< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/11/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/سلاة الجماعة /حكم تقدم الماموم على الامام في الأقوال

 

قال المصنف رضوان الله عليه: (مسألة 13): لا يجب تأخّر المأموم أو مقارنته مع الإمام في الأقوال، فلا تجب فيها المتابعة، سواء الواجب منها والمندوب، والمسموع منها من الإمام وغير المسموع، وإن كان الأحوط التأخّر خصوصاً مع السماع وخصوصاً في التسليم، وعلى أيّ حال لو تعمّد فسلّم قبل الإمام لم تبطل صلاته، ولو كان سهواً لا يجب إعادته بعد تسليم الإمام، هذا كلّه في غير تكبيرة الإحرام، وأمّا فيها فلايجوز التقدّم على الإمام، بل الأحوط تأخّره عنه بمعنى أن لايشرع فيها إلا بعد فراغ الإمام منها و إن كان في وجوبه تأمّل.

قد تحدثنا في اليوم الماضي حول ادلة التي استدل بها على عدم لزوم متابعة المأموم للإمام في اقواله، وقد تمسك القائلون بوجوب المتابعة في الأقوال بإطلاق ما دل على لزوم متابعة المأموم للإمام وقد تسلّم السيد الخوئي لها ايضا بقوله: (و ثالثة: يتّحدان في السنخ و هو يسمع، سواء أ كان ذلك في ذكر مستحبّ كالقنوت أو واجب كالتشهّد، و حينئذ فبما أنّ الصلاة مركّبة من مجموع الأفعال و الأقوال فالدليل الدالّ على لزوم المتابعة في الأفعال يقتضي بعينه المتابعة في الأقوال أيضاً بمناط واحد، و لا موجب لدعوى الانصراف إلى الأوّل) [1]

الا انه اعرض عن مفاد الاطلاق بالسيرة المسلمة المتصلة بزمن المعصومين عليهم السلام.

أقول: الاستسلام للاطلاق لا وجه له مادام انّ جميع ماورد في التقدم انما كان في تكبيرة الاحرام او التسليم، واما في افعال الصلاة من الركوع والسجود والقيام عنهما، تقديماً وتاخيراً و سهواً وعمداً ولم يرد سؤال ولا كلام عن التقدم في الاذكار والاقوال، فلا وجه للقول بالإطلاق، وقوله عليه السلام: "انما جعل الإمام اماماً ليؤتم به"، مضافاً الى ضعف سنده، كلها ملحوق بقوله" "فاذا كبّر فكبّروا واذا ركع فاركعوا واذا سجد فاسجدوا" و هي كلها افعال وليست اقوال، فيستفاد منها ان الامر بالإيتمام انما كان في الافعال فانعقاد الاطلاق الشامل للاَقوال في غير محله.

و اما الاحتياط الذي ذكره المصنف بعد الفتوى بعدم وجوب الاتباع في الاقوال، بقوله: (و إن كان الأحوط التأخّر خصوصاً مع السماع وخصوصاً في التسليم) لا حاجة اليه وعدم وجوب اختيار المأموم ما اختاره الامام في الاذكار احسن شاهد على عدم لزوم الإتباع فيها. وكان ينبغي عليه ان يقول: ايضا، خصوصا مع اتحاد الذكر مع الامام،

نعم في خصوص التسليم كلام ينبغي الوقوف عنده لان التسلبم ليس مجرد لفظ بل هو الخروج عن الصلاة فهو لا اقل من افعال الجوانح. كما ان تكبيرة الاحرام ليس مجرد ذكر ومن الاذكار بل هي ما يتحقق بها الدخول في الصلاة وهي ركن تبطل الصلاة بزيادتها او نقصانها.

ما بالنسبة الى التسليم: فقد وردت عدّة أخبار معتبرة دلّت على جواز التسليم قبل الإمام:

منها: صحيحة موسى بن القاسم رواه الشيخ عن احمد بن محمد بن عيسى عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ خَلْفَ الْإِمَامِ- فَيُطَوِّلُ الْإِمَامُ بِالتَّشَهُّدِ- فَيَأْخُذُ الرَّجُلَ الْبَوْلُ أَوْ يَتَخَوَّفُ عَلَى شَيْ‌ءٍ يَفُوتُ- أَوْ يَعْرِضُ لَهُ وَجَعٌ كَيْفَ يَصْنَعُ- قَالَ يَتَشَهَّدُ هُوَ وَ يَنْصَرِفُ وَ يَدَعُ الْإِمَامَ.وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ وَ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ وَ رَوَاهُ الْحِمْيَرِيُّ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ مِثْلَهُ[2]

سنده صحيح فيه موسى بن قاسم قال النجاشي فيه: (موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب البجلي أبو عبد الله يلقب المجلي ثقة ثقة جليل واضح الحديث حسن الطريقة...) اما الدلالة فمورد السؤال عند العذر فلا يشمل الاعم

وَمنها صحيح ابي المغراء رواه الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ خَلْفَ الْإِمَامِ- فَيَسْهُو فَيُسَلِّمُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ قَالَ لَا بَأْسَ.[3] (ح5) في السند ابي المغراء وهو حميد بن المثنى قال الشيخ فيه: (العجلي الكوفي ويكنى أبا المغراء الصيرفي ثقة) و وثقه النجاشي بقوله ثقة ثقة .

واما الدلالة فمورد السؤال هو السهو فلا يثبت الجواز للأعم ايضاً.

 

ومنها: صحيح عبيد الله بن علي الحلبي رواه الشيخ عن احمد بن محمدبن عيسى عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الرَّجُلِ يَكُونُ‌ خَلْفَ الْإِمَامِ- فَيُطِيلُ الْإِمَامُ التَّشَهُّدَ- قَالَ يُسَلِّمُ مَنْ خَلْفَهُ وَ يَمْضِي لِحَاجَتِهِ إِنْ أَحَبَّ.وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع مِثْلَهُ [4]

وَ منها صحيح ابي المغراء رواه الشيخ عن احمد بن محمد بن عيسى عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي خَلْفَ إِمَامٍ- فَسَلَّمَ قَبْلَ الْإِمَامِ قَالَ لَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ.[5]

فالاولين من هذه الروايات الاربعة وردتا في مورد العذر والسهو ولكن الاخيرتان يفيد الجواز مطلقا وبما ان كلا الطائفتان مثبتتين فلا تنافي بينهما وخصوصا ان العذر والسهو انما وردا في كلام السائل نعم لو كان في كلام الامام بنحو الشرط لكان له مفهوم اي نفي الجواز لغير مورد العذر والسهو فكانت الصناعة تقتضي حمل الاعم بالاخص او فقل حمل المطلق على المقيد ولكن فيما نحن فيه لا وجه لرفع اليد عن الاطلاق فتفد هذه الروايات الصحيحة الاربعة جواسبق المأموم في تسليم صلاته عن الامام.

هناك رأي خاص للسيد الخوئي في المسألة فهو جواز تقدم التسليم الا ان صلاته تنقلب الى فرادى، وقد علل رأيه بقوله: (الظاهر هو الانفراد، و ذلك لما عرفت سابقاً من أنّ المتابعة مأخوذة في مفهوم الائتمام، فكما أنّه لو كبّر قبل الإمام لا يكون مأموماً فكذا لو خرج قبله، فانّ المأمومية متقوّمة بالمتابعة معه دخولًا و خروجاً، كما هو الحال في غير الصلاة، فلو تابع زيداً في دخول المجلس دون خروجه فقد انفصل عنه في الخروج، و لم يكن تابعاً إلّا في الدخول فحسب.و عليه ففي المقام تزول الجماعة بقاءً و يحصل الانفراد قهراً. و حينئذ فان قلنا بجواز الانفراد في الأثناء اختياراً كما هو الصحيح كما يجوز مع العذر بلا إشكال فالحكم الوارد في هذه الأخبار مطابق للقاعدة، و إلّا فغايته الالتزام بالتخصيص).[6]

أقول: لتوضيح مراده كما بينا سابقا انه رضوان الله علي يري تحقق الجماعة متوقف على متابعة الماموم للامام في جميع اجزاء الصلاة كالعام المجموعي ولذلك يرى انه لو تخلف في فعل من افعال صلاته تنقلب الى الفرادى ولو كان ناويا للانفراد من اول الامر ان ينفصل عن الجماعة فجاعته باطلة من اول صلاته هذا من جهة وهناك له رأي آخر وهو جواز نقض الجماعة متى اراد ولا اثم عليه كما يجوز نقض الفريضة متى اراد ففي ما نحن فيه اذا تقدم على الامام في التسليم بما انه لم يتابع الامام في تسليمه وصلاته فرادي ولا اثم عليه خلافا للمشهور حيث يرون ان وجوب متابعة الماموم للامام يكون من قبيل العام الاستغراقي فما اتى منها متابعا للامام يحسب له جماعة فتصح عنه الجماعة في قسم من الصلاة ولو انفرد في بقيتها.

ونحن قلنا سابقا ان نقض الفريضة من دون عذر استهانة بها لا يجوز و كذلك الخروج عن الجماعة في اثنائها من دون عذر استهانة بها لايجوز.

والذي يسهل الخطب ان التقدم في التسليم ليس من التبعيض في الجماعة فهو بتسليمه يخرج عن الصلاة وقد اتى بكلها جماعة مضافا الى ان هذه الصحاح تنص على عدم البأس به فلا يبقى شبهة في جواز خروج الماموم عن صلاته جماعة بالتسليم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo