< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/05/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم مكان قيام المأموم في الجماعة

في اليوم الماضي مررنا على الروايات الآمرة بوقوف الرجل الواحد بحذاء الامام عن يمينه والمتعدد خلفه واليوم نريد ان نطل اطلالة على الادلة قول المشهور من عدم وجوب رعاية هذا الأدب.

اما الروايات المجوزة:

منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْرَجِ قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنِ الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ- فَيَجِدُ الصَّفَّ مُتَضَايِقاً بِأَهْلِهِ- فَيَقُومُ وَحْدَهُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنَ الصَّلَاةِ- أَ يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهِ".[1]

في سنده موسى بن الحسن قال فيه النجاشي: (بن عامر بن عمران بن عبد الله بن سعد الاشعري القمي أبو الحسن ثقة عين جليل) وفي سنده سعيد الأعرج قال النجاشي في شأنه: (بن عبد الرحمن وقيل ابن عبد الله الأعرج السمان أبو عبد الله التميمي مولاهم كوفي ثقة). فالسند لا ريب فيه.

واما الدلالة فالإمام عليه السلام سمح له ان يقوم لوحده ويصلي، ولو كان دخوله في الصف واجب وتركه مخل بصحة الصلاة، لما أجاز له الامام عليه السلام. ويمكن المناقشة فيها: بانه كان في مقام الاضطرار او قام ولم يصلّ.

ومنها: صحيح سعيد الاعرج: وَبِإِسْنَادِهِ – الشيخ- عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَعِيدٍ الْأَعْرَجِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي الصَّلَاةَ- فَلَا يَجِدُ فِي الصَّفِّ مَقَاماً أَيَقُومُ وَحْدَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ يَقُومُ بِحِذَاءِ الْإِمَامِ.

وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى مِثْلَهُ، ومُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلَهُ"[2]

هذه الرواية سندها صحيح ودلالتها على عدم وجوب الوقوف خلف الامام وجواز الوقوف بحذاء الإمام صريح لا غبار عليه. والظاهر وقوفه بحذاء الامام كان للصلاة.

ومنها: صحيحة ابي الصباح: رواه الشيخ بإسناده عَنْهُ -سعد بن عبد الله- عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَقُومُ فِي الصَّفِّ وَحْدَهُ- فَقَالَ لَا بَأْسَ إِنَّمَا يَبْدُو وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ". وَ ‌رَوَاهُ الصَّدُوقُ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ- "إِنَّمَا تَبْدُو الصُّفُوفُ"[3]

ابو الصباح هو إبراهيم بن نعيم العبدي ذكر الكشي روي الكشي عن ابي عبد الله قال له "انت ميزان لا عين فيه" وقال يسمى ميزانا لثقته ومثل هذا القول بحقه للنجاشي ايضا فالسند صحيح. واما الدلالة فأجاز له الامام ليقوم في الصف وحده ويدخل في الصلاة حتى يلحق المصلون به ولو لم يجز لما انعقد له صلاة قبل مجيء الآخرين.

ومنها: خبر موسى ابن بكر: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَقُومُ فِي الصَّفِّ وَحْدَهُ- قَالَ لَا بَأْسَ إِنَّمَا يَبْدُو الصَّفُّ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ.[4]

في سنده موسى بن بكر هو كان من خواص الامام موسى الكاظم ونسب الكشي اليه الوقف ولم يرد له توثيق صريح. ولكن الدلالة صريحة في جواز الوقوف في صف وحده ويبدأ بالصلاة حتى يأتي الآخرون، فيكملوا الصف.

منها: موثقة سكوني: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا تَكُونَنَّ فِي الْعَيْكَلِ قُلْتُ وَمَا الْعَيْكَلُ- قَالَ أَنْ تُصَلِّيَ خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَكَ- فَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ الدُّخُولُ فِي الصَّفِّ- قَامَ حِذَاءَ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُ- فَإِنْ هُوَ عَانَدَ الصَّفَّ فَسَدَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ. [5]

في السند النوفلي وثقه النجاشي وكذلك السكوني الا انه كان عامياً فالسند موثق. واما الدلالة فهي تدل على جواز الوقوف بحذاء الامام والمأموم متعدد.

منها: صحيحة الحسين بن سعيد الأهوازي واليك نصها: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ ذَكَرَ الْحُسَيْنُ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ أَنَّهُ أَمَرَ مَنْ يَسْأَلُهُ "عَنْ رَجُلٍ صَلَّى إِلَى جَانِبِ رَجُلٍ- فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ- ثُمَّ عَلِمَ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ كَيْفَ يَصْنَعُ- قَالَ يُحَوِّلُهُ عَنْ يَمِينِهِ".[6]

سندها صحيح ووجه الاستدلال بها ان المأموم صلى عن يسار الامام ثم الامام علم بذلك فالإمام سلام الله عليه يرشده الى تحويله الى جانب يمينه فيظهر من ذلك صحة انعقاد الصلاة، ولو كان قيام المأموم عن يمين الامام واجب فلم ينعقد له صلاة حتى يصلح امره في مداومة الصلاة.

انّ السيد الخوئي رضوان الله عليه بعد الإشارة الى الروايات التي ظاهرة في وجوب وقوف رجل واحد في يمين الامام والمتعدد وراءه انما ذكر صحيحة حسين بن سعيد الأهوازي وناقش في دلالتها واليك ملخص ما قاله: (أقول: يرد عليه أوّلًا: أنّ غاية ما تدلّ عليه الصحيحة جواز وقوف المأموم الواحد عن يسار الإمام كاليمين، ولا دلالة فيها بوجه على جواز وقوفه خلف الإمام.

وثانياً: الرواية أجنبية عن باب الجماعة بالكلّية، إذ لم يفرض فيها أنّ الرجل الآخر الذي يصلّي إلى جانبه مصلّ أيضاً، فمن الجائز أن يكون ذاك الشخص واقفاً أو جالساً أو نائماً، كيف وإلّا كان الأحرى أن يجيب الإمام (عليه السلام) بقوله: يحوّله إلى يمينه بدل قوله: «عن يمينه». والذي يتحصّل لنا من مفاد الرواية: أنّها ناظرة إلى بيان حكم آخر، وهو الاجتناب عن وقوف المصلّي في يسار شخص وإن لم يكن مصلّياً، ولعلّ ذلك مكروه، وإلّا فلا حرمة فيه قطعاً، فمن هنا أجاب الإمام (عليه السلام) بقوله: «يحوله عن يمينه» حذراً عن كراهية هذا الموقف. فقوله: «وهو لا يعلم» أي المصلّي لا يعلم بوقوفه عن يسار شخص آخر فمن المقطوع به أنّ الرواية لا ارتباط لها بباب الجماعة أصلًا وعليه فلا موجب لرفع اليد عن تلك الروايات الظاهرة في الوجوب). [7]

ويلاحظ في كلامه: أولاً: لم يقل أحد من الفقهاء بكراهة الوقوف للصلاة عن يسار انسان آخر لا علاقة بينهما!! فلا يحتمل مثل هذا الحكم.

ثانياً: ان في نسخة الصدوق جاء: (يحوله الى يمينه)، ولعل في نسخة الشيخ حصل غلطاً من النساخ.

ثالثا: قد يستعمل مفردة -عن- بمعنى (جانب) فهو اسم وليس بحرف جر، كما ورد بهذا المعنى في نفس الحديث في قوله: «فقام عن يساره» أي في جانب يساره وقد ورد في المغني لابن هشام: (إذا قيل: قعدت عن يمينه، فالمعنى في جانب يمينه. نعم، يكثر استعماله بهذا المعنى فيما إذا كان مدخولًا لحرف الجر نحو: جلس من عن يسار الخليفة). [1: 199] فلا داعي لهذه التمهلات فرارا عن القول بالاستحباب. ونتابع بحثنا في يوم الآتي ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo