< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/04/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /في جواز امامة الفاسق

(مسألة 16): الأحوط أن لا يتصدّى للإمامة من يعرف نفسه بعدم العدالة و إن كان الأقوى جوازه)

في الجلسة الماضية كان بحثنا في أدلة القائلين بحرمة التصدي للإمامة لمن يعرف نفسه بعدم العدالة، وكان من ادلتهم التمسك بمفهوم قوله عليه السلام: "إن كان الذي يؤمّ بهم ليس بينه وبين اللّٰه طلبة فليفعل" في رواية السياري، وقد ناقشنا فيها بضعف السند وعدم امكان الالتزام بمفهومها والدليل الثاني الذي استدلوا بها هو: ان عرض النفس للإمامة تسبيب الى الحرام حيث يوجب وقوع المأموم فيما لا يجوز عليه، وقد أنكر والسيد الخوئي التسبيب بقوله: (غاية ما هناك أنّ الإمام يجعل نفسه معرضاً لأن يؤتمّ به، وهذا لا يستوجب‌ استناد فعل المأموم إليه عرفاً من اقتدائه أو بطلان صلاته، وإنّما هو مسبَّب عن اعتقاده عدالة الإمام. فليست المعرضية إلّا من قبيل المعدّات، نظير بيع العنب ممّن يحتمل أنّه يصنعه خمراً، أو الطعام لأحد وهو يحتمل أنّه يأكله في نهار شهر رمضان) [1]

ونحن ما اقتنعنا بهذا الكلام على من يرى ان العدالة شرط واقعي في الامام، وقلنا هذا قياس مع الفارق بل المقيس عليه هو عرض الطعام النجس في سفرته المبسوطة للضيف، فان في مسألة بيع العنب وبيع الطعام في شهر رمضان لم يجعل المشتري في الحرام من دون ارادته بخلاف الامام الفاسق فهو في المفروض عرض الصلاة التي لا تصلح للاقتداء بها على المأموم الجاهل بوضعه فهو سبب وقوعه في الحرام واقعاً على القول بكون العدالة شرط واقعي في صحة الجماعة لا شرط علميّ.

والمجوّزون بعد الرد على ادلة المانعين، تمسّكوا بأصالة الجواز في المسألة، كما تمسكوا ايضاً ببعض الروايات المتضمّنة لعدم بطلان صلاة المأمومين بفساد صلاة الامام بل وعدم وجوب إعلام المأمومين بفساد صلاته.

منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: "مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَهُوَ جُنُبٌ أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ- فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعِيدُوا- وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُمْ- وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَهَلَكَ قَالَ- قُلْتُ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ بِمَنْ قَدْ خَرَجَ إِلَى خُرَاسَانَ- وَكَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ بِمَنْ لَا يَعْرِفُ قَالَ هَذَا عَنْهُ مَوْضُوعٌ".[2]

ومنها: محمد بن يعقوب: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع "عَنْ رَجُلٍ أَمَّ قَوْماً- وَهُوَ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ فَأَعْلَمَهُمْ بَعْدَ مَا صَلَّوْا- فَقَالَ يُعِيدُ هُوَ وَلَا يُعِيدُونَ."[3]

منها: صحيحة محمد بن مسلم: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى (وَفَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ) عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: "سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ- فَلَا يَعْلَمُ حَتَّى تَنْقَضِيَ صَلَاتُهُمْ- قَالَ يُعِيدُ وَلَا يُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ- وَإِنْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ".[4]

ومنها: الشيخ عَنْ حسين بن سعيد عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: "سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ صَلَّى بِهِمْ إِمَامُهُمْ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ- أَ تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ أَمْ يُعِيدُونَهَا فَقَال، لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِمْ تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ وَعَلَيْهِ هُوَ الْإِعَادَةُ- وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُمْ هَذَا عَنْهُ مَوْضُوعٌ" [5]

ومنها: صحيحة عبد الله بن ابي يعفور: الشيخ عَنْ حسين بن سعيد عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ: "سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ أَمَّ قَوْماً- وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ- فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إِعَادَةٌ وَعَلَيْهِ هُوَ أَنْ يُعِيدَ". [6] وغيرها من الروايات التي نغمض العين عن ذكرها رعاية للاختصار.

وجه الاستدلال على جواز تصدي من يعرف نفسه بعدم العدالة للإمامة بهذه الروايات الصحاح: انّ الإمام كان فاقد الطهارة ولم يكن مصلياً، مع ذلك لم يدخل على صلاة المأمومين خللٌ، فبالأولى اذا كان مصلياً بصلاة صحيحة ولكنه فاقد لشرط العدالة لا توجب خللا في صلاة المأمومين.

هناك روايات كان الامام فيها فاقدا للإيمان مع ذلك لم توجب إعادة الصلاة على المأمومين:

منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع "فِي قَوْمٍ خَرَجُوا مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ بَعْضِ الْجِبَالِ- وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ رَجُلٌ- فَلَمَّا صَارُوا إِلَى الْكُوفَةِ- عَلِمُوا أَنَّهُ يَهُودِيٌّ قَالَ لَا يُعِيدُونَ" [7] . في سنده ارسال الا ان المرسل هو ابن ابي عمير الذي كان من فقهاء الصحابة ولذا اعتمد جمع من الفقهاء على مرسلاته واعتبروها مسندات وجعلوا روايته عن شخص توثيقا له لأنّه لا يروي الا عن ثقة.

وهناك روايات تدل على صحة صلاة المأمومين حتّى مع عدم كون الإمام ناوياً للصلاة:

منها: صحيحة زرارة: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَارَةَ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع "رَجُلٌ دَخَلَ مَعَ قَوْمٍ فِي صَلَاتِهِمْ- وَ هُوَ لَا يَنْوِيهَا صَلَاةً- وَ أَحْدَثَ إِمَامُهُمْ وَ أَخَذَ بِيَدِ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَقَدَّمَهُ فَصَلَّى بِهِمْ- أَ يُجْزِئُهُمْ صَلَاتُهُمْ بِصَلَاتِهِ وَ هُوَ لَا يَنْوِيهَا صَلَاةً- فَقَالَ لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ قَوْمٍ فِي صَلَاتِهِمْ- وَهُوَ لَا يَنْوِيهَا صَلَاةً- بَلْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْوِيَهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى- فَإِنَّ لَهُ صَلَاةً أُخْرَى- وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلْ مَعَهُمْ- وَقَدْ تُجْزِي عَنِ الْقَوْمِ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا"[8]

وصاحب الوسائل بعد ذكر هذا الحديث اتى له بسندين أخريين فقال: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ) فهذه الرواية المباركة لها ثلاثة اسناد صحيحة.

اما الدلالة فقد حكم الامام بقوله: "وَقَدْ تُجْزِي عَنِ الْقَوْمِ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا" بعدم وجوب الإعادة على المأمومين.

فاذا جاز ذلك مع فساد صلاة الامام جاز مع فساد الإمامة وصحّة الصلاة كما في المقام بطريق أولى. ولنا تكملة للكلام نتابعها غدا ان شاء الله

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo