< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/04/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /في امامة غير العادل

(مسألة 16): الأحوط أن لا يتصدّى للإمامة من يعرف نفسه بعدم العدالة و إن كان الأقوى جوازه (1).

.(1) في غاية الإشكال. (آل ياسين).لا يترك الاحتياط (الفيروزآبادي).لكن لا يترتّب عليه آثار الجماعة على الأقوى. (الخوئي).لكن لا يجوز ترتيب أحكام الجماعة. (الحكيم).لكن لا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة إذا اتّفق له الرجوع في الشكّ إلى المأمومين. (الگلپايگاني).

فی هذه المسألة أولا: هل يجوز من لا يرى نفسه اهلا للإمامة ان يتصدى لها تكليفاً؟

ثانیاً: التصدي موجب لبطلان صلاة الامام؟

ثالثاً: ما حكم صلاة المأمومين إذا ظنوه عادلاً فصلوا خلفه؟

ففي أصل الجواز او عدمه تكليفا قولان:

الأول عدم الجواز واستدلوا عليه بامور:

يستدل لعدم جواز التصدي:

اولاً: بما رواه ابن إدريس عن كتاب السياري قال «قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة، فيقدّم بعضهم فيصلّي بهم جماعة، فقال: إن كان الذي يؤمّ بهم ليس بينه وبين اللّٰه طلبة فليفعل» [1] . دلّ بمقتضى المفهوم على عدم جواز الإمامة لمن يرى أنّ بينه وبين اللّٰه طلبة وإثماً.

وفيه: هذه الرواية ضعيفة السند للإرسال حيث ان ابن ادريس كان يعيش في عام598 و السيّاري كان معاصراً لإمام الجواد عليه السلام ولم يذكر الوسائط في الحديث واليساري كذلك لم يرد له توثيق ولو هو موجود في رجال ابن قولويه في كامل الزيارات ولكنه لم يكن من شيوخه، والسيد الخوئي كان يوثقه في بادئ الامر ثم تنبه وانصرف عن التعديل الا من كان من شيوخ المباشر لابن قولويه.

اما من حيث الدلالة: لو كنّا نحن وهذه الرواية لقلنا بدلالتها على عدم الجواز لظاهر قضية الشرطية ولكن لا يمكن القول بمقتضى ظاهرها لأنّ في إمامة الجماعة يشترط العدالة ولا يضرّ مجرّد طلبة وهي تشمل المعصي الصغيرة ايضاً، لأنّها خلاف نصوص كثيرة، مضافاً الى حصر الإمامة فيمن ليس له تبعة عند الله قليل جداً او غير موفور، فلا يلائم مع سنة الجماعة التي لابد ان تكون سارية في جميع البلاد وقد كان المرحوم السيد القمّي (قدس سره) يقول: إنّ من يرى من نفسه أنّه غير مأثوم، وليس بينه وبين اللّٰه طلبة وإثم، فهو غبيّ قاصر، ولا يكاد يدّعيه العاقل.

الدليل الثاني: أنّ الجماعة تلازم أحكاماً، من رجوع المأموم إلى الإمام لدى عروض الشكّ في الركعات حتى في فرض الله الذي يكون الشك فيه مبطلاً للصلاة، ان كان منفرداً، ففي الجماعة يعتمد الامام على المأموم والمأموم يعتمد على الامام، كما يغتفر زيادة الركوع من المأموم، اذا كان لمتابعة الامام كمن قام من ركوعه بزعم قيام الامام فرأى الامام مستمر في الركوع فيعود اليه ولا اشكال في صلاته. ففيما نحن فيه اذا لم يكن الامام اهلا للإمامة فجماعة الامام والمأموم باطلة، على رأي من يرى العدالة شرط واقعي في الجماعةّ. ففي بعض هذه الأمور تبطل صلاة المأموم وفي بعضها تبطل صلاة الامام أيضا عند اتّفاق هذه الأُمور. وحيث إنّ البطلان صلاة المأموم مستند إلى الإمام، لكونه السبب في إيجاده بتصديه الإمامة عالماً بعدم اللياقة وفساد الجماعة، فتصديه حرام لحرمة التسبيب إلى الحرام كارتكابه. فصلاة الامام أيضا باطلة لأنّه اتي بصلاة محرمة لكونها مصداقا للتسبيب الحرام ولا يمكن التقرب الى الله بفعل الحرام.

وردّ السيد الخوئي هذا الدليل بقوله: (أنّ الكبرى أعني حرمة التسبيب إلى الحرام كمباشرته فيما إذا كان الفعل محرّماً على الكلّ كانت مسلّمة، فلا يجوز تقديم الطعام النجس إلى الغير ليأكله بلا إشكال، لكنّ الصغرى ممنوعة، فإنّ التصدّي للإمامة ليس إلّا مقدّمة إعدادية لبطلان الصلاة، إذ ليس هو سبباً للايتمام فضلًا عن البطلان. غاية ما هناك أنّ الإمام يجعل نفسه معرضاً لأن يؤتمّ به، وهذا لا يستوجب‌ استناد فعل المأموم إليه عرفاً من اقتدائه أو بطلان صلاته، وإنّما هو مسبَّب عن اعتقاده عدالة الإمام. فليست المعرضية إلّا من قبيل المعدّات، نظير بيع العنب ممّن يحتمل أنّه يصنعه خمراً، أو الطعام لأحد وهو يحتمل أنّه يأكله في نهار شهر رمضان، ونحو ذلك من المقدّمات الإعدادية. نعم، لا نضايق من صدق التسبيب لدى علم الإمام باتّفاق هذه الأُمور الموجبة للبطلان، لكنّه فرض نادر، ولعلّه لا يكاد يتّفق خارجاً بتاتاً. وعلى الجملة: لا تسبيب إلى الحرام في مثل المقام، فلا مانع من التصدّي للإمامة واذا لم يتم دليل على الحرمة فالأصل فيه الجواز).[2]

ولنا ملاحظة في قوله: حيث قاس مسألتنا ببائع العنب لمن يحتمل ان يعمل به خمرا او بائع الطعام لمن يحتمل ان يفطر به في نهار شهر رمضان وهذا القياس مع الفارق لان في المثالين عمل الخمر ارادي له وإفطار شهر رمضان أيضا يتم بإرادته. واهو قابل للقياس بما نحن فيمن يجعل طعام النجس في سفرة ضيفه وهو لا يدري بنجاسته. فان من يعلم بعدم لياقته للامامة ويتصدى لها لمن يزعم انه عادل. عرض صلاة لا تصلح للاقتداء به الى المأموم ليقتدي به فهو غرره بجماعة باطلة على القول بان العدالة شرط حقيقي لصحة الجماعة نعم ان قلنا انها شرط علمي فلا بأس به لان جماعة المأموم لا يرد عليها بطلاناً. كما ان قوله: (لا يكاد يتفق خارجاً بتاتاً) بالنسبة الى اتفاق ما يوجب بطلان صلاة المأموم مبالغة في القول، لان كثيرا ما يعتمد المأموم في عدد الركعات بصلاة الامام وهو غافل عن حفظ العدد وشاك فيها فليس الاتفاق الشك في الركعات والاعتماد على الامام امراً لا يكاد يتفق.

ففي هذه المسألة ان قلنا إذا كان صلاة الامام صحيحة والاقتداء به زعما لتوفر شروط الامامة صحيح فلا يترتب محرّم من عرض نفسه للإمامة ولكن اذا كانت عدم لياقته للإمامة لبطلان صلاته لكفره او جنابته او كان محدثا بالأصغر فصلاة المأموم تقع فرادى وباطل اذا كان فيها خلل من الخمسة التي وردت في حديث لاتعاد.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo