< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/04/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حجية خبر الواحد في عدالة الامام

کان بحثنا في حجية خبر الواحد في الموضوعات و قد ذكرنا ادلة الفريقين من المثبتين والنافين والمثبتين استدلوا بالآيات التي يستدل بها على حجية خبر الواحد كما استدلوا على روايات تدعوا الى مراجعة الثقات والعلماء من أصحاب الائمة، والاقرب عندي ان ادلة التي أقيمت لحجية خبر الثقة ادلة متينة لأن بعضها تدل على حجية خبر الثقة بالإطلاق وبعضها ورد في الموضوع كآية النبأ وبعضها بالدلالة الإلتزامية، مثلاً: يظهر من هذا السؤال: "أ فيونس بن عبد الرحمن ثقة نأخذ معالم ديننا عنه"؟ ان الكبرى كان عنده امر مفروق عنه وانما يسأل عن الصغرى لتطبيقها على تلك الكبرى والإمام يجيبه ب-نعم- ففيه تقرير لما كان في ذهن السائل من حجية خبر الثقة.

هكذا في قوله عليه السلام: "عليك بزكريا بن آدم المأمون على الدين والدنيا" فقوله المأمون على الدين والدنيا بمنزلة العلة ويعم الجواب الحكم والموضوع.

كذلك ما رواه احمد بن اسحاق عن امام الهادى عليه السلام قال: سألته من اعامل؟ وعمّن أخذ؟ وقول من اقتبل؟ فقال: العمري ثقتي، فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي وما قالك عنّي فعنّي يقول، فاسمع له وأطع. فإنّه الثقة المأمون. قال: وسألت أبا محمّد (ع) عن مثل ذلك، فقال: العمري وابنه ثقتان فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان وما قالا لك عنّي فعنّي يقولان فاسمع لهما وأطعهما فإنّهما الثقتان المأمونان.[1] الفاء في كل هذه الموارد يفيد العلة وهي تعمم وتحصص.

وما ورد في الامر بنقل الروايات والتأكيد على كتابتها ونشرها. فهي كاشفة عن حجية خبر الثقة بما انه ثقة وخصوصية الخبر لا دخل فيه بحجيته.

كما استدلوا بسيرة العقلاء واعتبروها العمدة في الدليل وجعلوا كل الآيات والروايات الدالة على جواز الاخذ بخبر الثقات امضاءً من الشريعة لتلك السير.

والنافين استدلوا ببعض الآيات التي تمنع عن الأخذ بغير العلم وتنهى عن اتباع الظن وكذلك الروايات التي تدل على عدم قبول الشهادة الواحدة ولزوم اثنين من الرجال او انضمام النساء الى الرجل مما ذكرنا نماذج منها، مستفيدا منها قاعدة كليه وهو: عدم قبول شاهد واحد في الموضوعات.

ونحن ناقشنا وجود سيرة تعبدية بين العقلاء تفيد حجية خبر العادل او الثقة. وقلنا أن العقلاء يعتمدون في حاجاتهم الى معدل درجة قوة الاحتمال والمحتمل.

مضافا الى ان الميزان في سيرة العقلاء هو درجة فوة الاحتمال مع المحتمل، قد يتحركون الى مصلحة محتملة ولو كان الاحتمال ضعيفاً إذا لم يكلفهم المتابعة وراء تلك المصلحة شيئاً.

او يجتنبون عن مفسدة محتملة ولو كان الاحتمال ضعيفاً وهكذا...

نعم هناك امر واقع بين العقلاء وهو ان بعض المسؤولين يجعلون فيما بينهم وبين الناس وسائط يعلنون ثقتهم بتلك الوسائط فيعبِّدون الناس على قبول اقوالهم عنهم، فيتعبّد الناس بهؤلاء بمجرد قولهم. كالناطقون عن رؤساء الجمهورية والوزراء او بعض أصحاب المراجع العظام حيث رئيس مكتبه او ولده الأكبر يتكلم باسم ابيه بما انه أعطاه الصلاحية ليتكلم عنه فاذا اخبر بشيء من فتاوى المرجع او أوامره الناس يقبلون الكلام ولو لم يحصل اطمئنان بصحته و بقي عندهم احتمال الخطاء

مثل هذا الامر ورد من الشارع تسهيلاً للاُمّة بأمور منها: حجية قول ذو اليد فيما تحت يده ومنها: اصالة الطهارة واصالة الحل واصالة عدم الخطاء ومنها ظاهر السوق ومنها: اصالة ملكية لما تحت حوزته وغيرها من الأمور المظنونة والمشكوكة ويمكن استفادة الاطلاق من ادلة المفيدة لحجية قول الثقة و القول بشمولها للموضوعات الا ما خرج بالدليل مثل باب المرافعة والقضاء والاشهاد على الطلاق و ما يترتب عليه الحد كالقتل والزنا واللواط و الدين ففي بعضها يجب رجلين و في بعضها أربعة و في بعضها لا تقبل شهادة النساء بمفردهن وفي بعضها لا تقبل مطلقا بما فيها من التفاصيل. فهذه الموارد كل منها له خصوصيته ولكن في غير موارد النصوص والموارد التي نعرف ان الشارع يريد منا الاحتياط والدقة ولا يكفي مجرد خبر ثقة واحدة بل لابد من الاطمئنان فحجية خبر ثقة واحدة انما تكون فيما لا يترتب على فرض الخطاء خسارة كبيرة من فساء في الأموال او الانفس فقوله تعالى: ﴿ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوماً بجهالة﴾ يشمل ملاكاً إذا كان الجائي بالخبر عادل ولكن يحتمل خطائه في خبره والخطاء يترتب عليه قتل نفس محترمة او هتك عرض محترمة او ما شابه من الامور التي لا يمكن الاستهانة بها.

فنستنتج من بحثنا هذا حجية خبر الثقة في الأمور العاديّة، إذا لم يقترن بقرائن تفيد اشتباه المخبر ولا يترتب على قبول الخبر على فرض الخطاء خطر كبير.

الى هنا فرغنا عن المسألة الأصولية التي دخلنا فيها طردا للباب ونعود الى بحثنا الفقهي فنقول: ما قاله السيد رضوان الله عليه في:

(مسألة 14): إذا شهد عدلان بعدالة شخص كفى في ثبوتها إذا لم يكن معارضاً بشهادة عدلين آخرين، بل وشهادة عدل واحد بعدمها). ونضيف إذا شهد ثقة واحدة بعدالة امام يكفي في جواز الاقتداء به الا اذا عارضه قول آخر.

وفي (مسألة 15): إذا أخبر جماعة غير معلومين بالعدالة بعدالته و حصل الاطمينان كفى، بل يكفي الاطمينان إذا حصل من شهادة عدل واحد،الخ) فنضيف انه ليس حصول الاطمئنان شرطا في جواز قبول قول شاهد واحد بالعدالة فالاطمئنان كافي باي وسيلة حصل. وغدا ندخل في المسألة السادس عشر ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo