< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/05/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة / في استحباب وقوف المأموم الواحد عن يمين الامام

دخلنا في اليوم الماضي في الفصل الاخیر من صلاة الجماعة وهو فصل المستحبات والمکروهات فی صلاة الجماعة وفي المستحبات قال السيد: (أحدها: أن يقف المأموم عن يمين الإمام إن كان رجلًا واحداً، وخلفه إن كانوا أكثر، ولو كان المأموم امرأة واحدة وقفت خلف الإمام على الجانب الأيمن بحيث يكون سجودها محاذياً لركبة الإمام أو قدمه ولو كنّ أزيد وقفن خلفه، ولو كان رجلًا واحداً وامرأة واحدة أو أكثر وقف الرجل عن يمين الإمام والامرأة خلفه، ولو كانوا رجالًا ونساءً اصطفّوا خلفه، واصطفّت النساء خلفهم، بل الأحوط مراعاة‌ المذكورات هذا إذا كان الإمام رجلًا، وأمّا في جماعة النساء فالأولى وقوفهنّ صفّاً واحداً أو أزيد من غير أن تبرز إمامهنّ من بينهنّ).

وذكرنا بعض التعليقات على هذه المسألة وقلنا ان هذه المسألة مشتملة على سبعة فروع:

أولها قول المصنف: (أن يقف المأموم عن يمين الإمام إن كان رجلًا واحداً، وخلفه إن كانوا أكثر) ثم أشرنا الى كلمات بعض الفقهاء في عرض آراء القدماء والمتأخرين والمعاصرين منهم، حول هذه المسألة واليوم نريد ان نقف عند ادلة كل فريق منهم ونبدأ بقول المشهور على استحباب هذا الترتيب في الجماعة: فاستدلوا لها بروايات:

منها: صحيحة محمد بن مسلم واليك نصها: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: "الرَّجُلَانِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ- يَقُومُ عَنْ يَمِينِهِ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَامُوا خَلْفَهُ".[1]

المراد من محمد في السند محمد بن مسلم فالسند صحيح اعلائي. والدلالة واضحة للمراد.

ومنها: روايته الأخرى واليك نصها: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع "أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الرَّجُلَيْنِ- قَالَ يَتَقَدَّمُهُمَا وَلَا ‌يَقُومُ بَيْنَهُمَا- وَعَنِ الرَّجُلَيْنِ يُصَلِّيَانِ جَمَاعَةً- قَالَ نَعَمْ يَجْعَلُهُ عَنْ يَمِينِهِ".[2]

قد يقال ان سند الصدوق الى محمد بن مسلم غير صحيح لأنّه قال في مشيخته: (وما كان فيه عن محمد بن مسلم؛ الثقفي: "فقد رويته عن علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده: أحمد بن أبي عبد الله؛ البرقي، عن أبيه: محمد بن خالد؛ البرقي، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم).[3] .

في هذا السند علي بن احمد لم يرد له توثيق الا ان النجاشي قال فيه: (علي بن احمد بن عبد الله ابن احمد بن ابي عبد الله البرقي سيذكر ان شاء الله مرارا في أوائل طرق مشيخة الفقيه مقرونا بالرضاء والرحمة) وعلق عليه صاحب مجمع الرجال بقوله: (فدل على اعتبار الرجل) [4]

وبما انه كان من اسرة علمية وراوي لجلّ ما وصل عن جده ابي عبد الله البرقي ولم يرد عليه اي قدح وهو كان من مشايخ الصدوق تطمئن النفس على وثاقته. فبذلك يصبح طريق الصدوق الى محمد بن مسلم سليما عن الضعف. والدلالة ظاهرة فإنّ في أكثر من اثنين يتقدمهما الامام وفي إثنين يقف احدهما اماماً ويجعل الآخر عن يمينه وهو المدعى.

ومنها: موثقة الحسين بن العلوان واليك نصه: عبد الله بن جعفر الحميري عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "الْمَرْأَةُ خَلْفَ الرَّجُلِ صَفٌّ- وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ خَلْفَ الرَّجُلِ صَفّاً- إِنَّمَا يَكُونُ الرَّجُلُ إِلَى جَنْبِ الرَّجُلِ عَنْ يَمِينِهِ" [5] .

 

في السند الحسن بن ظريف او طريف والترديد ناشئ عن ما كان في القديم من عدم تعارف وضع النقاط على الحروف ولذا في كثير من الأسماء ترى الخلاف في قراءتها منقوطة ومهملة وعلى كل حال المترجم له وثقه النجاشي بقوله: (حسن بن طريف بن ناصح كوفي يكنى أبا محمد ثقة سكن بغداد وابوه قبل) وحسين بن علوان قال فيه: (الكلبي مولاهم كوفي عامي واخوه حسن أبا محمد ثقة رويا عن ابي عبد الله وليس للحسن كتاب والحسين أخص بنا واولى) فالسند موثق. والدلالة: ان الإمام عليه السلام اعتبر المرأة خلف امام الجماعة صف ولم يعتبر الرجل صفاً الا إذا وقف في يمين الامام. ولا يخفى انه لا يصدق الصف على شخص واحد وحتى على شخصين، ولكن الامام عليه السلام بالتوسعة للمضمون أراد ان يبين صحة الجماعة او الادب في الجماعة.

ومنها: خبر ابي البختري واليك نصه: في قرب الاسناد عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ: "رَجُلَانِ صَفٌّ فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً تَقَدَّمَ الْإِمَامُ".[6]

في سنده سندي بن محمد قال فيه النجاشي: (اسمه ابان يكنى أبا بشر صليب من جهينة ويقال من بجيلة وهو الأشهر وهو ابن اُخت صفوان بن يحيى كان ثقة وجهاً في اصحابنا الكوفيين)

اما ابو البختري فهو وهب بن وهب كوفي كان قاضياً ومؤدبَ وُلد حجاج، وروى الكشي عن علي بن قتيبة عن فضل بن شاذان قال: (كان أبو البختري من اكذب البريّة) وقال النجاشي فيه: (روى عن ابي عبد الله وكان كذّاباً وله أحاديث مع الرشيد في الكذب) وقال الشيخ فيه: (ضعيف وهو عامي المذهب). فالسند ساقط عن الاعتبار ولكن الدلالة تامة في المراد.

ولو كنا نحن وهذه الروايات لقلنا بوجوب وقوف الشخص الواحد إذا كان رجلاً في يمين الامام وإذا تعدّدوا فخلف الامام. فان ثلاثة مما ذكرناها من الروايات اسنادها تامة وواحدة منها ضعيفة مؤيدة للصحاح والموثقات. ولكن هناك روايات استندوا اليها لرفع اليد عن الوجوب والتنازل الى الاستحباب او الاحتياط الندبي او الوجوبي فنطل اطلالة عليها كي نحكم بينهما للوصول الى الأصح.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo