< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حجية خبر العادل في الموضوعات

في اليوم الماضي بمناسبة تعارض شاهد واحد مع البينة في الشهادة بعدالة امام الجماعة قلنا ان ذهبنا الى حجية خبر العادل او الثقة الواحدة يحصل التعارض ويتساقطان وان قلنا بان حجية الخبر الواحد، خاص بباب الروايات او بعبارة أخرى خاص بالأحكام فلا تعارض فيما نحن فيه لان الشاهد الواحد لا قيمة لخبره.

فالأمر يدور بين القول بحجية خبر العادل او الثقة الواحدة وعدمها وهذه المسألة من مسائل علم الأصول ولكن نظرا الى أهميتها ندخل في دراستها بصورة عابرة فنقول:

هناك خلاف مشهور بين فقهائنا في حجية الخبر الواحد في الموضوعات فمنهم من يقول بان حجية قول الثقة او العادل الواحد خاص بباب الاحكام ومنهم من يعمم بين الاحكام والموضوعات

فلابد ان نلقي نظرة الى ادلة حجية خبر الواحد فنرى مدى دلالتها ثم نرى دليل المانعين. فنبدأ بالأدلة الكتابية:

من الأدلة أية النبأ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [1] فيستفيدون من مفهوم الشرطية بانه اذا جاء عادل بنبأ لا يجب التبين ولكن وموضوع هذه الآية هو الخبر الذي يتعلق بموضوع مثلا الإخبار عن ارتداد قوم عن الإسلام فتمنع الآية عن التسرع في الهجوم عليهم قبل التبين عن حالهم، فهذه الآية اما خاص بالموضوعات واما اعم من الأحكام والموضوعات فمن تسلّم دلالتها على حجية الخبر الواحد لابد ان يأخذ بإطلاقها.

آية النفر: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [2] . وجه الاستدلال ان النفر للتفقه والتفقه للإنذار والانذار للحذر ولو لم يكن كلام المنذرين حجة لما اوجب منه الحذر فيستفاد من هذه الكريمة ان الله جعل كلام المنذرين حجة لقومهم. هنا ابضا من استسلم دلالة الآية علي حجية الخبر الواحد والانذار قد يتحقق من خلال بيان الاحكام الكلية الإلهية وقد يتحقق بتذكيرهم الموضوعات الجزئية كأكثر موارد الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

آية الذكر: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [3]

فالأمر بالسؤال عن اهل الذكر يكون لحصول العلم على وجود انبياء السلف وهذا موضوع وليس بحكم. فتدل على حجية خبر الثقة عن الموضوعات او الاعم منها.

آية الاذن: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [4] . وجه الاستدلال ان قوله تعالى يؤمن للمؤمنين أي يقبل كلامهم والله مدح نبيه لقبوله خبر المؤمنين فخبر المؤمنين حجة. ونعلن ان كل جل اخبار المؤمنين برسول الله ان لم نقل كلها تتعلق بالموضوعات لا الاحكام.

في باب الروايات أيضا شواهد كثيرة على لزوم قبول خبر الثقة: فنشير الى فئات منها:

الفئة الأولى: الاخبار الآمرة بالرجوع إلى الثقات بقول مطلق كقوله عليه السلام: (لا عذر لأحد في التشكيك فيما يرويه ثقاتنا) ولها امثلة أخرى نغمض العين عن ذكرها حرصا للاختصار والتقدم في البحث.

والفئة الثانية: الاخبار الآمرة بحفظ الروايات واستماعها وضبطها والاهتمام بشأنها وقد ورد هذه الروايات في أبواب مختلفة مع اختلاف في التعابير ونحن نشير الى موضع منها وهو وسائل الشيعة المجلد 27 الباب الثامن من أبواب كتاب القضاء فعلى من يرغب المراجعة الى تلك النصوص.

الفئة الثالثة: الاخبار الآمرة بالرجوع إلى اشخاص معينين من الرّواة، كقوله عليه السلام: «إذا أردت الحديث فعليك بهذا الجالس» مشيراً إلى زرارة، وقوله عليه السلام: (نعم- بعد ما قال الراوي- أ فيونس بن عبد الرحمن ثقة نأخذ معالم ديننا عنه) وقوله عليه السلام: (عليك بالأسدي) يعني أبا بصير وقوله عليه السلام: (عليك بزكريا بن آدم المأمون على الدين والدنيا) إلى غير ذلك.

الفئة الرابعة: ما ورد في باب تعارض وكيفية معالجتها كقوله عليه السلام "خذ بما اشتهر بين اصحابك ودع الشاذ النادر" و "خذ باعدلهما" او "أشهرهما" او "خذ بما وافق الكتاب" او خذ "بما خالف العامة" وغيرها من العلاجات فهذه الروايات تدل بالالتزام على مفروغية حجية الخبر وانما السؤال عن العلاج وطريق الخروج عن مضيق التعارض.

والعمدة في حجية خبر الثقة والعادل هي السيرة العملية عند العقلاء و لسان الروايات التي اشرنا اليها تفوح منها رائحة سيرة العقلاء قال الشيخ الانصاري: (يعتمد جميع الناس في أمورهم العادية في الحياة على خبر الشخص الواحد الموثوق به، وإذا كان الشارع المقدس (المقنن لشرائع الله) مخالفا لهذه السيرة، كان عليه أن ينهى عنها؛ كما أنه أظهر مخالفته في قضايا عارضها من قبل، وبما أنّ الشارع لم يبد مخالفته في العمل بهذه السيرة، نستنتج بأنه قد أيدها) [5] .

وهذه السيرة لم تردع بل لسان بعض رواياتنا مشير الى تأييد السيرة

والسيرة كما قامت على العمل بخبر العادل في الأحكام قامت على العمل به في الموضوعات بلا فرق بينهما، وهي ممضاة لدى الشرع بعدم الرد

ويستثنى منها الموارد المنصوصة فيها خصوصية تدعى الى ذلك كالشهادة على الزنا حيث لا يثبت الا بشهود أربعة ولعل السر في ذلك ان الله لا يحب كشفه. ومثله اللواط وكذلك في مقام الترافع عند القاضي وشهود الطلاق فيجب فيهما اثنان من الشهود والقتل وغيرها من الموارد الخاصة. ففي بعضها بشاهد ويمين وبعضها برجل وامرأتان.

وخلاصة ما استنتجنا من بحثنا حجية خبر العادل او الثقة في الموضوعات ايضاً. ونتابع بحثنا في الأيام القادمة ان شاء الله.

 


[3] السورة النحل، الأية 43..و فی سورة الانبیاء الآیة 7نفس التعبیر وانما لیس فیها من

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo