< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/11/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /وظيفة المأموم المسبوق

قد دخلنا ي اليوم الماضي الى دراسة: (مسألة 19): إذا أدرك الإمام في الركعة الثانية تحمّل عنه القراءة فيها،و وجب عليه القراءة في ثالثة الإمام الثانية له و يتابعه في القنوت في الأُولى منه، و في التشهّد، و الأحوط التجافي فيه كما أنَّ الأحوط التسبيح عوض التشهّد و إن كان الأقوى جواز التشهّد ، بل استحبابه أيضاً، و إذا أمهله الإمام في الثانية له للفاتحة و السورة و القنوت أتى بها، و إن لم يمهله ترك القنوت و إن لم يمهله للسورة تركها، و إن لم يمهله لإتمام الفاتحة أيضاً فالحال كالمسألة المتقدّمة من أنّه يتمّها و يلحق الإمام في السجدة أو ينوي الانفراد أو يقطعها و يركع مع الإمام و يتمّ الصلاة و يعيدها)

كان بحثنا في يوم الماضي حول وظيفة المأموم المسبوق، ماذا يفعل عند تشهد الامام في ركعته الثانية او الثالثة في الثلاثية والرابعة في الرباعية؟ هل يتجافى عند تشهد الامام؟ او يجلس متمكناعلى الأرض كجلسة المتشهد في مورده؟ وذكرنا صحيحتي عبد الرحمن و الحلبي حيث ورد في الاولى "قَالَ: يَتَجَافَى وَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْقُعُودِ" وفي الثانية: مَنْ أَجْلَسَهُ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعٍ- يَجِبُ أَنْ يَقُومَ فِيهِ تَجَافَى- وَ أَقْعَى إِقْعَاءً وَ لَمْ يَجْلِسْ مُتَمَكِّناً». وهما صريحان في لزوم التجافي و النهي عن الجلوس متمكناً

لكن في قبالهما أخبار يظهر منها عدم الوجوب:

منها: موثّقة الحسين بن المختار و داود بن الحصين، واليك نصها: «مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ وَ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ فَاتَتْهُ صَلَاةُ- رَكْعَةٍ مِنَ الْمَغْرِبِ مَعَ الْإِمَامِ- فَأَدْرَكَ الثِّنْتَيْنِ فَهِيَ الْأُولَى لَهُ وَ الثَّانِيَةُ لِلْقَوْمِ- فَيَتَشَهَّدُ فِيهَا قَالَ نَعَمْ- قُلْتُ وَ الثَّانِيَةُ أَيْضاً قَالَ نَعَمْ- قُلْتُ كُلُّهُنَّ قَالَ نَعَمْ وَ إِنَّمَا هِيَ بَرَكَةٌ.وَ رَوَاهُ الْبَرْقِيُّ فِي الْمَحَاسِنِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ مِثْلَهُ وَ تَرَكَ دَاوُدَ بْنَ الْحُصَيْنِ»[1]

حيث تضمّنت على تقرير الامام عليه السلام لقول السائل "يتشهد فيها" في جميع الركعات الثلاث من صلاة المغرب بسياق واحد. و من الواضح أنّ كيفية التشهّد المتعارف في الثانية و الثالثة هي الجلوس من غير التجافي، فكذا في الركعة الأُولى التي هي ثانية الإمام، بمقتضى اتّحاد السياق. فيظهر منها عدم اعتبار التجافي فيها أيضاً، و أنّ الكلّ بنسق واحد.

و منها خبر إسحاق بن يزيد واليك نصه: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنِ الْمِيثَمِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ يَسْبِقُنِي الْإِمَامُ‌ بِالرَّكْعَةِ- فَتَكُونُ لِي وَاحِدَةٌ وَ لَهُ ثِنْتَانِ- فَأَتَشَهَّدُ كُلَّمَا قَعَدْتُ قَالَ نَعَمْ- فَإِنَّمَا التَّشَهُّدُ بَرَكَةٌ.وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ مِثْلَهُ.[2]

في سنده سهل بن زياد الذي لم يوثق، و فيه الميثمي وهو مردد بين محمد بن حسن بن زياد الذي قال فيه النجاشي: (محمد بن حسن بن زياد الميثمي الاسدي مولاهم، أبو جعفر ثقة عين الخ) و احمدبن الحسن بن اسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار قال فيه الشيخ في الفهرست: (ابو عبد الله مولى بني اسد ثقة صحيح الحديث سليم) والكشي قال فيه: (كان واقفيا) والنجاشي يذكر وقفه عن الكشي ثم في نهاية المطاف قال: (وعلى كل حال ثقة صحيح الحديث معتمد عليه) و يعقوب بن شعيب وثقه النجاشي و ابراهيم بن شعيب كان واقفياً و اسماعيل بن شعيب قال النجاشي في وصفه: (قليل الحديث الا انه ثقة سالم فيما يرويه)، والاحتمال الاقوى الميثمي المذكور في هذا السند هو محمد بن حسن بن زياد وهو موثق، وسائر المشاركين في اللقب ممن يمكن انطباقه على من في هذا السند ثقات، و اسحاق بن يزيد وثقه النجاشي فليس في السند شبهة الا في سهل بن زياد.

و خبر علي بن جعفر واليك نصه: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ مِنَ الْمَغْرِبِ- كَيْفَ يَصْنَعُ حِينَ يَقُومُ يَقْضِي- أَ يَقْعُدُ فِي الثَّانِيَةِ وَ الثَّالِثَةِ- قَالَ يَقْعُدُ فِيهِنَّ جَمِيعاً. [3]

هذا الحديث رواه الحميري عن عبد الله بن حسن ولم يرد له توثيق .

خلاصة الكلام كان عندنا صحيحتين صريحتين في وجوب التجافي و موثقة واحدة ظاهرة في الجلوس لمجرد السياق وخبرين كذلك فقد حملوا الاوامر في التجافي على الاستحباب و الموثقة و الخبرين على الترخيص في الجلوس.

اقول ان في صحيحة عبد الرحمن ورد "قَالَ: يَتَجَافَى وَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْقُعُودِ" و في صحيحة الحلبي ورد: مَنْ أَجْلَسَهُ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعٍ- يَجِبُ أَنْ يَقُومَ فِيهِ تَجَافَى- وَ أَقْعَى إِقْعَاءً وَ لَمْ يَجْلِسْ مُتَمَكِّناً» وهما صريحان في لزوم التجافي ونفي الجلوس متمكنا على الأرض فان وجدنا دليل صريح على جواز الجلوس على الارض متمكناً، فالصناعة تقتضي حمل الآمرة بالتجافي الى الطلب الندبي وتلك على الترخيص في الجلوس ولكن عند ما نراجع الى دليل المخالف:

اما في موثقة حسين بن المختار ورد: "فَيَتَشَهَّدُ فِيهَا قَالَ نَعَمْ- قُلْتُ وَ الثَّانِيَةُ أَيْضاً قَالَ نَعَمْ- قُلْتُ كُلُّهُنَّ قَالَ نَعَمْ وَ إِنَّمَا هِيَ بَرَكَةٌ". ومن القريب ان يكون المراد من التشهد قراءة الشهادتين والصلوات وليس الكلام في كيفية الجلوس و كذا في خبر اسحاق بن يزيد ورد: "فَأَتَشَهَّدُ كُلَّمَا قَعَدْتُ قَالَ نَعَمْ- فَإِنَّمَا التَّشَهُّدُ بَرَكَةٌ". فالسؤال ليس عن كيفية الجلوس بل عن جواز التشهد عند القعود.

اما في خبر عبد الله بن جعفر ورد: "سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ مِنَ الْمَغْرِبِ- كَيْفَ يَصْنَعُ حِينَ يَقُومُ يَقْضِي- أَ يَقْعُدُ فِي الثَّانِيَةِ وَ الثَّالِثَةِ- قَالَ يَقْعُدُ فِيهِنَّ جَمِيعاً" وفي هذا الحديث ليس السؤال عن وظيفته مع الامام بل المراد وظيفته بعد الامام اى الثانية والثالثة في المغرب حيث يكون منفردا فيمكن انه تجافي في الاولى و قرء التشهد والسؤال عن تشهدين خارج الجماعة فالمسألة اجنبية عن موضوعنا. وبذلك ينحل التعارض بين هذه الروايات و تلك التي امر فيها بالتجافي فلابد من الفتوى بوجوب التجافي او الاحتياط الوجوبي عليه فتأمل.

ثم نأتي الى دراسة مقالة السيد المصنف حيث قال: (كما أنَّ الأحوط التسبيح عوض التشهّد و إن كان الأقوى جواز التشهّد ، بل استحبابه أيضاً،)

الكلام في ما هي وظيفته من الذكر عند الجلوس، تبعا للامام في الركعة التي ليس فيها تشهد سواء أقلنا بالتجافي فيه أم لا؟

أقول: هناک حدیث قد یکون سببا للقول بالتسبیح و الیک نصها: وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الْإِمَامَ- وَ هُوَ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ- وَ قَدْ صَلَّى الْإِمَامُ رَكْعَتَيْنِ- قَالَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَ يَدْخُلُ مَعَهُ- وَ يَقْرَأُ خَلْفَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ- يَقْرَأُ فِي الْأُولَى الْحَمْدَ- وَ مَا أَدْرَكَ مِنْ سُورَةِ الْجُمُعَةِ- وَ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ- وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدَ- وَ مَا أَدْرَكَ مِنْ سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ- وَ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ- فَإِذَا قَعَدَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ فَلَا يَتَشَهَّدْ وَ لَكِنْ يُسَبِّحُ- فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ- رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ يُسَبِّحُ فِيهِمَا وَ يَتَشَهَّدُ وَ يُسَلِّمُ. السند موثق و وجه توهم الدلالة قوله: " فَإِذَا قَعَدَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ فَلَا يَتَشَهَّدْ وَ لَكِنْ يُسَبِّحُ" بينما نفي التشهد لا وجه له لان الركعة الاخيرة للامام هي الركعة الثانية للماموم في مفروض الحديث و يجب على المأموم ايضا ان يتشهد فاما كان الخطأ من النساخ او كان المراد عن نفي التشهد نفي التشهد المتعقب بالتسليم كما قال صاحب الوسائل بعد ذكر الحديث: (أَقُولُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ التَّشَهُّدَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى التَّسْلِيمِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ).

فهذا المحمل قريب الى الاعتبار لان المأموم المفروض بقي عليه ركعتين بعد اكمال التشهد فعليه ان لا يسلّم بل يسبح عند تسليم الامام فاذا تم التسليم يقوم لركته الرابعة.

و تتمة المسألة وردت في ضمن مسألة 18 فالكلام الكلام فلا نعيده.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo