الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة / حكم تشاح الائمة

(مسألة 18): إذا تشاحّ الأئمّة (1) رغبة في ثواب الإمامة لا لغرض‌ دنيويّ رجّح من قدَّمه المأمومون جميعهم (2) تقديماً ناشياً عن ترجيح شرعيّ، لا لأغراض دنيويّة، وإن اختلفوا فأراد كلّ منهم تقديم شخص فالأولى ترجيح الفقيه الجامع للشرائط (3)، خصوصاً إذا انضمّ إليه شدّة التقوى والورع، فإن لم يكن أو تعدّد فالأولى تقديم الأجود قراءة، ثمّ الأفقه في أحكام الصلاة، ومع التساوي فيها فالأفقه في سائر الأحكام غير ما للصلاة، ثمّ الأسنّ في الإسلام، ثمّ من كان أرجح في سائر الجهات الشرعيّة، والظاهر أنّ الحال كذلك إذا كان هناك أئمّة متعدّدون (4)، فالأولى للمأموم اختيار الأرجح بالترتيب المذكور لكن إذا تعدّد المرجّح في بعض كان أولى ممّن له ترجيح من جهة واحدة، والمرجّحات الشرعيّة مضافاً إلى ما ذكر كثيرة لا بدّ من ملاحظتها في تحصيل الأولى، وربما يوجب ذلك خلاف الترتيب المذكور، مع أنّه يحتمل (5) اختصاص الترتيب المذكور بصورة التشاحّ بين الأئمّة أو بين المأمومين لا مطلقاً، فالأولى للمأموم مع تعدّد الجماعة ملاحظة جميع الجهات في تلك الجماعة، من حيث الإمام، ومن حيث أهل الجماعة: من حيث تقواهم وفضلهم وكثرتهم و غير ذلك، ثمّ اختيار الأرجح فالأرجح).

تعلیقات:

.(1) قال الإمام الخميني: (الأحوط الأولى ترك الصلاة خلف جميعهم نعم إذا تشاحّوا في تقديم صاحبهم و كلّ يقول تقدّم يا فلان ينبغي للقوم ملاحظة المرجّحات و ينبغي للأئمّة أيضاً ذلك).

الظاهر ان الامام قدس سره لم يكن مقتنعا بتحقق نية القربة عمن يقدم نفسه على الآخرين ليكون اماماً.

(2) قال السیدالخوئي: (بعض هذه الترجيحات لم نجد عليه دليلًا والأحوط ترك التشاحّ).

مرّ انّه رضوان الله علیه رفض المرجحات بحجة ضعف مستنداتها ونحن ناقشناه في هذا الموقف.

(3) قال السیدالحكيم: (في بعض الترتيب المذكور إشكال).

نعم الترتیب المذكور في كلام السيد لم ينسجم مع الترتيب المذكور في الروايات.

(4) قال السیدالبروجردي: (أو كان هناك جماعة صالحون لها و أراد المأمومون تقديم واحد منهم من دون تشاحّ بينهم و لا بين الأئمّة.).

وهو الاقرب لان الترتیب المذکور فی الروایات لم یکن محصورا لحال التشاح.

(5) قال السید(الگلپايگاني: (لكنه بعيد). وقال السید(البروجردي: (هذا غير محتمل). وقال الإمام الخميني: (غير معلوم بل الظاهر عدم الاختصاص بها).

نعم احتمال حصر الترتیب لحال التشاح لا وجه له لانّ فی روایات الترجيح لم تكن أي إشارة فيها الى حالة التشاح.

أقول: عندي هنا ملاحظتين:

أحدهما: ان قول المصنف: (إذا تشاحّ الأئمّة رغبة في ثواب الإمامة) اذا دار الامر بين استئثار في الامامة و ايثار الأفضل للإمامة لعل ترك الامامة للأفضل افضل واجره أكثر، وعمل بمقتضى روايات الترجيح، ولذا نرى بينما يقولون بأولوية صاحب البيت والامام الراتب، ولكن يقولون اذا وجد من هو افضل من نفسه يستحب له ان يقدمه على نفسه ويترك الإمامة له كما مضي هذا الامر في المسألة السابقة فلا ينبغي تشاح المفضول مع الأفضل ولا يستحب له الإمامة حتى يتشاح معه.

الملاحظة الثانية: ان قول المصنف: (رجّح من قدَّمه المأمومون جميعهم تقديماً ناشياً عن ترجيح شرعيّ، لا لأغراض دنيويّة) ما الدليل على حصر التقديم على منشئٍ شرعيٍ؟ فان ما ورد في الروايات انما الميزان كراهة المأمومين ورضاهم فقد ورد في النبوي الذي رواه الصدوق: "ثَمَانِيَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً" الى ان قال: "وَإِمَامُ قَوْمٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ" وما ورد عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَرْبَعَةٌ لَا تُقْبَلُ لَهُمْ صَلَاةٌ- الْإِمَامُ الْجَائِرُ- وَالرَّجُلُ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ" الحديث. وما ورد عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ ع فِي حَدِيثِ الْمَنَاهِي َقالَ: "مَنْ أَمَّ قَوْماً بِإِذْنِهِمْ وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ" فالميزان انما هو الكراهة والرضا من دون قيد آخر.

(مسألة 19): الترجيحات المذكورة إنّما هي من باب الأفضليّة والاستحباب، لا على وجه اللزوم والإيجاب، حتّى في أولويّة الإمام الراتب (1) الذي هو صاحب المسجد، فلا يحرم مزاحمة الغير له (2) وإن كان مفضولًا من سائر الجهات أيضاً إذا كان المسجد (3) وقفاً لا ملكاً له (4) ولا لمن لم يأذن لغيره في الإمامة.

.(1) قال السیدالخوئي: (فيه إشكال و الاحتياط بعدم مزاحمة الإمام الراتب لا يترك). وقال السید عبدالهادی الشيرازي: (الأحوط تقديم الإمام الراتب)

.(2) قال الإمام الخميني: (لكنّه قبيحة بل ربّما تكون مخالفة للمروّة). وقال السیدالگلپايگاني: (ما لم تستلزم محرّماً آخر كهتك عرض المؤمن أو وهناً في الدين أعاذنا اللّٰه من شرور أنفسنا)

.(3) قال السیدالفيروزآبادي: (أي مكان الصلاة)

.(4) قال الشیخ الحائري: (و إن كان في تصوّر ملكيّة المسجد إشكال). وقال السیدالگلپايگاني: (فلا يكون مسجداً).

ولنا كلام حول هذه المسألة نطرحها غدا ان شاء الله