< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/04/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /في جواز تصدي الفاسق للإمامة

(مسألة 16): الأحوط أن لا يتصدّى للإمامة من يعرف نفسه بعدم العدالة و إن كان الأقوى جوازه)

فيما سبق من البحث اتضح عدم جواز تصدي الفاسق للإمامة في الصلاة، لأنه تسبيب للدخول الى ما لا يجوز ولكن تقع صلاة المأمومين فرادى، سواء كان الامام صلاته باطلة لعدم الطهارة حدثاً او خبثاً او لكونه غير مسلم، او لم ينو الصلاة، او انه علم بعدم جواز التصدي ومع ذلك وقف اماماً، فصلاته باطلة لأنّها فعل المعصية فلا يمكن قصد القربة بها.

نعم إذا قلّد من يجوّز التصدي، او لم يلتفت بحرمة التصدي فتم عنده قصد التقرب بصلاته فصلاة الامام لا اشكال فيها وانما صحة جماعة المأمومين موقوف على القول: بان شرط العدالة في الامام شرط علمي فجماعة المأمومين تقع صحيحة وان قلنا شرط العدالة شرط حقيقي فجماعتهم باطلة وتقع صلاتهم فرادى لو زعموه عادلاً.

هناك روايات وردت ظاهرها وجوب إعادة الصلاة على المأمومين أيضا فلنمرّ عليها حتى نكمل تتبعنا في الادلة واليك ما ورد منها في رواياتنا:

1منها: صحيحة معاوية بن وهب رواها الشيخ عن حسين بن سعيد -عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: "قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَ يَضْمَنُ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ- فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَضْمَنُ- فَقَالَ لَا يَضْمَنُ أَيَّ شَيْ‌ءٍ يَضْمَنُ- إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ جُنُباً أَوْ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ". قال صاحب الوسائل بعد ذكر الحديث: (أَقُولُ: الْحُكْمُ بِضَمَانِ الْإِمَامِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ).[1]

لكن الحق ان المراد من ضمان الامام مسئوليته تجاه صلاة المأمومين فالإمام عليه السلام أراد ان يبين انه ليس على الامام مسؤولية الا اقامة صلاة صحيحة. فاذا كان جنباً او على غير طهر فهو آثم مؤاخذ عند الله لأنّه جفى على المأمومين في صلاتهم، ولا دلالة فيها على لزوم إعادة المأمومين لصلاتهم.

2 ومنها: وَبِإِسْنَادِهِ -الشيخ- عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَرْزَمِيِّ (عَنْ أَبِيهِ) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "صَلَّى عَلِيٌّ ع بِالنَّاسِ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ وَكَانَتِ الظُّهْرَ- ثُمَّ دَخَلَ فَخَرَجَ مُنَادِيهِ- أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع صَلَّى عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ- فَأَعِيدُوا فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ" هذه الرواية سندها ضعيف لجهالة الراوي عن الامام و وابيه ومن ناحية الدلالة لا تنسجم مع ما هو ضروري المذهب من عصمة اميرالمؤمنين عليه السلام من الخطاء ً فلا يتفق له مثل هذه القضايا التافهة والحكم المذكور فيها أيضا يعارضها روايات صحاح كثيرة.

انّ صاحب الوسائل بعد ذكر هذا الحديث قال: (قَالَ الشَّيْخُ هَذَا خَبَرٌ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ كُلِّهَا وَ هُوَ يُنَافِي الْعِصْمَةَ‌ فَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ)، وَقال صاحب الوسائل في نهاية كلامه حول الحديث: (الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّقِيَّةِ فِي الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْعَامَّةَ يَنْقُلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ ع وَ عَنْ عُمَرَ) [2] أقول: لا داعي لحمل الحديث على التقية وسنده لا عبرة به ودلالته خلاف الضرورة و وهن لمقام امير المؤمنين عليه السلام فإنكار نسبته الى المولى أولى من حمله على التقية والحديث ساقط سندا ودلالة.

3ومنها: ما رواه الشيخ َبِإِسْنَادِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ "سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنِ الصَّلَاةِ- خَلْفَ رَجُلٍ يُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ- قَالَ لِيُعِدْ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا خَلْفَهُ". قال في الوسائل: (أَقُولُ: هَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمَأْمُومَ كَانَ عَالِماً بِاعْتِقَادِ الْإِمَامِ وَلَيْسَ فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا بِهِ وَإِنَّمَا عَلِمَ بَعْدُ).[3]

نعم أراد الامام عليه السلام ان يبيّن ضلالة من يكذِّب بالقدر وهو ورد في نص القرآن.

4 ومنها ما رواه النوري في المستدرك عن دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ قَالَ: "صَلَّى عُمَرُ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عُمَرَ صَلَّى بِكُمُ الْغَدَاةَ وَ هُوَ جُنُبٌ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ فَمَا ذَا تَرَى فَقَالَ عَلَيَّ الْإِعَادَةُ وَ لَا إِعَادَةَ عَلَيْكُمْ، قَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع بَلْ عَلَيْكَ الْإِعَادَةُ وَعَلَيْهِمْ إِنَّ الْقَوْمَ بِإِمَامِهِمْ يَرْكَعُونَ وَ يَسْجُدُونَ فَإِذَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ‌"[4]

ومنها ما رواه في المستدرك عن السَّيِّدُ فَضْلُ اللَّهِ الرَّاوَنْدِيُّ فِي نَوَادِرِهِ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الرُّؤْيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّيبَاجِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع عَنْ عَلِيٍّ ص قَالَ: "مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ أَعَادَ هُوَ وَالنَّاسُ صَلَاتَهُمْ"‌[5] سندها ضعيف لجهات والدلالة يحتمل فيها أراد الامام عليه السلام ان يبين عدم جواز الاقتداء بالجنب.

قال ميرزا حسين النوري بعد نقل الحديث: (قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَلَامَ صَدَرَ مِنْهُ ع فِي الْمَوْرِدِ الْمَذْكُورِ فِي خَبَرِ الدَّعَائِمِ). هذا الظهور غير ظاهر الا اذا عنى من الظاهر المحتمل فلا بأس به. ثم قال: (وَقَالَ الشَّيْخُ الْأَعْظَمُ الْأَنْصَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ ذِكْرِ خَبَرِ ‌الدَّعَائِمِ وَ الْمُنَاقَشَةُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ السَّنَدِ أَوْ مِنْ حَيْثُ الدَّلَالَةِ، -حَيْثُ إِنَّ الْكُلِّيَّةَ الْمَزْبُورَةَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا فِي مَوْرِدِهَا لِأَنَّ تَبَيُّنَ جَنَابَةِ الْإِمَامِ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ- مَرْدُودَةٌ بِانْجِبَارِ مَضْمُونِ الرِّوَايَةِ وَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ عِلَّةً حَقِيقِيَّةً لِفَسَادِ صَلَاةِ الَّذِينَ صَلَّوْا مَعَ عُمَرَ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ فَاسِدَةٌ مِنْ وُجُوهٍ لَا تُحْصَى فَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ صُورِيٌّ لَا تَقْدَحُ فِيهِ مُخَالَفَةُ مَوْرِدِهِ الصُّورِيِّ لِلْفَتْوَى. وَثَانِياً: بِأَنَّ عَدَمَ الْعَمَلِ بِالْعِلَّةِ فِي مَوْرِدِهَا لَا يُوجِبُ طَرْحَ الْعِلَّةِ لِأَنَّ مَنْصُوصَ الْعِلَّةِ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْقِيَاسِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى حَتَّى يَبْطُلَ التَّمَسُّكُ بِهِ بَعْدَ وُجُوبِ طَرْحِهِ فِي مَوْرِدِهِ‌).

وان شاء لله نحن نتابع بحثنا غدا في امرين ذكر بعض آراء الفقهاء في المسألة ورأينا في ان العدالة شرط واقعي او شرط علمي مما يترتب عليه نتائج مصيرية المسألة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo