< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /طرق ثبوت العدالة

 

(مسألة 15): إذا أخبر جماعة غير معلومين بالعدالة بعدالته و حصل الاطمينان كفى، بل يكفي الاطمينان إذا حصل من شهادة عدل واحد، و كذا إذا حصل من اقتداء عدلين به أو من اقتداء جماعة مجهولين به، والحاصل أنّه يكفي الوثوق والاطمئنان للشخص من أيّ وجه حصل، بشرط كونه من أهل الفهم والخبرة والبصيرة والمعرفة بالمسائل، لا من الجهّال، ولا ممّن يحصل له الاطمئنان والوثوق بأدنى شي‌ء كغالب الناس).

قلنا فی الجلسة السابقة ان المصنف جعل الاطمئنان هو الكاشف عن العدالة من أي سبب حصل و قلنا ان الاطمئنان علم عقلائي يعتمد به العقلاء في جميع امورهم ولا يمكن ردع من حصل له العلم بوجود موضوع الحكم على ان لا يأخذ به الا اذا اخذ القطع العقلي في موضوع الحكم فمن لم يحصل عنده القطع العقلي لا يرى وجوب العمل عليه.

وهذا سار في كثير من الاحكام فبعض الاحكام ورد على موضوعه بطبيعته، ففي كالطهارة والنجاسة والملكية والابوة والبنوة والزوجية وغيرها. فطهارة الطاهر ونجاسة النجس وملكية المملوك لصاحبه وابوة الاب لولده وبنوة الابن لوالده وزوجية الزوج لزوجه صفات قائمة على موضوعاتها بحقيقتها.

وبعض الاحكام اُخذ في موضوعاتها العلم به كالصحة والبطلان في الصلاة فهي مشروطة بالطهارة عن الحدث بحقيقتها فالطهارة عن الحدث شرط واقعي لصحة الصلاة فمن كان محدثاً بالحدث الأكبر او الأصغر فصلاته باطلة سواء علم بالحدث او لم يعلم.

ولكن الطهارة عن الخبث شرط علمي لصحة الصلاة فهي موقوفة بطهارة الثياب والبدن أذا علم به المصلي فموضوع مبطلية النجاسة للصلاة موقوف بالعلم بها. فالطهارة من الخبث شرط علمي للصلاة.

النقطة الأخرى التي نلفت اليها لفتة هي: ان كل تكليف متوقف على امرين: العلم والقدرة وهذا ما يدركه العقل وينادي به الشرع قال تعالى: ﴿لا يكلف الله نفسا الا وسعها﴾ وفي آية أخرى ﴿الا ما آتاها﴾ ولكن إذا علم العبد ان مولاه كلفه بأشياء او احتمل ذلك يجب عليه ان يبحث عن مفرداته حتى يمتثلها اما بالاجتهاد او التقليد او الاحتياط.

ثم هناك بحث كلامي تعلق بهذا المجال: وهو انه ما حال غير المسلمين فيما يفوت عنهم من العقائد الحقة او يفوت عنهم من تكاليف شرعية:

فنقول: اماهم يعلمون بانحرافهم عن الحق وعدم قيامهم بالواجبات فهم يستحقون العقاب بلا شك.

واما انهم جاهلون بالحق وما يجب عليهم اتيانها فهم اما جهلهم تقصيري واما قصوري فالمقصر يستحق العقاب لتقصيره واما القاصر لضعف عقله او قصر يده او التأثّر من بيئته بحيث لا يحتمل طريقاً أصلح مما هو عليه فهم المستضعفون قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾[1] ﴿إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً﴾[2] ﴿فَأُولٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً﴾[3]

وهذه الآيات تبين لنا حال الفرقتين من المقصر والقاصر.

الحجية ما معناها؟ عند ما يقال اليقين والاطمئنان حجة او غيرها من الحجج أي ان هذه الأمور مما يصلح للعبد ان يحتج بها عند ربه وللرب ان يحتج بها على عبده، وقد فسرها آقا ضياء العراقي وغيره من الفقهاء الأصوليين بالمنجزيّة والمعذريّة فمعناهما: ان العبد إذا وصل الى حكم شرعي من طريق علم او علمي فان صادف الحق فعلمه نجز له الواقع وان أخطأ علمه عذّره عند الله عن الواق

ولكن هذا الأمر انما يكون إذا لم يقصر في الوصول الى الحق سواء في العقيدة او الأحكام ولكن من سلك طريقاً يعرف عدم صحته او لا يعرف صحته فحصل له يقين الى الباطل فهو غير معذور لان جهله المركب حصيلة اتباعه للطرق الضالة.

ان المصنف اشترط في جميع الطرق مثبتة للعدالة غير شهادة العدلين كونه موجبا للوثوق والاطمئنان، فلا شكّ في ثبوت العدالة بشهادة العدلين التي هي بيّنة شرعية، كما لا شكّ في عدم الثبوت لدى معارضتها بشهادة عدلين آخرين لتساقطهما.

ثم هل بتعارض شهادة العدل الواحد كذلك تسقط شهادة العدلين او لا؟ يبتني ذلك على حجّية خبر العادل في الموضوعات كالأحكام. فعلى القول بالحجّية يحصل التعارض بينه وبينهما، ولا يلاحظ معه العدد، بان يتغلب الاثنان على واحد او لا؟ الجواب انه نعم يحصل التعارض والتساقط في الطرفين كما هو الحال في باب تعارض الروايات. فكما أنّ الرواية الواحدة الدالّة على وجوب شي‌ء مثلًا تعارض الروايات النافية له وإن كانت متعدّدة، ما لم تبلغ حدّ التواتر أو الشهرة بحيث تعدّ النسبة بينهما نسبة المشهور بالشاذ النادر، فكذلك في باب الموضوعات. فلا عبرة بالعدد في استقرار المعارضة بعد فرض حجّية المتعارضين في نفسهما. ونتابع البحث غداً ان شاء الله بشيء من البسط لأهميتها وكثرة موارد استعمالها.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo