< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/10/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم تقدم المأموم على الامام

قال المصنف: (مسألة 12): إذا ركع أو سجد قبل الإمام عمداً لا يجوز له المتابعة لاستلزامه الزيادة العمديّة، و أمّا إذا كانت سهواً وجبت المتابعة بالعود إلى القيام أو الجلوس ثمَّ الركوع أو السجود معه ، و الأحوط الإتيان بالذكر في كلّ من الركوعين أو السجودين بأن يأتي بالذكر ثمّ‌ يتابع و بعد المتابعة أيضاً يأتي به، و لو ترك المتابعة عمداً أو سهواً لا تبطل صلاته و إن أثم في صورة العمد نعم لو كان ركوعه قبل الإمام في حال قراءته فالأحوط البطلان مع ترك المتابعة كما أنّه الأقوى إذا كان ركوعه قبل الإمام عمداً في حال قراءته لكن البطلان حينئذٍ إنّما هو من جهة ترك القراءة و ترك بدلها و هو قراءة الإمام كما أنّه لو رفع رأسه عامداً قبل الإمام و قبل الذكر الواجب بطلت صلاته من جهة ترك الذكر).

قد ذكرنا في اليوم الماضي 24 تعليقة من الفقهاء على عشر مواضع من هذه المسألة واليوم نريد ان نراجع الادلة كي نستنبط الحكم فيها:

اول فرع من هذه المسألة قوله: (إذا ركع أو سجد قبل الإمام عمداً لا يجوز له المتابعة لاستلزامه الزيادة العمديّة) هذا الحكم مبتني على القول بان وجوب المتابعة وجوب تكليفي وليس شرطياً فعلى المأموم ان يستمر في الركوع او السجود حتى يلحق به الامام ثم يتابعه وانما ارتكب اثماً لتركه متابعة الامام في الدخول الى الركوع اوالسجود. اما على القول بشرطية المتابعة للجماعة، فهو خرج عن الجماعة و اصبحت صلاته فرادى، وارتكب الاثم في خروجه عن الجماعة عمداً. وعلى رأي السيد الخوئي حيث لا يحرِّم نقض الجماعة عمداً فلم يرتكب محرما وانما خرج من الجماعة فعليه ان يأتي بوظيفة المنفرد.

نعم من يقول بان الركوع والسجود متابعة للامام، ليس ركوعا او سجودا جديداّ وانما هي العود الى الركوع او السجود الاول، كالشيخ آقا ضياء فلا مشكل له ان يقوم ثم يركع او يسجد متابعة للامام. والأصح الذي اخترناه انه انما اثم لمخالفة المتابعة ولا يجوز له العود لأنه يوجب حصول الزيادة العمدية منه فتبطل صلاته.

الفرع الثاني: (و أمّا إذا كانت سهواً وجبت المتابعة بالعود إلى القيام أو الجلوس ثمَّ الركوع أو السجود معه)

يمكن القول بان وجوب المتابعة في هذا الفرض لا دليل عليه لان الادلة التي تدل على بطلان الصلاة بزيادة الركوع والسجود سواء تعمد المصلي فيها او صدر عنه سهوا وبعذر انما استثنى منها ما قام الماموم من الركوع او السجود سهوا او لزعم قيام الامام وهي الروايات الاربعة التي تمسكنا بها في المسألة السابقة، وهي لا تشمل من تقدم على الامام في الركوع ثم عاد الى القيام متابعة للامام تلك الروايات التي استثنى صحة الصلاة ولو زاد ركوعا او سجودا انما ورد فيمن ركع مع الامام ثم قام سهوا او بتخيل قيام الامام فبان له استمرار الامام في الركوع فعاد اليه.

نعم هناك رواية وردت في هذه المسألة وهي موثقة ابن فضال وهي: مارواه الشيخ عن احمدبن محمد عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع- فِي الرَّجُلِ كَانَ خَلْفَ إِمَامٍ يَأْتَمُّ بِهِ- فَيَرْكَعُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ- وَ هُوَ يَظُنُّ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ رَكَعَ- فَلَمَّا رَآهُ لَمْ يَرْكَعْ رَفَعَ رَأْسَهُ- ثُمَّ أَعَادَ رُكُوعَهُ مَعَ الْإِمَامِ- أَ يُفْسِدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ أَمْ تَجُوزُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ- فَكَتَبَ ع تَتِمُّ صَلَاتُهُ وَ لَا تَفْسُدُ بِمَا صَنَعَ صَلَاتُهُ.[1]

سندها لا بأس به وابن فضال ولو كان فتحياً ولكن ورد في بني فضال الحديث المعروف: "خذوا ما رووا وذروا ما رؤوا".

واما الدلالة: فتقرير الامام عليه السلام لفعله يدل على جوازه بمعنى الاعم. و بما ان التقرير لا لسان له كي نأخذ باطلاقه او عمومه فانما يفيد الجواز لا اكثر فلا يمكن الاستدلال بها على وجوب العود.

نعم استندوا الى هذا الحديث لجواز العود من السجدة الى الجلوس ثم متابعة الامام في سجوده بقياس الاولوية، قال السيد الخوئي: (مورد موثقة ابن فضال و إن كان هو الركوع لكن يلحق به السجود بالأولوية القطعية، إذ لو جازت المتابعة المستلزمة للزيادة في الركوع و هو ركن ففي السجود بطريق أولى، مضافاً إلى ظهور التسالم عليه). ولا بأس بهذا الاستدلال للتعميم الى السجدة ايضاً. و قال ايضا: ( كما ان كما أنّ مورده و إن كان هو الظنّ أعني الاعتقاد أو الاطمئنان كما لا يخفى لكن لا ينبغي الشكّ في التحاق السهو به، إذ لا يحتمل أن تكون للظنّ خصوصية منقدحة في ذهن السائل، و إنّما ذكره بياناً للعذر في مقابل العمد)[2] .

ثم فرق فيما كان عنوان الظن في بيان السائل وما اذا كان في بيان الامام عليه السلام و قال:

(لو كان التقييد بالظنّ مذكوراً في كلام الإمام (عليه السلام) أمكن اختصاص الحكم به، إذ من الجائز أن تكون للظنّ خصوصية لا نعرفها فلا يمكن التعدّي حينئذ إلى السهو، لكنّه مذكور في كلام السائل، و من المقطوع به بمقتضى الفهم العرفي عدم تعلّق العناية به بالخصوص، و إنّما غرضه من السؤال الاستعلام عمّا إذا ركع المأموم قبل الإمام ركوعاً لا يكون عامداً فيه بطبيعة الحال، بل يكون عادة من جهة العذر. فذكر الظنّ مثالًا للعذر من دون خصوصية فيه، و مثاله الآخر السهو، فكأنّ السؤال عن مطلق المعذورية في مقابل العمد،)

وهذا الكلام جميل لا ضير فيه بل يمكن القول بالتعميم ولو كان الظن موجود في كلام الامام عليه السلام ظاهر في بيان العر وذكر الظن لانه هو الغالب في تسبيب التقدم كما يقال في قول الله "وربائبكم التي في حجوركم" ان كونها في الحجور ليس شرطا للحرمة وانما ذكر للغالب ولعل فلسفة تشريع الحكم كذلك تهيلا للمكلفين لأنها لو لم تكن محرما لزوج امهاتها كانت حضانتهن صعب جدا على امهاتهن. وفيما نحن فيه لو كان في تعبير الامام ايضا لفظ الظن لكان ظاهرا لبيان العذر بلا خصوصية للظن فيها.

الى هنا كان الفرعين في التقدم في الركوع بعد فراغ الامام عن القراءة اما حكم التقدم على الامام قبل انتهاء قرائته عمدا فنتعرض لها في الايام القادمة فل اكمال مشوارنا في هذه السألة ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo