< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/04/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حجية خبر الواحد في الموضوعات

کان بحثنا فی دراسة ادلّة القائلين بعدم حجية الخبر الواحد في الموضوعات وناقشنا في الأيام الماضية دلالة الآيات ثم ناقشنا دلالة بعض الروايات التي استدلوا بها،

ومما استدلوا بها:

صحيحة يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ هَلَكَ- وَتَرَكَ غُلَاماً مَمْلُوكاً فَشَهِدَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَنَّهُ حُرٌّ- فَقَالَ تُجَازُ شَهَادَتُهُ فِي نَصِيبِهِ- وَيُسْتَسْعَى الْغُلَامُ فِيمَا كَانَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْوَرَثَةِ. وجه الاستدلال ان الامام عليه السلام انما أجاز شهادة بعض الورثة في نصيبه وحكم بلزوم سعي الغلام في نصيب سائر الورثة ولو كان شهادته مقبولا لما كان على العبد ان يسعى لنصيب الآخرين.

الجواب عن هذا الاستدلال ان في المورد يكون في موضع القضاء ولا تجوز شهادة المدعي في مورد ادعائه وقبولها في نصيبه كان من باب: "إقرار العقلاء على أنفسهم نافذ" كما بيناه في مناقشة صحيحة محمد بن مسلم في البحث السابق.

واما: روايات التي وردت في عدم نفوذ شهادة النساء في أبواب مختلفة كأبواب الرضاع وابواب العدّة والطلاق، والنكاح، أكثرها متوفرة في الجزء 27، الباب ۲٤ من الشهادات. فإليك نماذج منها:

منها: صحيحة محمد بن حمران: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْنَا أَ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ- فَقَالَ فِي الْقَتْلِ وَحْدَهُ إِنَّ عَلِيّاً ع كَانَ يَقُولُ- لَا يَبْطُلُ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ". وَرَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ[1] في السند محمد بن حمران وهو ابن اعين وثقه النجاشي.

فهذا الحديث ينفي شهادة النساء الا في القتل.

ومنها: صحيحة الحلبي: كليني عن علي بن إبراهيم عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ- فَقَالَ تَجُوزُ إِذَا كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ- وَ كَانَ عَلِيٌّ ع يَقُولُ لَا أُجِيزُهَا فِي الطَّلَاقِ- قُلْتُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرَّجُلِ فِي الدَّيْنِ- قَالَ نَعَمْ وَسَأَلْتُهُ عَنْ شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ فِي الْوِلَادَةِ- قَالَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَاحِدَةِ- وَقَالَ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْمَنْفُوسِ- وَالْعُذْرَةِ وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَجَازَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ- فِي الدَّيْنِ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ- يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ.[2]

في هذا الحديث عدة مسائل:

أولاً: أجاز شهادة النساء في عقد القران بشرط يكون معهن رجل وتعرفون ان الاشهاد في العقد القران على مذهب اهل البيت عليهم السلام ليس شرطا في صحة العقد ولكنه مستحب والشهود يفيدون إذا حدث بين الزوجين نزاع لا سمح الله ان يشهدوا عند القاضي في المحكمة والمحكمة لها خصوصية لابد فيها من اتقان فالتشدد لما يريد الشرع المقدس عدم انحلال الاسرة بشيء بسيط.

ثانياً: ان شهادة النساء غير مقبول في الطلاق، ولعل السرّ في ذلك ان الشارع لا يحب الفصل بين الزوجين فجعل هناك شروط معرقلة حتى لا يسرعوا في طلاق الأزواج، فشرط ان يكون الطلاق في طهر غير المواقعة كما شرط حضور العدلين في مجلس الطلاق واوصي الشهود ان يوعظوا الزوجين للإصلاح بينهما. وبعد الطلاق الرجعي لا يجوز اخراج الزوجة في مدة العدة وندب الزوجة الى تزينها لزوجها لعله يعود اليها.

ثالثاً: ان الشارع المقدس يهتم بتسهيل اثبات حق المدعي في باب الدين بشاهد وحلف المدعي وأجاز شهادة القابلة شاهدة واحدة واجاز شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْمَنْفُوسِ- وَالْعُذْرَةِ تسهيلا على الامّة فيما ينبغي اثباته،

5-- كليني عَنْ محمد بن يحيى عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْحَارِقِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ: "تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ- فِيمَا لَا يَسْتَطِيعُ الرِّجَالُ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَيْهِ وَ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ- وَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِي النِّكَاحِ- وَ لَا تَجُوزُ فِي الطَّلَاقِ وَ لَا فِي الدَّمِ- وَ تَجُوزُ فِي حَدِّ الزِّنَا إِذَا كَانَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ وَ امْرَأَتَانِ- وَلَا تَجُوزُ إِذَا كَانَ رَجُلَانِ وَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ- وَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِي الرَّجْمِ".[3]

سنده ضعيف لأن إبراهيم الحارقي لم يرد ترجمته في الرجال، لكن الدلالة تفيد عدم قبول شهادتهن فيما لا يكون للشارع دافع لكشف الموضوع، ومقبول فيما يتوقف عليه حق يريد الشارع اثباته.

أن النافين لحجية خبر الواحد في الموضوعات يدعون بأنّ كثرة هذه الروايات وانقسامها إلى أبواب كثيرة من الفقه تشرف الفقيه على القطع بأنّها كانت ناظرة إلى قاعدة عامّة لا تختصّ بباب دون باب، وهي عدم حجّيّة خبر الواحد في الموضوعات، وهذا يعني الردع عن السيرة لو تمّت في نفسها.

ويرد على هذا الوجه بما بيّناه من انّ لجميع الموارد المذكورة خصوصية دعت الشارع لعدم الاكتفاء برجل واحد او النساء منفرداً فلا يشمل ما كان خارجا عن هذا الإطار.

ثم علينا ان نلقي ضوءاً على سيرة العقلاء هل هي ثابتة عل حجية خبر الثقة او العادل مطلقا حتى نبحث عن امضاء الشارع لهذه السيرة او ردعه لهه السيرة؟

الظاهر الشيء الذي عليه العقلاء هو رعاية نسبة المحتمل مع الاحتمال سواء في جانب جلب المنفعة او دفع الضرر، مثلا إذا أخبره غير موثق بان البضاعة المعينة أذا اشتراه بعد مدة قليلة يرتفع سعره فيقدم على الشراء أذا استطا او إذا أخبره شخص غير موثق ان في هذه الغابة قد يوجد حيوانات مفترسة فيجتنب عن الدخول فيه فيمكن ان نقول ليس عند العرف والسير العقلائية تعبُدٌ كما في الشرع وانما هم يراعون درجة قوة الاحتمال مع درجة أهمية المحتمل فاذا كان معدل الدرجتين الى امر مهم عندهم فلا يكتفون بإخبار موثق واحد الا إذا حصل عندهم اطمئنان في نفوسهم من قول رجل واحد او امرأة واحدة فالحجة عندهم في مثل هذه الموارد هو اطمئنانهم النفسي لا مجرد اخبار موثقٍ. وللبحث تتمة نذكرها في الأيام القادمة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo