< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجمعة /حكم ايتمام المرأة خلف الامام

كان بحثنا في يوم الماضي حول فرع الأول من مسألة الأولى من فصل مستحبات الجماعة و مكروهاتها حيث قال السيد المصنف: (أحدها: أن يقف المأموم عن يمين الإمام إن كان رجلًا واحداً، وخلفه إن كانوا أكثر)، وقد فرغنا عن ذكر الروايات الظاهرة في الوجوب ثم تطرقنا الى الروايات الدالة على جواز ترك هذه السُنّة في الجماعة وذكرنا صحيحة حسین بن سعيد الأهوازي التي اُستدل بها على عدم وجوب قيام المأموم الواحد عن يمين الامام ثم ذكرنا مناقشة السيد الخوئي في دلالتها، ثم ناقشنا كلامه في اخراج الصحيحة عن موضوع صلاة الجماعة، وقد بقي علينا بعض الروايات المجوزة لعدم رعاية الترتيب المشهور:

فمنها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَشْيَمَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَسَارٍ الْمَدَائِنِيِّ "أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَسْأَلُ الرِّضَا ع عَنْ رَجُلٍ صَلَّى إِلَى جَانِبِ رَجُلٍ- فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ- ثُمَّ عَلِمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ كَيْفَ يَصْنَعُ- قَالَ يُحَوِّلُهُ عَنْ يَمِينِهِ". ومُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَسَارٍ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: "يُحَوِّلُهُ إِلَى يَمِينِهِ" [1] .

في سنده علي بن احمد بن اشيم لم يرد له كلام الا مقالة النجاشي من انه (مجهول)

ومضمونها يطابق صحيحة حسين بن سعيد ولا شبهة في دلالتها على عدم شرطية وقوف المأموم يمين الامام لصحة الجماعة.

ومنها: مرفوعة علي بن ابراهيم الهاشمي واليك نصها: كليني عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيِّ رَفَعَهُ قَالَ: "رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يُصَلِّي بِقَوْمٍ- وَهُوَ إِلَى زَاوِيَةٍ فِي بَيْتِهِ بِقُرْبِ الْحَائِطِ- وَكُلُّهُمْ عَنْ يَمِينِهِ وَلَيْسَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ".[2]

سنده ضعيف بالرفع والدلالة ظاهرة في المقصود لان كلهم عن يمينه ظاهر بحذائه وان يقى الاحتمال بان المراد يمين الصف الذي خلفه فلا يفيد للدلالة على جواز قيام الأكثر من واحد بجوار الامام.

انّ صاحب الجواهر يشير ايضاً الى نقطة أخرى مقرِّبة للقول بالجواز فقال:

(على أنه قد يُبَعّدُ الوجوب أيضا زيادة على ما سمعت وعلى السيرة والطريقة، إغفال التعرض في الأدلة لما هو الغالب من فروعه، كتجدد التعدد أو الاتحاد في الأثناء، وأنه هل يتقدم الامام عليهما أو يتأخران هما عنه في الأول، أو يتأخر الإمام اليه أو يتقدم هو إلى الامام في الثاني، ولو فرض التعذر فهل يجب الانفراد أو يغتفر، ولو كان المأموم واحدا ثم جاء آخر فهل يقف خلف أولاً وينوي ثم يتأخر اليه المأموم أو أنه يتأخر ‌القديم أولاً ثم ينوي الجديد، إلى غير ذلك)،[3]

هذه ملاحظة لطيفة منه رضوان الله عليه لان الواجب لا يمكن ان يتغافل عنه.

وما استنتجنا من بحثنا ان قول المشهور هو الأقرب لان الروايات التي يستفاد منها عدم البأس بإخلال القيام عن يمين الامام في المأموم الواحد والاخلال بالقيام خلف الامام في المأموم المتعدد ليس بأقلّ من الروايات التي تأمر بوقوف الواحد في يمين الامام والمتعدد خلف الامام فالمجوزة كانت ثلاثة منها صحاح وواحدة منها موثق وواحدة منها ضعيف والصناعة تدعونا بان نتنازل عن ظهور طائفة أولى في الوجوب الى الاستحباب عملا بكلا الطائفتين من دون تعارض بينهما فما اختاره السيد صاحب العروة من الفتوى في غاية المتانة مع استحباب الاحتياط في الإتيان بذاك الترتيب والحمد لله و نحن اغمضنا العين عن ذكر نصوص كلمات المحقق البحراني لأنها قريب المضمون جدا مع ما ذكرنا من بيانات السيد الخوئي ولرعاية الاختصار.

الفرع الثاني من الامر الأول: قوله: (ولو كان المأموم امرأة واحدة وقفت خلف الإمام على الجانب الأيمن بحيث يكون سجودها محاذياً لركبة الإمام أو قدمه ولو كنّ أزيد وقفن خلفه)،

الروایات فی هذه المسألة على ثلاث طوائف قسم منها يعبر عن الخلف مطلقاً:

منها: مرسل ابن بكير واليك نصها: الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع "فِي الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْمَرْأَةَ قَالَ نَعَمْ تَكُونُ خَلْفَهُ" الْحَدِيثَ. [4]

ومنها" موثقة غياث واليك نصها: الشيخ عن -محمد بن علي بن محبوب - عَنِ الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: الْمَرْأَةُ صَفٌّ وَالْمَرْأَتَانِ صَفٌّ وَالثَّلَاثُ صَفّ"[5]

والظاهر ان المراد من صف خلف الامام فالوحدة أيضا تقف خلف الإمام.

ومنها: موثّقة الحسين بن علوان واليك نصها: وقرب الاسناد عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ع "أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْمَرْأَةُ خَلْفَ الرَّجُلِ صَفٌّ- وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ خَلْفَ الرَّجُلِ صَفّاً- إِنَّمَا يَكُونُ الرَّجُلُ إِلَى جَنْبِ الرَّجُلِ عَنْ يَمِينِهِ" [6]

ومنها: رواية أبي العباس البقباق: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْمَرْأَةَ فِي بَيْتِهِ- فَقَالَ نَعَمْ تَقُومُ وَرَاءَهُ" [7]

وقسم منها: تامر بقيام المرأة مع ركبته أي سجدتها موازي ركبة الامام:

منها: صحيحة هشام ابن سالم واليك نصه: وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: "الرَّجُلُ إِذَا أَمَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ خَلْفَهُ عَنْ يَمِينِهِ- سُجُودُهَا مَعَ رُكْبَتَيْهِ".[8]

وقسم منها يأمر بكون سجدة الامرأة بحذاء قدم الامام:

منها مع قدميه: موثّقة فضيل بن يسار واليك نصها: الشيخ َبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: "قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ بِأُمِّ عَلِيٍّ- قَالَ نَعَمْ تَكُونُ عَنْ يَمِينِكَ- يَكُونُ سُجُودُهَا بِحِذَاءِ قَدَمَيْكَ".[9]

سندها جيد ودلالتها على الامر بجعل المرأة سجدتها جنب قدمي الامام ظاهر.

والصناعة في الفقه في الموارد التي تأتي ادلة متعددة بأمور متعددة يعمل بالجميع كواجب او مستحب تخييري ولا منافات بينها فان اثبات الشيء لا ينفي ما عداه. واكمال البحث في الجلسة القادمة ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo