< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/03/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /طرق اثبات العدالة فی الامام

 

(مسألة 15): إذا أخبر جماعة غير معلومين بالعدالة بعدالته و حصل الاطمينان كفى، بل يكفي الاطمينان إذا حصل من شهادة عدل واحد، و كذا إذا حصل من اقتداء عدلين به أو من اقتداء جماعة مجهولين به، والحاصل أنّه يكفي الوثوق والاطمئنان للشخص من أيّ وجه حصل، بشرط كونه من أهل الفهم والخبرة والبصيرة والمعرفة بالمسائل، لا من الجهّال، ولا ممّن يحصل له الاطمئنان والوثوق بأدنى شي‌ء كغالب الناس).

فی یوم الماضی تعرضنا لبعض التعليقات على هذه المسألة واليوم نريد ان نناقشها على صناعة الفقه فنقول: ذكر السيد في هذه المسألة فروع:

الأول: اخبار جماعة لم يثبت عدالتهم عن عدالة الامام يكفي بشرط حصول الاطمئنان عند المأموم.

الثاني: إذا شهد عدل واحد بعدالة الامام فتثبت العدالة بشرط حصول الاطمئنان.

الثالث: اقتداء العدلين او جماعة مجهولين بإمام يكفي لثبوت العدالة إذا اوجب الاطمئنان بعدالة الامام.

الرابع: حصول الوثوق والاطمئنان بعدالة الامام عند المأموم يكفي باي سبب حصل مشروطا على كون المأموم من أهل الفهم والخبرة والبصيرة والمعرفة بالمسائل ولكن العوام ومن هو سريع الوثوق والاطمئنان كعامة الناس لا يكفي لصحة الاقتداء.

أقول: ان مآل الفروع الأربعة يعود الى شيء واحد ذكره في المقطع الأخير من المسألة فلم يكن حاجة الى الإطناب في الكلام وخلاصة كلامه هو حصر ثبوت العدالة بالاطمئنان ولم ير اعتبار لقول البينة ولا لشاهد واحد اذا لم يحصل منها اطمينان بالمؤدى بينما البينة حجة شرعية في جميع الأمور الا نسبة الزنا الى المحصنات من النساء.

في هذه المسألة ينبغي لنا ان نقف عند نقاط:

الأولى: ناقش بعض الاعلام في حجية الوثوق والاطمئنان بعدالة الامام وقال: (في الاكتفاء بالاطمئنان نظر لعدم ثبوت حجّيته خصوصاً في الموضوعات).

ویناقش معه بان الاطمئنان علم عقلائي يبنون عليه في جميع امورهم وحجة في حياتهم يقوم مقام العلم، فانه عبارة عن محتمل قوي يقابل احتمال ضئيلا لا يعتني به العقلاء فمن يركب الطائرة يطمئن بوصوله الى مقصده وهناك احتال ضئيل بسقوط طائرته ومن يشغل جهاز طبخه يحتمل انفجاره ولا يعتني به ومن يطبخ الطعام لضيوفه الذين يطمئن بحضورهم، لا يعتني باحتمال الخلاف. كما ان من كلف الاخر بما موضوعه مسلم الحصول لا يقبل عذر المأمور إذا ترك الاقدام بالعمل بحجة احتمال عدم توفر ظروف العمل وقس على ذلك سائر الأمور. نعم قد يتحرك الانسان الى ما يشتاق اليه لمجرد الاحتمال ولو احتمالا ضعيفا ولكن كلامنا في أمور التي لا يقدمون عليها الا بعد احراز موضوعها فالوثوق والاطمئنان عندهم علم ولم يردع الإسلام عنه بل مشى في اموره بما مشى عليه العقلاء.

وتخصيص السيد حجية الاطمئنان بقوله: (بشرط كونه من أهل الفهم والخبرة والبصيرة والمعرفة بالمسائل، لا من الجهّال، ولا ممّن يحصل له الاطمئنان والوثوق بأدنى شي‌ء كغالب الناس).

لا وجه لأنّه بعد ما اطمئن بتحقق موضوع حكم الله يرى امامه امر ربه، فكيف لا يعتني بذلك او اذا اطمئن بحرمة شيء كيف يتيسر له ان يخالف ربه و كذلك من هو سريع الاطمئنان اذا اطمئن بوجوب شيء ان نقول: ليس لك بواجب او اطمئن بحرمة شيء ان نقول: ليس لك بحرام نعم يمكن بتنبيهه الى احتمالات أخرى نخرجه عن حالة الاطمئنان.

لا يقال: أن الخبر المروي عن تفسير العسكري عن علي بن الحسين (ع) واحتجاج الطبرسي عن الرضا عنه (عليهما السلام) حيث قال: «إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته ومنبته وتماوت في منطقه وتخاضع في حركاته فرويداً لا يغرنّكم الحديث) [1] . يفيد التحذير من الأخذ بما نطمئن به.

لانا نقول: هذه الرواية بصدد تغيير رأي المخاطب بإلقاء الشك فيه فلا يدل على عدم حجية الاطمئنان لنفسه بل تُشكِّك فيما صار سبباً لاطمئنانه وتُنبّه الى بعض الأمور التي لها دخل في صلاح الرجل او فساده.

النقطة الأخرى هي: ان البينة هو بمعنى ما يبين الشيء أيا ما كان وهو المعنى اللغوي لها ولكن هناك مصطلح فقهي لهذه المفردة وهو شهادة عدلين اثنين وهو حجة شرعية هي بمنزلة العلم تعبداً ولكن في القران لم تستعمل مفردة البينة في هذا المعنى. بل جعل شهادة الاثنين حجة بدون ان يسميها بينة، قال تعالى في أحكام الوصية: ﴿يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم﴾ [2]

وقوله تعالى: ﴿"يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم "﴾ [3] .

وقوله تعالى في المطلقة: ﴿ فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف واشهدوا ذوي عدل منكم﴾ [4]

﴿واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء﴾ الآية " [5]

ففي القران لم نر استعمال مفردة البينة في معنى المصطلح اما في الروايات فسوف نتعرص لها في ليوم القادم من البحث ان شاء الله.

 


[5] سورة البقرة، آِية 282.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo