< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/05/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة / في ترتيب قيام الرجال والنساء في الجماعة

كان بحثنا حول كلام المصنف في مستحبات الجماعة حيث قال: (أحدها: أن يقف المأموم عن يمين الإمام إن كان رجلًا واحداً، وخلفه إن كانوا أكثر، ولو كان المأموم امرأة واحدة وقفت خلف الإمام على الجانب الأيمن بحيث يكون سجودها محاذياً لركبة الإمام أو قدمه ولو كنّ أزيد وقفن خلفه، ولو كان رجلًا واحداً وامرأة واحدة أو أكثر وقف الرجل عن يمين الإمام والامرأة خلفه)، الى هنا فرغنا عن دراستها في الأيام الماضية ثم قال السيد:

(ولو كانوا رجالًا ونساءً اصطفّوا خلفه، واصطفّت النساء خلفهم)، وهذا هو الفرع الرابع من هذه المسألة.

أمّا اصطفاف الرجال خلف الامام فقد ظهر ممّا مرّ من الروايات التي مرت بنا: كصحيحة ابن مسلم حيث ورد فيها: "الرَّجُلَانِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ- يَقُومُ عَنْ يَمِينِهِ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَامُوا خَلْفَهُ"

ورواية الثانية عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع "أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الرَّجُلَيْنِ- قَالَ يَتَقَدَّمُهُمَا وَلَايَقُومُ بَيْنَهُمَا" الحديث‌.

وفي رواية أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ع "قَالَ: قَالَ: رَجُلَانِ صَفٌّ فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً تَقَدَّمَ الْإِمَامُ". وغيرها والمسألة متفق عليها.

أمّا اصطفاف النساء خلفهم وعدم جواز وقوفهنّ بحذاء الرجال أو قدّامهم، في الجماعة فعلى مبنى من يرى عدم جواز محاذاة او تقدم النساء على الرجال في مكان المصلي الا إذا كان الفاصل بينهما بمقار شبر او ذراع او عشرة أذرع على حسب اختلاف الفتاوى هناك في الصلاة الفرادى، ففي الجماعة أيضا لا يجوز لان الجماعة لا تجوِّزُ ما لا يجوز في الفرادى.

اما بناءً على القول بكراهة تقدم المرأة على الرجل في صلاتها كما عليه كثير من الفقهاء فلابد من التحري لدليل آخر:

فيدلّ عليه صحيحة الحلبي: واليك نصها: بِإِسْنَادِ الصدوق عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ النِّسَاءَ- قَالَ نَعَمْ وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ غِلْمَانٌ- فَأَقِيمُوهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَإِنْ كَانُوا عَبِيداً.[1]

سند الصدوق الى الحلبي صحيح، وامّا الدلالة فالأمر بإقامة الغلمان والعبيد بين ايدي النساء دال على لزوم تقدم صف الرجال على صف النساء.

وكذلك صحيحة حماد رواها عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَالْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ وَعَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ كُلِّهِمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ أَبِي قَالَ عَلِيٌّ ع كُنَّ‌ النِّسَاءُ يُصَلِّينَ مَعَ النَّبِيِّ ص- وَكُنَّ يُؤْمَرْنَ أَنْ لَا يَرْفَعْنَ رُءُوسَهُنَّ قَبْلَ الرِّجَالِ لِضِيقِ الْأُزُرِ. [2]

فيظهر من هذه الصحيحة ان الرجال كانوا امام النساء فامر النبي صلوات الله عليه النساء ان لا يرفعن رؤوسهن قبل الرجال كي لا يقع نظرهن على أثر عورة الرجال. او حجمها، كما هو مشهود من بعض سراويل الرجال في هذا العصر ايضاً. بعض الفقهاء في تفسير هذا الحديث قالوا: (مخافة انكشاف العورة) ولكنه غير صحيح، أولاً: لبطلان الصلاة إذا ظهر عورتهم، ثانياً: القِصر قد يوجب كشف العورة لا الضيق وما ورد في الحديث ضيق الاُزر.

ثم ان المصنف بعد ما ذكر عدة أمور بعنوان الاستحباب قال: (بل الأحوط مراعاة‌ المذكورات) وهذا احتياط بعد فتوى فهو احتياط مستحب.

ولكن في مسألة تقدم الرجال على النساء في الجماعة ورد أوامر وليس خلافها لا سيرة ولا رواية فكان الأولى ان يخصص هذا الموضوع بفتوى بالوجوب او لا اقل بالاحتياط الواجب. نعم علمين من الفقهاء المعاصر وهما السيد الگلپايگاني و الشيخ الحائري علقوا على هذا الفرع بقولهما: (لا يترك الاحتياط بعدم وقوع المرأة واسطة لارتباط الرجل بالجماعة).

بما ان المصنف ذكر اصطفاف النساء خلف الرجال بعنوان المستحب فقيدوا جواز خلافه إذا لم يلزم منه وساطة النساء للرجال وتحققه محصور بما إذا وقف الرجال خلف الامام من يمينه والنساء من يساره سواء كانوا صفا واحدا او صفوف متعددة. كما كان قد يتحقق قريب منه في جماعة آية الله شبيري الزنجاني مع آية الله فاضل لنكراني. في حرم سيدة معصومة عليها السلام. حيث كان محراب الأول في مسجد طباطبائي الذي يقع في قبلة الحرم والآخر في رواق فوق الرأس فكان صفوف النساء عند الازدحام تمتد الى جانب المصلين من الرجال في جماعة آية الله فاضل اللنكراني فكان نساء جماعة بحذاء رجال الأخرى مع فصل ذرا

الفرع الأخير هو قوله: (هذا إذا كان الإمام رجلًا، وأمّا في جماعة النساء فالأولى وقوفهنّ صفّاً واحداً أو أزيد من غير أن تبرز إمامهنّ من بينهنّ).

بما انّ جواز إمامة المرأة من المسائل الخلافية ويحتاج الى دراسة اكثر ووقت أوسع فنترككم هنا وموعدنا معكم غداً لمناقشة امامة النساء فقهياً.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo