إِبْلِيسَ وَ فِرْعَوْنَ وَ قَاتِلِ النَّفْسِ- وَ رَابِعُهُمْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ".[2]

سنده ضعيف واما الدلالة: فشبّه رسولُ الله صلى الله عليه واله غير المقتصد في مناسك صلاته

"بأمير جائر متعدٍّ لم يصلُح لرعيته"، فما معناه؟ ولِما ذا هذا التشبيه المشوّه؟ أقول:

الظاهر في مثل هذه المسألة يكفي في وجه الشبه المشابهة من جهة واحدة، ولعل الشبه بين الامام والأمير انما يكون في ان الأمير يتصرف في رعيته وهم يتابعونه، كذلك الامام متصرف في المأمومين بما يريد وهم يتابعونه، فاذا جار عليهم في صلاته يكون كأمير جائر في امارته، ولذا كثير من الفقهاء يعتبرون دلالة مثل هذه التشبيهات على حد الكراهة لا الحرمة. فكانت الاولى القول بكراهة الخروج عن القصد في أفعال صلاته لا استحباب القصد فيها وليست الكراهة والاستحباب ضدان لا ثالث لهما حتى يستلزم من ترك المكروه تحقق المستحب فتامل جيدا تجد ما قلناه.

.3 وما رواه الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: آخِرُ مَا فَارَقْتُ عَلَيْهِ حَبِيبَ قَلْبِي- أَنْ قَالَ يَا عَلِيُّ إِذَا صَلَّيْتَ- فَصَلِّ صَلَاةَ أَضْعَفِ مَنْ خَلْفَكَ" الْحَدِيثَ. وَرَوَاهُ الصَّدُوقُ مُرْسَلًا.[3] سنده موثق والامر دال على الاستحباب بضم ما يدل على جواز الترك.

.4 وما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ عَلَى صَلَاةِ أَضْعَفِ مَنْ خَلْفَهُ".[4] كذلك السند موثق ومفردة "ينبغي" دالة على الاستحباب.

.5 وما رواه الصدوق عن ابي عبد الله عليه السلام قَالَ: "وَكَانَ مُعَاذٌ يَؤُمُّ فِي مَسْجِدٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص- وَيُطِيلُ الْقِرَاءَةَ- وَإِنَّهُ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَافْتَتَحَ سُورَةً طَوِيلَةً- فَقَرَأَ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَصَلَّى ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ- فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ص فَبَعَثَ إِلَى مُعَاذٍ- فَقَالَ يَا مُعَاذُ إِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ فَتَّاناً- عَلَيْكَ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَذَوَاتِهَا".[5] من ناحية السند مرسلة الصدوق والدلالة ظاهرة في كراهة الإطالة بما يزعج المأموم.

.6 وما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَبَّاسِ يَعْنِي ابْنَ مَعْرُوفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ص الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ- فَخَفَّفَ الصَّلَاةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ- فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ النَّاسُ- يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْ‌ءٌ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا خَفَّفْتَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ؟ فَقَالَ لَهُمْ: أَ وَمَا سَمِعْتُمْ صُرَاخَ الصَّبِيِّ؟" [6] . سنده صحيح ويدل ان الاستعجال في المأمومين باي سبب يوجب رجحان التسريع في الصلاة. فخلاصة الامر ان ضعف المأموم سواء كان في بدنه او نفسه او لحاجة عنده يوجب استحباب التعجيل من الامام، او فقل كراهة الإطالة لأنّ عدم الإطالة امر عدمي والعدم ليس كاسبا ولا مكتسباً فلا يمكن ان يتعلق به حكم، فالأولى ان يقال: ان الاطالة إذا كانت غير مرغوبة للمأمومين او بعضهم فهي مكروه، اللهم الا ان نقول ان رعاية حال المأمومين مستحب والرعاية امر وجودي وتتحقق بكف النفس عن إتيان ما يطيل الصلاة وكف النفس أيضاً امر وجودي وعلى كل حال لا مشاحة في الاصطلاح.

قال المصنف: (التاسع: أن يشتغل المأموم المسبوق (1) بتمجيد اللّٰه تعالى بالتسبيح والتهليل والتحميد والثناء إذا أكمل القراءة قبل ركوع الإمام، ويبقى آية (2) من قراءته ليركع بها).

تعليقات: (1) قال السيد الفيروزآبادي: (بركعة أو ركعتين). (2) قال الإمام الخميني: (أو يتمّها ويشتغل بما ذكر).

اليوم لا نريد ان نتجاوز الوقت فنترك البحث في هذه المسألة لغد ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo