< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/04/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /تشاح الائمة و مزاحمة الراتب

قبل متابعة البحث من حيث انتهينا في اليوم الماضي نتدارك كلامنا في مسألة 18 بملاحظة قد نسيناها في اليوم الماضي

وهي: ان قول المصنف: (إذا تشاحّ الأئمّة رغبة في ثواب الإمامة لا لغرض‌ دنيويّ رجّح من قدَّمه المأمومون جميعهم تقديماً ناشياً عن ترجيح شرعيّ، لا لأغراض دنيويّة)

اولاٌ: ان تشاح الأئمة على ما ذهب اليه السيد الخوئي بان صفة الجماعة من الحکام التوصلیة فلا تتوقف صحتها بقصد القربة الى الله کاتصاف الصلاة في المسجد فلا يشترط في صحتها قصد التقرب الى الله فالغرض الدنيوي في الإمامة لا يضر بصحتها، ونحن ناقشنا هذا الرأي وقلنا ان الجماعة في الصلاة عبادة تعبدية ولا تصح الا بقصد القربة و تحتاج الى الإخلاص في النية.

ولكن لنا طريق آخر لتصحيح الجماعة ولو كان الداعي امرا دنيوياً وهو من باب الداعي الى الداعي كصلاة القضاء نيابة عن الميت في مقابل الأجرة وكذلك الحج والعمرة النيابيان وكثير من العبادات نيابة عن الغير فالطمع في الأجرة يصير داعياً لان يأتي بعبادة بداعي التقرب الى الله فالداعي الدنيوي دفعه الى فعل العبادة نيابة عن الغير، كما فد يجعل متبرعاً لبعض العبادات المستحبة جعلا لمن قام بها. وفيما نحن فيه يريد ان يكون اماما في هذا المسجد لان للمسجد موقوفة يكون ريعها لإمام المسجد، او يقبل الصلاة في بعض المؤسسات او المراكز الحكومية لأنهم يقدّمون لإمامهم راتباً شهرياً فلا اشكل حينئذ من باب الداعي الى الداعي ويتحقق من هذا الطريق إتيان العبادة بنيّة التقرب الى الله.

ولا يقاس بإتيان الصلاة في المسجد فان المسجد مكان من الأمكنة التي يمكن اختيارها لإتيان الصلاة فان اختاره تقرباً الى الله وامتثالاً لأمرها الندبي، فهو مثاب ومأجور عند الله، وان اتاها لغرض دنيوي مثلاً: لأنّه المسجد مكان دافع او بارد او لان يرى صديقه وامثال ذلك فصلاته صحيحة ولكن ليس له اجر من اقام الصلاة في المسجد، الا إذا قصد التقرب الى الله بعنوان الداعي الى الداعي.

ثم اشتراط ترجيح المأمومين لأحد الأئمة بكونه ناشئاً عن الترجيح الشرعي لا وجه له؟ فان ما ورد في الروايات انما جعل الميزان كراهة المأمومين ورضاهم فقد ورد في النبوي الذي رواه الصدوق: "ثَمَانِيَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً" الى ان قال: "وَإِمَامُ قَوْمٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ" وما ورد عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَرْبَعَةٌ لَا تُقْبَلُ لَهُمْ صَلَاةٌ- الْإِمَامُ الْجَائِرُ- وَالرَّجُلُ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ" الحديث. وما ورد عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ ع فِي حَدِيثِ الْمَنَاهِي َقالَ: "مَنْ أَمَّ قَوْماً بِإِذْنِهِمْ وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ" فالميزان انما هو الكراهة والرضا من دون قيد آخر. فعلى ذلك إذا رجّحوا أحداً من الائمة لأنّه من بلدهم او لأنّه من اقربائهم وغيرها مما لا ترجيح له شرعاً فلابد ان يؤخذ به لأنه الذي لا يكرهونه او أنّه الذي يرضون به.

(مسألة 19): الترجيحات المذكورة إنّما هي من باب الأفضليّة والاستحباب، لا على وجه اللزوم والإيجاب، حتّى في أولويّة الإمام الراتب الذي هو صاحب المسجد، فلا يحرم مزاحمة الغير له وإن كان مفضولًا من سائر الجهات أيضاً إذا كان المسجد وقفاً لا ملكاً له ولا لمن لم يأذن لغيره في الإمامة.

فی الیوم الماضی عرضنا بعض التعلیقات على هذه المسألة لمراجعنا العظام رضی الله عنهم و تکملة للبحث اقول:

ان ما ذكره السيد في جواز مزاحمة الإمام الراتب صاحب المسجد فان أراد من الصاحب مالك المسجد فالمسجد لا مالك له لانّ وقف المسجد هو تحرير الأصل وتسبيل الثمرة فأصله تحرر من الملكيّة وان أراد من الصاحب متولي المسجد سواء كان هو الواقف او اختاره الواقف او اختاره

عدول المؤمنین حیث لم یجدوا حاکم شرع، فلا يجوز مخالفته.

بل هي محكوم بالبطلان يسبق اليه احد فهو احق به" فمادام الامام الراتب ملتزم بالحضور ولم يرفع اليد عن الامامة فلا يجوز مزاحمته الا من جانب ولي المسجد الشرعي. والعرف یراه انه اتخذ المسجد مصلی جماعته. وعنوان الراتب من العناوین التی اعترف بها الشارع ولذا جعل احکاما لامام الراتب. ومثلها امام جمعة البلد لایجوز إقامة جمعة أخرى مزاحماً للجمعة الأولى فما دام امام جمعة الأولى لم ينصرف عن الامامة فهو احق بها والصلاة المزاحم باطل.

وفیما نحن فیه إذا كان مکان الصلاة ملكاً له، فهو ليس بمسجد وللمالك ان يختار للإمامة من يريد.

(مسألة 20): يكره (1) إمامة الأجذم و الأبرص و الأغلف المعذور في ترك الختان و المحدود بحدّ شرعيّ بعد توبته (2) و من يكره المأمومون إمامته، و المتيمّم للمتطهِّر و الحائك و الحجّام و الدبّاغ إلّا لأمثالهم (3) بل الأولى عدم إمامة كلِّ ناقص (4) للكامل، و كلّ كامل للأكمل)

تعلیقات:

.(1) قال السیدالبروجردي: (تقدّم الاحتياط في بعضها).وقال الإمام الخميني: (لا يترك الاحتياط في الأوّلين والمحدود).

.(2) قال السیدالحكيم: (تقدّم الإشكال في إمامته). وقال السید(الخوئي: (الاحتياط بعدم الائتمام به لا يترك)

. (3) قال الإمام الخميني: (بل مطلقاً في بعضهم.)

.(4) قال الشیخ آقا ضياء: (قد مرَّ أنّ ذلك هو الأحوط إذا كان موجباً لنقص في أفعال الصلاة و أقوالها‌ في غير ما استثني كما أشرنا سابقاً الى شبهة إطلاق لا يؤمّ المقيّد بالمطلق لأمثالها).

وسنبحث من خلال دراسة الأدلة فقه المسألة في جلسات الآتية ان شاء الله.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo