< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/11/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم مأموم لا يمهله الامام لقراءة الحمد

كان بحثنا يوم الماضي في: (مسألة 18): لا يتحمّل الإمام عن المأموم شيئاً من أفعال الصلاة غير القراءة في الأولتين إذا ائتمّ به فيهما، و أمّا في الأخيرتين فلا يتحمّل عنه، بل يجب عليه بنفسه أن يقرأ الحمد أو يأتي بالتسبيحات، و إن قرأ‌ الإمام فيهما و سمع قراءته، . وقد ذكرنا عدة من التعليقات على هذه المسألة وقد وعدناكم ان ندخل في تفاصيل الادلة فنقول:

قد ذكر المصنف في هذه المسألة حالتين للاقتداء:

الحالة الاولى: اذا كان مع الامام من اول صلاته: فلا كلام في تحمل الامام للقراءة عن مأموميه ففي الجهرية يجب على المأموم استماع قراءة الامام ،و ان لم يسمع، كذلك لا شبهة في عدم وجوب القراءة عليه، وانما الكلام في جواز القراءة فبعضهم اجازوا له القراءة و قد احتاط البعض ان يأتي بها بقصد القربة المطلقة، اما في الاخفاتية فاختلفوا في الجواز ونحن اخترنا هناك عدم الجواز ولكن يستحب له الذكر فيهما وانما الكلام في الركعتين الاخيرتين هل يتخير المأموم بين الحمد والتسبيح مطلقا او عليه ان يختار التسبيح اذا استمع قراءة الامام في ركعتي الاولى والثانية؟ فمن الفقهاء من ذهب الى تعيّن التسبيح للمأموم فتوى او احتياطاً،كالامام الخميني والسيد الخوئي.

ومنهم من ذهب الى التخيير. كصاحب العروة وجمع كثير من الفقهاء. وهذا المقطع من هذه المسألة ورد ايضا في المسألة الاولى من هذا الفصل ونحن بحثناها بالتفصيل في المسألة الاولى من احكام الجماعة في البحث الرقم 143يوم الإثنين18جمادي الثانية 42و ما بعدها: فلا نعيد.

اما الحالة الثانية فهي ما اذا كان المأموم مسبوق بركعة او ركعتين: قال رضوان الله عليه: (و إذا لم يدرك الأوّلتين مع الإمام وجب عليه القراءة فيهما لأنّهما أوّلتا صلاته، و إن لم يمهله الإمام لإتمامها اقتصر على الحمد و ترك السورة و ركع معه، و أمّا إذا أعجله عن الحمد أيضاً فالأحوط إتمامها و اللحوق به في السجود أو قصد الانفراد و يجوز له قطع الحمد و الركوع معه لكن في هذه لا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة)

فذكر هنا ثلاثة حالات:

الاولى: اذا امهله الامام لقراءة الحمد والسورة فيجب ان يأتي بهما والدليل على ذلك ان الواجب في الركعتين الاولى والثانية قراءة كاملة والامام لا يتحمل عنه لانه في الركعتين الاخيرتين.

الثانية: ما اذا يمهله للحمد دون السورة فيقرء الحمد ويتابع الامام بترك السورة

والثالثة: اذا لا يمهله لقراءة الحمد ايضاً: فذكر السيد ثلاثة اوجه: اكمال الحمد واللحوق بالامام في السجدة، قصد الإنفراد في الصلاة والانفصال عن الجماعة، قطع الحمد والركوع مع الامام ثم اعادة الصلاة احتياطاً .

اما في الحالة الاولى فيجب عليه ان يأتي بوظيفة المصلي في الركعة الاولى والثانية و الامام في الأخيرتان او الامام في الثالثة اذا كان المأموم مسبوق بركعة واحدة لان الامام حينئذ لا يقرء كي تكون مجزيا عن هذا المأموم المسبوق و هذا القول هو المعروف و المشهور عند فقهائنا.

و يدلّنا على وجوب القراءة على هذا المأموم المسبوق:

أوّلًا: إطلاقات الأمر بالقراءة مثل النَّبِيُّ ص المشهور: "لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ‌" [1]

لا يقال: قد يكون الامام في الركعة الثالثة ايضا يختار قراءة الحمد فيمكن كفايتها عن المأموم

لانا نقول: ان القراءة التي تقع بدلا عن قراءة الماموم هي القراءة التي واجبة على المصلي ان ياتي بها وهي في الركعتين الاولتين. وهذا هو ظاهر روايات التي تدل على تحمل الامام لقراءة المأموم

ان قلت: هناك روايات مطلقة تفيد ضمان الامام لقراءة المأموم:

منها: موثّقة سماعة عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام): « وَ بِإِسْنَادِهِ - الشيخ في الاستبصار-عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ- فَقَالَ لَا إِنَّ الْإِمَامَ ضَامِنٌ لِلْقِرَاءَةِ- وَ لَيْسَ يَضْمَنُ الْإِمَامُ صَلَاةَ الَّذِينَ خَلْفَهُ- إِنَّمَا يَضْمَنُ الْقِرَاءَةَ) [2]

السند موثق ووجه الاستدلال اطلاق قول الامام ضامن للقراءة و يضمن القراءة

ومنها: ما رواه الصدوق بإسناده عن الحسين بن كثير عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام): «أنّه سأله رجل عن القراءة خلف الإمام، فقال: لا، إنّ الإمام ضامن للقراءة»[3] ولو هذا الحديث سنده ضعيف لان الصدوق لم يذكر سنده الى بن كثير وهو ايضا لم يرد له توثيق ولكن قوله: ان الامام ضامن للقراءة فيه اطلاق.

لاننا نقول: لا اطلاق لهما فانهما ظاهرتان في نفي القراءة في مورد وجب فيه القراءة وهو الركتين الاولتين و سياقهما سياق المطلقات مثل قوله عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة الكتاب والمراد منها ركتي اللتيا فيهما الفاتحة الواجبة فالامام يتحمّل عن المأموم دون ما لم يكن مكلّفاً بها و إن اختارها خارجاً كما في الأخيرتين.

و ثانياً: مع الغض عمّا ذكر فتكفينا الروايات الخاصّة الواردة في المقام المصرّحة بعدم الضمان. فلو سلّمنا الإطلاق في روايات الضمان و بنينا على شمولها للمقام فهي مقيّدة لا محالة بهذه الروايات الخاصّة، و هي كثيرة:منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): وَ بِإِسْنَادِهِ –الشيخ- عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا أَدْرَكَ الرَّجُلُ بَعْضَ الصَّلَاةِ- وَ فَاتَهُ بَعْضٌ خَلْفَ إِمَامٍ يَحْتَسِبُ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ- جَعَلَ أَوَّلَ مَا أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ- إِنْ أَدْرَكَ مِنَ الظُّهْرِ أَوْ مِنَ الْعَصْرِ- أَوْ مِنَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ وَ فَاتَتْهُ رَكْعَتَانِ- قَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِمَّا أَدْرَكَ خَلْفَ الْإِمَامِ- فِي نَفْسِهِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَ سُورَةٍ- فَإِنْ لَمْ يُدْرِكِ السُّورَةَ تَامَّةً أَجْزَأَتْهُ أُمُّ الْكِتَابِ- فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يَقْرَأُ فِيهِمَا- لِأَنَّ الصَّلَاةَ إِنَّمَا يُقْرَأُ فِيهَا فِي الْأَوَّلَتَيْنِ- فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَ سُورَةٍ- وَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَا يُقْرَأُ فِيهِمَا- إِنَّمَا هُوَ تَسْبِيحٌ وَ تَكْبِيرٌ وَ تَهْلِيلٌ- وَ دُعَاءٌ لَيْسَ فِيهِمَا قِرَاءَةٌ- وَ إِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً قَرَأَ فِيهَا خَلْفَ الْإِمَامِ- فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ فَقَرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَ سُورَةٍ- ثُمَّ قَعَدَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا قِرَاءَةٌ.[4] فهي صحيحة ونص على المطلوب

و صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: «سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) إلى أن قال: و سألته عن الرجل الذي يدرك الركعتين الأخيرتين من الصلاة كيف يصنع بالقراءة؟ فقال: اقرأ فيهما، فإنّهما لك الأولتان، و لا تجعل أوّل صلاتك آخرها»[5] سندها صحيح و غيرهما.قوله: «لا تجعل الركعتين الأولتين مثل الأخيرتين في ترك القراءة فيشابه أوّل الصلاة آخرها. واضح في ان المراد من القراءة هي في ركعتي الاولى والثانية.

نعم خالف في هذه المسألة العلامة « التذكرة 4: 323» و الشهيد « الألفية و النفلية: 141» و ابن إدريس « السرائر 1: 286» فذهبوا الى سقوط القراءة عن المأموم اذا اختار الامام قراءة الحمد في ركعتي الاخيرة .

ولكن كلامهم اجتهاد في مقابل النص فلا يمكن الالتزام به.


[1] بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث، العلامة المجلسي، ج83، ص126.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo