< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/04/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاةالجماعة / حول صفات المكروهة في امام الجماعة

کان بحثنا حول هذه المسألة حیث قال السید: (يكره إمامة الأجذم والأبرص والأغلف المعذور في ترك الختان والمحدود بحدّ شرعيّ بعد توبته ومن يكره المأمومون إمامته، والمتيمّم للمتطهِّر والحائك والحجّام والدبّاغ إلّا لأمثالهم، بل الأولى عدم إمامة كلِّ ناقص للكامل، وكلّ كامل للأكمل)

ونحن کملنا البحث الی قول السید: (بل الأولى عدم إمامة كلِّ ناقص للكامل، وكلّ كامل للأكمل) وقبل ان نبحث حول هذه الفقرة الاخیرة اود ان أذكر بعض موارد التي ذكرها بعض فقهائنا:

قال فی الجواهر: (وكذا تكره إمامة الأسير للنص) [1]

الظاهر ان المراد من النص ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ «5» ع قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع "لَا يَؤُمُّ الْمُقَيَّدُ الْمُطْلَقِينَ وَلَا صَاحِبُ الْفَالِجِ الْأَصِحَّاءَ-الحدیث". [2]

وَ کذلک مارواه بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ‌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ غِيَاثٍ عَنْ صَاعِدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ علیه السلام فِي حَدِيثٍ "لَا يَؤُمُّ الْمُقَيَّدُ الْمُطْلَقِينَ".[3]

وجه الاستدلال بهما ان المقیّد يأتي بمعنى الأسير.

اقول: عنوان الاسیر یختلف عن عنوان المقید، نعم قد یطلق علی السجین مقید لأنّه کثیراً ما کانوا یجعلون المسجون فی القید وقد یسمی اقسام السجون بالبنود وهی لغة بمعنی الحبال او السلاسل ولکن لیس کل اسیر فی القید فلابد ان نجعل عنوان الحکم مفردة المقید، ولعل النهی عن امامة المقید الذی جعلوه فی القید لانّه لا یستطیع ان یأتی بافعال الصلاة کمن لیس فی قید و یستشم من ذیل الحدیث حیث قال "ولا صاحب الفالج للاصحاء" لان الفالج ایضا غیر قادر علی اداء جمیع مناسک الصلاة.

ذکر العلامة فی المنتهی من موارد کراهة الایتمام الاعرابی فقال: (مسألة: ولا يؤمّ الأعرابيّ بالمهاجرين. وبه قال مالك. وقال عطاء، والثوريّ، وإسحاق، وأحمد، وأصحاب الرأي: لا يكره إمامته.

لنا: قوله تعالى ﴿الْأَعْرٰابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفٰاقاً وَأَجْدَرُ أَلّٰا يَعْلَمُوا حُدُودَ مٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ عَلىٰ رَسُولِهِ﴾[4] . و مَن هذه حالٌهٌ لا يصلح للإمامة. و ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير، و قد تقدّم. و ما رواه ابن بابويه عن أبي جعفر و أمير المؤمنين عليهما السلام، و قد سلف. احتجّ المخالف بعموم قوله عليه السّلام: «يؤمكم أقرؤكم». والجواب: الظاهر من حال الإعراب أنّهم ليسوا من أهل المعرفة بالقرآن). [5]

أقول: ولكن الله قال أيضا: ﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلاَ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[6] فالاعرابی بعنوانه لیس موضوعاً لکراهة الصلاة خلفه بل بما انه فاسق وجاهل فاذا کان مؤمناً لا اشکال فی امامته ومثل الآیتین فی الاعرابی مثل سورة العصر حیث قال تعالی: ﴿اٍنّ الاِنسانَ لَفی خُسرٍ الّا الَذینَ آمنٌوا وَعَمِلُوا الصّالحات﴾ الآیة

ثم قال: (فرع: لو كان الأعرابيّ ممّن يعرف محاسن الإسلام ووصفها جازت إمامته، عملا بالعموم السالم عن معارضة الجهل، وإن لم يكن كذلك لم يجز، لا لمثله ولا لمخالفة).[7]

وقال ایضا فی المنتهی: (مسألة: قال الشيخ في التهذيب: ينبغي أن يكون الإمام مبرّأ من سائر العاهات وهذا على الاستحباب إلّا ما استثني. فعلى هذا يكره إمامة الأصمّ، لأنّه ذو عاهة. ولو انضمّ إلى الصمم عمى كان أشدّ كراهة. وقال بعض الجمهور: لا تصحّ إمامته. لنا: أنّه من أهل الفرض لا يخلّ بشي‌ء من الأفعال فجازت إمامته كالصحيح. احتجّوا بأنّه إذا سها لا يمكن تنبيهه بتسبيح ولا إشارة. والجواب: احتمال العروض لا يمنع الصحّة، كالمجنون حال إفاقته).[8]

اقول: اولاً: لیس الاستحباب والکراهة نقیضان ولا ضدان لا ثالث لهما حتی یستنتج من استحباب برائة الامام من العاهات کراهة امامة الاصم والاعمی بل لهما ثالث وهو الاباحة بالمعنی الاخص فالمستحب هو ما کان فی وجوده فضل والکراهة ما کان فی وجوده هزازة والاباحة فاقد لکلا الجهتین ثانیاً: لا یبقی دلیل علی کراهة امامة ن به عاهة او اکثر مادام لم یخل باعمال ئاذکار الصلاة شیءاً.

ثم قال: (مسألة: وأمّا أقطع اليدين فلا نعرف لأصحابنا فيه نصّا، والأقرب جواز إمامته، عملا بعموم قوله: «يؤمّكم أقرؤكم». وقال بعض الجمهور: لا تجوز إمامته، لأنّه يخلّ بالسجود على الأعضاء السبعة. والجواب: أنّ السجود يفعله المأموم فلا يتحمّله الإمام. أمّا أقطع الرجلين فلا يجوز إمامته، لأنّه يدخل تحت القاعد.

فرع: تجوز إمامة من ذكرنا بمثله إجماعا، لحصول المساواة، وعدم فوات واجب بالجماعة).[9]

الظاهر انه لا لیس هناک اطلاق یفید جواز امامة الناقص لمثله الا ما ورد به نص کالاعرابی کما بیناه سابقاً.

وقال فی الجواهر: وزاد في النفلية و الفوائد الملية أنه ينبغي أن لا يكون الإمام أيضا مكشوف غير العورة من أجزاء البدن التي يستحب له سترها وخصوصا الرأس، أو آدرا أو مدافع الأخبثين إلا بمساويهم، بل من الأولى أيضا أنه روي ولا ابنا بأبويه.

بل عن البيان كراهة إمامة الكامل للأكمل و لومع الاذن المكروه وقوعها من الأكمل أيضا. بل عن جماعة كراهة إمامة السفيه، بل في التذكرة الإشكال في إمامته، و لعله لأنه و إن لم يكن فاسقا بفعل معصية لكنه غير عدل بفعل ما ينافي المروة منه، إذ السفيه من لا يبالي بما قال أو قيل له، لكن علله فيها بنقصه و علو منصب الإمامة، و هو مشعر بمنعه و إن لم يؤد إلى فسق، ولا ريب في ضعفه، إذ لو فرض سفه لا ينافي العدالة و لو من حيث المروة جازت إمامته كما في البيان لكن على كراهة ل‌قوله عليه السلام: "إن أئمتكم وافدكم إلى اللّٰه و شفعائكم اليه" ‌وما‌عن الفقيه بإسناده إلى أبي ذر رحمه اللّٰه قال: "إن إمامك شفيعك إلى اللّٰه فلا تجعل شفيعك سفيهاً ولا فاسقاً"

اقول: اما فی امامة کامل للاکمل یمکن الاستدلال له بما ورد من اختيار الأفضل لإمامة الصلاة وما ورد في مرجحات الامام من الأقرء والأفقه والأعلم و الأزهد وما الى ذلك مما ورد بصيغة التفضيل وقد مربنا في مباحثنا السابقة، فهي دالة على ارجحية الاكمل على الكامل فيما يعود الى شأن الصلاة واما السفه، فهو نقص اذا أدى الى نقص العقل او النقص في الدين فان كان النقص الى درجة لا تزاحم عنوان العاقل او العادل فلا يضر بإمامته ولكن الأكمل في هذه الجهات هو الأولى بالإمامة ندباً، والأصح ان نقول باستحباب اختيار الأفضل، لا كراهة اختيار غيره فان الاستحباب والكراهة ليسا ضدان لا ثالث لهما فالمستحب ما فيه فضيلة والمكروه ما فيه رذيلة و المباح بالمعنى الأخص فاقد لكلا الامرين فتامل جيداً.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo