< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم امامة الاجزم والابرص

 

کان بحثنا فی مسألة 20حیث قال السید: (يكره إمامة الأجذم والأبرص والأغلف المعذور في ترك الختان والمحدود بحدّ شرعيّ بعد توبته ومن يكره المأمومون إمامته، والمتيمّم للمتطهِّر والحائك والحجّام والدبّاغ إلّا لأمثالهم، بل الأولى عدم إمامة كلِّ ناقص للكامل، وكلّ كامل للأكمل)

فذكر المصنف في هذه المسألة احدى عشرة من موارد كراهة الائتمام بهم وقد ذكرنا في محاضرتنا السابقة بعض التعليقات على هذه المسألة واليوم نريد ان ندخل في دراسة هذه الموارد والبحث عن ادلتها:

اما الاجزم والابرص وهما مرضین مسریین وقد ورد فيهما طائفتان من الروايات نافية و موجبة:

اما الناهية:

فمنها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: "خَمْسَةٌ لَا يَؤُمُّونَ النَّاسَ وَلَا يُصَلُّونَ بِهِمْ صَلَاةً فَرِيضَةً فِي جَمَاعَةٍ- الْأَبْرَصُ وَالْمَجْذُومُ ووَلَدُ الزِّنَا- وَالْأَعْرَابِيُّ حَتَّى يُهَاجِرَ وَالْمَحْدُودُ".[1]

سند الصدوق الى محمد بن مسلم ضعيف. ولكن الدلالة على عدم جواز امامة الأبرص والاجزم واضح.

ومنها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "خَمْسَةٌ لَا يَؤُمُّونَ النَّاسَ عَلَى كُلِّ حَالٍ- الْمَجْذُومُ وَ الْأَبْرَصُ وَ الْمَجْنُونُ- وَ وَلَدُ الزِّنَا وَ الْأَعْرَابِيُّ".[2]

فی سنده جسين بن سعيد وهو الأهوازي بن حماد وثقه الكشي والشيخ وفي السند حسين بن عثمان وهو مشترك بين ثلاثة اشخاص الاحمسي، قال النجاشي: (الاحمسي البجلي كوفي ثقة)، واما حسين بن عثمان بن زياد الرواسي وثقه الكشي بقوله: (فاضل خير ثقة) والحسين بن عثمان بن شريك بن عدي العامري وثقه النجاشي، فلا إشكال في السند ابداً. واما الدلالة فقد نفى الإمامة عنهم.

وَمنها: ما رواه محمد بن یعقوب عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: "قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: "لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ خَلْفَ الْمَجْذُومِ وَ الْأَبْرَصِ- وَ الْمَجْنُونِ وَ الْمَحْدُودِ وَ وَلَدِ الزِّنَا- وَ الْأَعْرَابِيُّ لَا يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ".[3] سنده صحیح اعلائي والدلالة نهي مؤكد عن امامة الابرص والاجزم.

وَمنها: ما رواه الشیخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ (أَبِي إِسْحَاقَ) «فی المصدر اسحاق» عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: "لَا يُصَلِّي بِالنَّاسِ مَنْ فِي وَجْهِهِ آثَارٌ".[4] سنده ضعیف لانّ ابی اسحاق او الاسحاق کلاهما مشترک بین جمع جلهم لم یرد لهم توثیق والنتیجة تابعة لاخس المقدمات و کذا عبد الرحمن بن حماد لم يوثق، وابراهیم بن عبد الحمید وثقه الشیخ فالسند ضعیف. لایعتمد علیه والدلالة غیر صریحة فان اعتبرنا ان قوله علیه السلام: "مًن فی وجهه آثار" کنایة عن البرص فتتم الدلالة، او کان أبرص فی وجهه آثار. وعلی کل حال ضعف السند یغنینا عن البحث فی الدلالة.

فالى هنا عندنا ثلاث روايات صحاح ظاهرة في عدم صحة امامة الابرص والاجزم. ولكن في مقابل الروايات المانعة ما هو ظاهر في الجواز واليك إياها:

اما المجوزة:

منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ ظَرِيفِ بْنِ نَاصِحٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ‌الْمَجْذُومِ وَ الْأَبْرَصِ- يَؤُمَّانِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ نَعَمْ- قُلْتُ هَلْ يَبْتَلِي اللَّهُ بِهِمَا الْمُؤْمِنَ قَالَ نَعَمْ- وَ هَلْ كَتَبَ اللَّهُ الْبَلَاءَ إِلَّا عَلَى الْمُؤْمِنِ". [5] فی السند ظريف بن ناصح وثقه النجاشي بقوله: (كان ثقة في حديثه صدوقاً) وفيه ثعلبة بن ميمون : قال فيه الكشي: (هو ثقة خيّر فاضل مقدّم معلوم في العلماء والفقهاء الأجلّة من هذه العصابة) وقال النجاشي فيه: (كان وجهاً في اصحابنا قارياً فقيهاً نحوياً لغوياً راويةً وكان حسن العمل كثير العبادة والزهد) ولو لم يرد عنوان الثقة في هذه الصفات ولكن ما قال فيه النجاشي من الفضل له يكفينا للتوثيق وفوقه، ولكن عبد الله بن يزيد الراوي عن الامام عليه السلام لم يوثق، فالسند فيه خلل.

ومنها: ما رواه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيُّ فِي الْمَحَاسِنِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عُمَيْرٍ "عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَجْذُومِ وَ الْأَبْرَصِ مِنَّا- أَ يَؤُمَّانِ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ نَعَمْ- وَ هَلْ يَبْتَلِي اللَّهُ بِهَذَا إِلَّا الْمُؤْمِنَ؟- (قَالَ نَعَمْ) وَ هَلْ كُتِبَ الْبَلَاءُ إِلَّا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ؟".[6] فی سنده یعقوب بن یزید وثقه الکشی والشیخ والنجاشی. فالسند صحیح لا غبار علیه وهي ظاهرة في صحة امامة الاجزم والابرص.

اما الجمع بين الطائفتين: فعندنا صحيحة ابي بصير كان فيها: "خَمْسَةٌ لَا يَؤُمُّونَ النَّاسَ عَلَى كُلِّ حَالٍ- الْمَجْذُومُ وَالْأَبْرَصُ" وصحيحة زرارة ورد فيها: "لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ خَلْفَ الْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ" دلتا على النهي عن امامة المجزوم والابرص مؤكداً في الأولى بقوله على كل حال وفي الثانية بنون التأكيد الثقيلة. و هناك رواية أخرى رواها الصدوق بسنده ان محمد بن مسلم ورد فيها "خَمْسَةٌ لَا يَؤُمُّونَ النَّاسَ وَلَا يُصَلُّونَ بِهِمْ صَلَاةً فَرِيضَةً فِي جَمَاعَةٍ- الْأَبْرَصُ وَالْمَجْذُومُ" وهی انما يستفاد منها مؤيداً للصحيحتين، لانّ طريق الصدوق الى محمد بن مسلم ضعيف ورواية إبراهيم ابن عبد الحميد تفيدنا تأييداً إنْ كان قوله: "في وجهه آثار" كناية عن الابرص وهو غير ثابت او شمل الابرص والأجزم اللذين في وجههما آثار، ولكن هذا الاحتمال لا مرجح له، فيكفينا صحيحتان ورواية الصدوق بسنده عن محمد بن مسلم كمؤيد.

في مقابل هذه الطائفة روايتين تدلان على جواز الاقتداء بالأبرص والاجزم، احداهما: روایة عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ‌الْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ- يَؤُمَّانِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ نَعَمْ-" هي سندها ضعيف بعبد الله بن يزيد، والأخرى موثقة الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ مِنَّا- أَ يَؤُمَّانِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ نَعَمْ"

هناك قاعدة في الأصول إذا كان هناك روايات ناهية عن شيء وروايات مجوزة، تحمل الناهية على التنزيه كما ان إذا كانت روايات آمرة بشيء وروايات مجوزة للترك تحمل الامرة الى الندب. والسر في ذلك، ان الامر يفيد طلب المولى عن عبده والعقل يحكم بوجوب الامتثال الا اذا وجد مرخصاً فيحمل الطلب الى الندب والنهي يفيد طلب ترك الفعل والعقل يحكم بحرمة هذا الفعل لتحقق امتثال المولى الا اذا وجد مرخصاً للفعل فيحمل النهي على التنزيه أي مجرد كراهة الفعل دون الالزام بالترك ولذلك افتى السيد و جمع من الفقهاء بكراهة الامامة للابرص والاجزم جمعا بين الطائفتين.

لكن فيما نحن فيه: أولاً: الرواية المجوزة الصحيحة منحصرة في رواية حسين بن ابي العلاء وهو لم يرد له توثيق صريح،

قال النجاشي: (حسين بن ابوا العلاء الخفاف أبو علي الأعور مولى بني اسد) الى ان قال: (وقال احمد بن الحسين رحمه الله هو مولى بني عامر واخواه عليٌ وعبد الحميد روى الجميع عن ابي عبد الله وكان الحسين اوجههم) قال عناية الله قهبائي في تعليقته: (يظهر منه توثيق الحسين هذا فانه سيذكر في عبد الحميد أخيه انه ثقة وهذا أوجه منه فتدبر واذعن بلا توقف والحمد لله) [7] .

ولكن هل "اوجههم" دال على كونه اوثقهم؟ فلعل المراد من الأوجه الوجاهة عند العشيرة وهي لا يلازم الوثاقة في الحديث خصوصاً نرى في كتب الرجال عند ذكر اسمه لم يوثقوه فهل يمكن رفع اليد عن تلك الصحاح المؤكدة في النهي وما يؤيدها، لرواية واحدة نريد ان نصحح سندها بهذه التمهلات؟ أضف مناسبة الحكم والموضوع حيث ان مرض الجزام مسري ومتعدي الى الآخرين حتى ورد في الحديث "فر من الجزام كفرارك من الأسد" فنحن ان لم نقل الأقرب عدم الجواز فنقول الأحوط وجوباً عدم تصدي الاجزم والابرص لإمامة صلاة الجماعة والله اعلم والاحتياط سبيل النجاة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo