< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/03/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /طرق اثبات العدالة

قال السید المصنف رضوان الله علیه(مسألة 12): (العدالة ملكة الاجتناب عن الكبائر وعن الإصرار على الصغائر، وعن منافيات المروّة الدالّة على عدم مبالاة مرتكبها بالدين، ويكفي حسن الظاهر الكاشف ظنّاً عن تلك الملكة).

قد فرغنا في اليوم الماضي عن شرط العدالة في الامام ومفهوم العدالة، وتكملة لبحثنا نطرح امرين:

أحدهما: ان الفقهاء كما أشرنا الى اقوالهم اختلفوا في طريق اثبات العدالة: فمنهم من اكتفي بحسن الظاهر لإثبات العدالة ومنهم من قال لابد من حسن الظاهر الذي يوجب الظن النوعي بالعدالة ومنهم من قال بلزوم حصول الظن عند شخص المكلف، ومنهم من قال لابد من الوثوق والاطمئنان بالعدالة ولا يكفي الظن.

فيما نحن فيه لو خلي وطبع المسألة كل حكم تعلق به شرط لابد لإحراز الشرط، وفيما نحن فيه صحة الجماعة مشروطة بعدالة امامها فلابد من الاحراز الوجداني لعدالة الامام. الا ان من خلال بعض النصوص نستكشف بان الشارع جاء بتوسعة في الموضوع فلابد من مراجعة كلمات الأمناء على الشريعة وهم اهل البيت عليهم السلام. فنراجع الى نماذج من الروايات كي نستخلص منها ما هو حجة بيننا وبين الله.

منها: صحيحة رواها الصدوق بإسناده عن عبد اللّٰه بن المغيرة قال: «قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السّلام): رجل طلّق امرأته، وأشهد شاهدين ناصبيين قال: كل من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته»[1] .

ففي جواز الشهادة اشترط الولادة على الفطرة وعُرف في نفسه بالصلاح أي كان معروفا بالصلاح.

ومنها موثقة أبي بصير رواها الشيخ بإسناده عن سماعة عن ابي بصير عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: «لا بأس بشهادة الضيف إذا كان عفيفاً صائناً"[2] .

في هذه الموثقة شرط في قبول شهادة الضيف كونه عفيفا صائنا وهاتان الصفتان صفتين فلابد من ثبوتهما في الضيف كي تقبل شهادته.

ومنها: صحيحة حريز عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): «في أربعةٍ شهدوا على رجل محصن بالزنا فعدل منهم اثنان، ولم يعدل الآخران، فقال: إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أُجيزت شهادتهم جميعاً ...»[3] .

في هذا الحديث أيضا ورد الإسلام وان لا يعرفون بشهادة الزور وهي أيضا ظاهرة في لزوم عدم كونه معروفا بها فلابد من الإحراز.

منها: ما رواه يونس بن عبد الرحمن عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: «سألته عن البينة إذا أُقيمت على الحق أ يحل للقاضي أن يقضي بقول البينة؟ فقال: خمسة أشياء يجب على الناس الأخذ فيها بظاهر الحكم: الولايات والمناكح، والذبائح، والشهادات، والأنساب، فإذا كان ظاهر الرجل ظاهراً مأموناً جازت شهادته، ولا يسأل عن باطنه»[4]

فلابد من احراز القاضي الظاهر المأمون للشاهد.

ما رواه الصدوق فِي الْأَمَالِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَزْدِيِّ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِيَادٍ الْكَرْخِيِّ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع قَالَ: مَنْ صَلَّى خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ فِي جَمَاعَةٍ- فَظُنُّوا بِهِ خَيْراً وَ أَجِيزُوا شَهَادَتَهُ. قال: «من صلّى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فظنوا به خيراً وأُجيزوا شهادته»[5] . سندها ضعيف لوجود الضعاف والمجاهيل فيه واما الدلالة فشرط فيها ان يصلي خمس صلوات ولم يظهر له خزية. وهذا الذي لابد من احرازه.

ومنها: رواية علقمة واليك نصها: صدوق في الامالي عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ نُوحِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ ع وَ قَدْ قُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَخْبِرْنِي- عَمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَ مَنْ لَا تُقْبَلُ- فَقَالَ يَا عَلْقَمَةُ كُلُّ مَنْ كَانَ عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ- جَازَتْ شَهَادَتُهُ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ- تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُقْتَرِفٍ بِالذُّنُوبِ فَقَالَ يَا عَلْقَمَةُ- لَوْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الْمُقْتَرِفِينَ لِلذُّنُوبِ- لَمَا قُبِلَتْ إِلَّا شَهَادَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَوْصِيَاءِ ع- لِأَنَّهُمُ الْمَعْصُومُونَ دُونَ ‌سَائِرِ الْخَلْقِ- فَمَنْ لَمْ تَرَهُ بِعَيْنِكَ يَرْتَكِبُ ذَنْباً- أَوْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ- فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَ السَّتْرِ- وَ شَهَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ وَ إِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ مُذْنِباً- وَ مَنِ اغْتَابَهُ بِمَا فِيهِ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ وَلَايَةِ اللَّهِ- دَاخِلٌ فِي وَلَايَةِ الشَّيْطَانِ...» [6]

في سندها حمدان بن سليمان وهو لنيسابوري وثقه النجاشي بقوله: (ثقة من وجوه اصحابنا) ونوح بن شعيب وقد يقال له بن صالح قال الكشي في شأنه: (ذكر الفضل بن شاذان: انه كان فقيها عالما صالحا مرضيا وقيل انه نوح بن صالح) وفيه صالح بن عقبة وهو مردد بين بن خالد الاسدي و بن قيس بن سمعان والأول لم يرد له توثيق خاص والثاني قال فيه الغضائري: (غال كذاب لا يلتفت اليه)

الامر الثاني: نقول: لايخفى ان العدالة في جميع الاحكام التي تشرط فيها العدالة حقيقة واحدة ولكن اشتراطها في الصلاة شرط ذُكري وفي الشاهد شرط حقيقي فمن ثبت عنده عدالة الامام من الطرق المثبتة شرعاً فصلى خلفه ثم اكتشف عنده عدم عدالته لا يجب إعادة صلاته لان شرط العدالة في الامام ليس من الخمسة المذكورة في حديث لا تعاد. مضافا الى ذلك استدلوا على صحة الصلاة بظهور الأدلة حيث ورد في بعضها: "لا تصل الا خلف من تثق بدينه" فالشرط هو وثوق المصلي بدين الامام حين الصلاة وهو كان محققا عند ما صلى فصلاته تحققت بشرطها. اما في الشاهد على الطلاق والشاهد الذي يشهد للمدعي عند القاضي ورد فيه شهادة العدلين فاذا ثبت عدم وفر الشرط يثبت عدم تحقق المشروط. فمن أراد ان يتزوج بامرأة يعرف ان طلاقها عن زوجها تم من دون حضور العدلين لا يجوز ان يتزوجها، كما ان القاضي لو حكم لصالح المدعي ثم ثبت عنده عدم عدالة الشاهدين يجب عليه ان ينقض حكمه ولا ينفذه وقس على هذا عدة فروع لا نطيل الكلام بذكرها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo