< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/11/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /مسألة 18

كان بحثنا يوم الماضي في المقطع الثاني من مسألة 18 حيث قال: (وإذا لم يدرك الأوّلتين مع الإمام وجب عليه القراءة فيهما لأنّهما أوّلتا صلاته، وإن لم يمهله الإمام لإتمامها اقتصر على الحمد وترك السورة وركع معه، وأمّا إذا أعجله عن الحمد أيضاً فالأحوط إتمامها واللحوق به في السجود أو قصد الانفراد ويجوز له قطع الحمد والركوع معه لكن في هذه لا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة)

كما قلنا ان المصنف بين للماموم الذي لم يدرك الاولتين من صلاة الامام، عليه ان يقرء في نفسه بفاتحة الكتاب و سورة ان أمهله الامام. ودل على ذلك مضافا على المطلقات الموجبة للقراءة، نصوص صريحة في وجوب قراءة عليه كصحيحة زرارة و صحيحة عبد الرحمن بن حجاج و غيرهما من النصوص. واما ان لم يمهله الامام لقراءة السورة يتركها ويركع مع الامام كما ورد في صحيحة زرارة و هو قوله عليه السلام : "فَإِنْ لَمْ يُدْرِكِ السُّورَةَ تَامَّةً أَجْزَأَتْهُ أُمُّ الْكِتَابِ" وهذا ايضا لا خلاف فيه.

انما الكلام فيما اذا لم يمهله الامام لاكمال الحمد ايضاً فقال السيد المؤلف: (فالأحوط إتمامها واللحوق به في السجود أو قصد الانفراد ويجوز له قطع الحمد والركوع معه لكن في هذه لا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة) فجعل الامر مرددا بين أحد الامور الثلاثة، والسر في ذلك تزاحم مطلقات تدل على انه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ومطلقات تامر باتباع الامام في الجماعة، ففي الاقتراح الاول: قدّم القراءة و تنازل عن متابعة الامام في الركوع، وفي الاقتراح الثاني: لجأ الى الانفراد و تنازل عن الاستمرار في الجماعة، و في الاقتراح الثالث: تنازل عن القراءة و قدم لزوم متابعة الامام ثم اوجب الاحتياط بالاعادة و كل واحد من هذه المقترحات مبرء للذمة.

نعم الوجه الاول عند من يرى أن الإخلال بالاتباع ولو في فعل واحد من افعال الصلاة، يخرج المصلي عن الجماعة كما عليه السيد الخوئي، تنقلب الصلاة فرادى لانه اخلّ بمتابعة الامام في الركوع، فعلى رأي من يرى عدم جواز الخروج عن الجماعة الى الفرادى اثم بخروجه عن الجماعة عمداً، و لكن على رأي السيد الخوئي حيث يجوِّز الخروج من الجماعة من دون عذر لا يترتب عليه اثم وانما عليه ان ياتي بوظيفة المنفرد في صلاته.

ولكن على ما اخترناه بان ترك المتابعة في بعض الافعال ليس مبطلا للجماعة كما قلنا ان ترك المتابعة لا يجوز اذا كان من باب الاستهانة بالجماعة و فيما نحن فيه تركه للمتابعة في الركوع كان لاكمال الفاتحة فلا يترتب عليه اثم ولا يضر بصحة جماعته،

نعم اذا اتفق هذا الامر في الركعة الاولى للمأموم فبما ان اول جزء يتحقق فيه المتابعة لابد ان يكون ركوعا ولا يجوز البدء بالسجدة فالاحوط بل الأقرب بطلان جماعته فتنقلب الصلاة الى الفرادى، اما اذا اتفق هذا الامر في الركعة الثانية فلا اشكال في صلاته ولا في جماعته.

اما الاقتراح الثالث وهو قطع القراءة و متابعة الامام في الركوع فمعناه تقديم مطلقات المتابعة على القراءة.

قال اسيد الخوئي: (قد يقال: إنّ المقام مندرج في باب التزاحم، لوقوع المزاحمة بين جزئية القراءة و بين شرطية المتابعة، فلا بدّ من الرجوع إلى مرجّحات هذا الباب. و فيه: ما ذكرناه في الأُصول من اختصاص التزاحم بالتكليفين النفسيين الواجبين الاستقلاليين، و أمّا التكاليف الضمنية في المركّبات الارتباطية فهي أجنبية عن هذا الباب، و ليست من التزاحم المصطلح في شي‌ء، بل هي مندرجة في باب التعارض، و نتيجته سقوط الأمر المتعلّق بالمركّب منهما لدى تعذّر الجمع فتنقلب الصلاة حينئذ فرادى بطبيعة الحال، من غير حاجة إلى نيّة العدول إلى الانفراد، فانّ امتناع الإتمام جماعة موجب للانقلاب المزبور قهراً).

اقول: ان الميزان في باب التعارض كون التمانع بين التكليفين في مرحلة الإنشاء كما اذا دل دليل على حرمة شيئ و دل دليل آخر على وجوبه فالحرمة دال عن مبغوضية الشيء والوجوب دال على المحبوبيته ويستحيل شيء واحد يكون محبوبا ومبغوضا عند المولى في آن واحد لأنهما ضدان لا يجتمعان فنتيقن بان احد الدليلين لم يصدر من المولى، وان صدر فلم يكن جادّاً في الطلب فنبحث عن قوة الدليل والراجح هو الدليل الأقوى على حسب ما بين في باب التعادل والترجيح.

بخلاف التزاحم فانه لا تمانع فيه في مرحلة الإنشاء و انما التنافي في مرحلة الإمتثال بحيث لو امكن الاتيان بهما لوجب على العبد اتيانهما فان كل واحد منهما مطلوب عند المولى واقعاً وانما القصور يكون في العبد في مقام الإمتثال. والمثل المعروف للتزاحم: تطهير المسجد و صلاة الفريضة في ضيق الوقت فالمصلحة موجودة في متعلق كلا الامرين والمولى اصدر الامر الكلي على اتيان كلاهما وانما تزامن تحقق المصداق لكلاهما في آن واحد صار سببا لعدم قدرة الامتثال في العبد لهما فعند ذلك يقدم ما هو اقوى ملاكاً مثال آخر للتزاحم هو انقاظ غريقين في آن واحد فان مصلحة الإنقاظ و حسنه في كلاهما لا شك فيه و لكن قدرة المكلف محصور على انقاظ واحد منهما وهذا مورد التزاحم فان كان احدهما اقوى ملاكاً، كما اذا كان عالما كبيرا من اهل التقوى والآخر جاهلا فاسقاً فيجب على المكلف اختيار العالم وان لم يختر فاختيار الفاسق ترتبا فاذا اختار الفاسق يلوم على عدم تقديم الاولى اما اذا لم ينقظهما يؤاخذ على ترك واجب كبير وان لم يكن ترجيح فهو مخير بين انقاظ احد الغريقين. ولا وجه للتفصيل بين ما اذا كان الواجبان جزئان لواجب واحد او واجبان مستقلان كما قاله السيد الخوئي رضوان الله عليه.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo