< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/11/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /مسألة20

 

(مسألة 20): المراد بعدم إمهال الإمام المجوِّز لترك السورة ركوعه قبل شروع المأموم فيها، أو قبل إتمامها، و إن أمكنه إتمامها (1) قبل رفع رأسه من الركوع فيجوز تركها بمجرّد دخوله في الركوع و لا يجب الصبر إلى أواخره، و إن كان الأحوط (2) قراءتها ما لم يخف فوت اللحوق (3) في الركوع، فمع الاطمئنان بعدم رفع رأسه قبل إتمامها لا يتركها (4) و لا يقطعها.

تعليقات:
(وكذا لو رآه راكعاً فأحرم جاز له الركوع معه و إن علم أنّه لو قرأ الفاتحة أدركه قبل رفع رأسه منه على الأقوى).

(2) قالت الآيات: الأصفهاني، البروجردي، الإمام الخميني، الخوانساري، آل ياسين: (لا يترك).

وقال الشيخ آقا ضياء: (لا يترك الاحتياط و لو من جهة استصحاب وجوبها بل و عدم شمول دليل المسقط لهذه الصورة فيكفيه إطلاق دليله).

وقال الشيخ النائيني: (هذا الاحتياط لا يترك).

وقال الشيخ عبد الكريم الحائري: (بل الأحوط المبادرة إلى الركوع و لو مع الاطمئنان إلّا إذا لم يضرّ إتمام السورة بالمبادرة عرفاً).

(3) قال السيد الحكيم: (بل فوت المتابعة).

وقال السيد الخوئي: (هذا فيما إذا كان التخلّف بمقدار لا يضرّ بالمتابعة العرفية).

(4) قال السيدالگلپايگاني: (ما لم يستلزم التأخّر الفاحش).

ان السيد رضوان الله عليه اجاز للمأموم ترك السورة بمجرد ركوع الامام سواء شرع في قرائتها او لم يشرع، فيعتبر ركوع الامام عدم امهال المأموم للقراءة فهو مجوز للمأموم بترك القراءة حتي اذا كان طول ركوع الامام يكفي لاكمال قراءة الماموم. ثم احتاط احتياطا استحبابية في قراءة الماموم واكمالها في صورة الاطمئنان بعدم رفع الامام من الركوع قبل انهاء الماموم للقراءة. وبعض الفقهاء افتوا بذلك او احتاطوا احتياطا وجوبيا على جعل قيام الامام من الركوع هو المهلة.

قد يستدلّ لذلك بصحيحة معاوية بن وهب: وَاليك نصها: روى الشيخ في التهذيب باسناده عَنْ حسين بن سعيد عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يُدْرِكُ آخِرَ صَلَاةِ الْإِمَامِ- وَ هِيَ أَوَّلُ صَلَاةِ الرَّجُلِ- فَلَا يُمْهِلُهُ حَتَّى يَقْرَأَ- فَيَقْضِي الْقِرَاءَةَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى مِثْلَهُ [1]

اما من حيث السند فكلا السندين صحيحان وعلي بن سندي هو علي بن اسماعيل و قد يلقب بالسندي وقد يلقب بالسرّي و وثّقه الكشي رضوان الله عليه.

اما الدلالة على ماذهب اليه السيد اليزدي وكثير من الفقهاء درك أخر صلاة الامام هي الركعة الاخيرة فعدم امهاله للقراءة يتم بركوعه قبل ان يشرع او يفرغ المأموم من قراءته والامام عليه السلام قرره على قضاء القراءة في آخر صلاته.فظاهرها يفيد جواز الركوع بمجرد ركوع الامام

و قد ناقش السيد الخوئي رضوان الله عليه في دلالة الصحيحة بما ملخصه: (ان المراد من ادراك آخر صلاة الامام، ليس آخر ركعة من صلاته، بل المراد آخر فرصة لللحوق في صلاته وهي الركوع في الركعة الاخيرة كما نطقت به الروايات الكثيرة، وعليه فالصحيحة غير مرتبطة بمحلّ الكلام، إذ لم يكن المأموم مكلّفاً حينئذ بالقراءة حتّى لا يمهله الإمام عنها بركوعه، بل يكبّر و يركع معه).

ثم قال: (وقد يقال: إنّ قوله «فلا يمهله حتّى يقرأ» قرينة واضحة على أنّ المراد إدراكه قائماً لا راكعاً، كيف و القراءة ساقطة عنه لدى إدراكه في الركوع فلا موضوع للقراءة حتّى يمهله الإمام أو لا يمهله. فلا مناص من إرادة دركه في حال القيام و تكليفه بالقراءة، كي يصحّ التعبير بعدم إمهاله حتّى يقرأ).

ثم اجاب عن هذه الشبهة بقوله: (أنّ المتيقّن ممّا قامت عليه الأدلّة أنّ من أدرك الإمام راكعاً لا تجب عليه القراءة و أنّها ساقطة عنه، بمعنى أنّه يجوز له تركها، و أمّا أنّها غير مشروعة منه حينئذ فكلّا، إذ لا يكاد يستفاد ذلك من شي‌ء من الأدلّة كي ينافي إطلاقات مشروعية القراءة، فيجوز له أن يقرأ، سيما مع الإسراع أو إطالة الإمام في ركوعه، بحيث يدركه قبل رفع رأسه عنه. و عليه فلا شهادة في قوله: «فلا يمهله حتّى يقرأ» على إرادة الإدراك قائماً لمجامعته مع الإدراك راكعاً أيضاً حسبما بيّناه، و إن كانت القراءة حينئذ جائزة لا واجبة،

نعم الغالب في الخارج ترك القراءة حينئذ، لعدم وجوبها و عدم إمهال الإمام لها، لكنّه ربما يتّفق مع تخيّل الإمهال. و السؤال في الصحيحة محمول على غير الغالب، بقرينة ما عرفت من لزوم حملها على إدراك الإمام راكعاً، حيث إنّه الجزء الأخير ممّا يدرك من آخر صلاته).

ثم يذكر شبهة اخرى بقوله: (لا يقال: كيف تجوز القراءة منه حينئذ مع منافاتها للمتابعة الواجبة عليه؟)

ثم يجيب عنها بقوله: (إنّما تجب عليه المتابعة بعد اتّصافه بعنوان الائتمام المتوقّف على إدراك ركوع الإمام، فقبل أن يركع لم يكن مؤتمّاً بعدُ كي تجب عليه المتابعة و إنّما تتحقّق منه الجماعة و يتّصف بالمأمومية الموضوع لوجوب المتابعة في الآن المستقبل، أعني بعد ما لحق الإمام في ركوعه و أدركه فيه كما نطقت به الروايات الواردة في من كبّر و الإمام راكع).

ثم قال: (فان قلت: إذا لم يكن مأموماً حينما يقرأ و قبل أن يركع فهو منفرد لا محالة‌ فائتمامه فيما بعدُ يكون من الائتمام في الأثناء غير المشروع.

قلت: كلّا، بل هو قاصد للجماعة من أوّل الأمر، و إنّما تتحقّق منه الجماعة و الائتمام خارجاً بعد أن أدرك الإمام راكعاً، فهو قبل ذلك مراعى من حيث الجماعة و الفرادى كما لا يخفى.و إن شئت فقل: هو مؤتمّ حينئذ لكن بنحو الشرط المتأخّر، الذي قام الدليل عليه في المقام، و هو نفس هذه الصحيحة).

ثم يكمل جوابه بجواب أخر فقال: (على أنّ عدم مشروعية الائتمام في الأثناء لم يكن مدلولًا لدليل لفظي، و إنّما هو من أجل عدم قيام الدليل على المشروعية، و في المقام قام الدليل عليها و هو ما دلّ على أنّ من أدرك الإمام حال الركوع و كبّر بقصد الائتمام صحّت جماعته و إن لم يكن مؤتمّاً أو فقل كان منفرداً قبل أن يركع. و كيف ما كان، فالاستدلال بهذه الصحيحة للحكم المذكور في المتن في غير محلّه).[2]

ولكن عند ما نتأمل في كلامه رضوان الله عليه نرى في تعسف واضح فان الاستظهار من كلامه "يُدْرِكُ آخِرَ صَلَاةِ الْإِمَامِ- وَ هِيَ أَوَّلُ صَلَاةِ الرَّجُلِ" ان المراد هو الادراك في الركوع خروج من ظاهر الحديث فان المقانة بين أخر صلاة الامام لاول صلاة الرجل واضح في حال القيام الذي هو اول صلاة الرجل فهو رضوان الله عليه قد انحرف في فقه مطلع الحديث فاضطر ان يتعب نفسه لتوجيه ما يترتب عليه ففي جوابه عن الشبهة الاولى قوله ساقطة يعني عدم الوجوب خلاف الظاهر لان الشيئ الساقط يعني خارج عن جزئيته للصلاة فلا يجوز اتيانه بعنوان الجزئية ، كما ان جوابه عن الشبهة الثالثة ردود لانه لاوجه للقول بانه ليس في الجماعة ثم بعد ما ركع يدخل في الجماعة ثم في قوله: (إنّما تتحقّق منه الجماعة و الائتمام خارجاً بعد أن أدرك الإمام راكعاً)، وقوله: (هو مؤتمّ حينئذ لكن بنحو الشرط المتأخّر) تهافت واضح فان المشروط بالشرط المتاخر حاصل من اول الامر لا بعد تحقق الشرط مضافا الى ان هذا ادعاء بلا مبرر . ثم قوله: و في الاخير عند جوابه عن شبهة دخول المأموم الى الجماعة في اثناء صلاته باستثناء هذا المورد بنفس الرواية مصادرة بالمطلوب و تعسف في القول فان عدم جواز الدخول في اثناء الصلاة ليس دليله عدم الدليل بل دليله اتفاق الفقهاء على ذلك وقيام السيرة المتصلة بالاجتناب عن الدخول في اثناء الصلاة وكذلك ادلة التي ترشدنا بقطع الفرادى او نقلها الى النافلة واكمالها ثم الدخول في الجماعة دليل على عدم مشروعية الدخول في الجماعة في اثناء الصلاة . وعلى كل حال ليس بغريب صدور مطالب غريبة عن فحول العلماء لشدة جولان افكارهم فقد يتجاوزون عن الصواب.

نعم، يدلّ على سقوط السورة لمن لا يمهله الامام صحيح زرارة قال (عليه السلام): «إن أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين و فاتته ركعتان قرأ في كلّ ركعة ممّا أدرك خلف الإمام في نفسه بأُمّ الكتاب و سورة، فان لم يدرك السورة تامّة أجزأته أُمّ الكتاب ...»[3] .

فانّ قوله (عليه السلام): «قرأ في كل ركعة ممّا أدرك خلف الإمام ...» إلخ كالصريح في أنّ الائتمام كان حال القيام، كي يصدق القراءة خلف الإمام. فإنّ هذا العنوان لا يصدق إلّا فيما إذا كان الإمام أيضاً متشاغلًا بالقراءة أو التسبيح كالمأموم، إذ مع كونه راكعاً لا يصدق القراءة خلفه كما هو ظاهر. و حينئذ فقوله: «فان لم يدرك السورة تامّة ...» إلخ معناه أنّه لم يدرك السورة خلف الإمام تامّة، و هذا إنّما يتحقّق بمجرّد ركوع الإمام الموجب لسلب عنوان‌ القراءة خلفه، و قد حكم (عليه السلام) حينئذ بجواز ترك السورة، و أنّه تجزيه أُمّ الكتاب.فيظهر من ذلك كلّه أنّ المراد من عدم إمهال الإمام المسوّغ لترك السورة هو مجرّد دخوله في الركوع قبل شروع المأموم فيها، أو قبل إتمامها كما ذكره في المتن و إن تمكّن من إتمامها قبل رفع رأسه من الركوع، و ليس المراد من عدم الإمهال المزبور رفع رأسه من الركوع قبل أن يشرع أو قبل أن يفرغ


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo