< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/10/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /من قام عن الركوع قبل الامام

كان بحثنا في:(مسألة 9: إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهواً أو لزعم رفع الإمام رأسه وجب عليه العود و المتابعة، و لا يضرّ زيادة الركن حينئذٍ، لأنّها مغتفرة في الجماعة في نحو ذلك، و إن لم يعد‌، اَثِمَ وصحت صلاته و لکن الاحوط إعادتها بعد الإتمام، بل لا يترك الاحتياط إذا رفع رأسه قبل الذكر الواجب و لم يتابع مع الفرصة لها، و لو ترك المتابعة حينئذٍ سهواً أو لزعم عدم الفرصة لا يجب الإعادة، و إن كان الرفع قبل الذكر هذا، و لو رفع رأسه عامداً لم يجز له المتابعة ، و إن تابع عمداً بطلت صلاته للزيادة العمديّة، و لو تابع سهواً فكذلك‌، إذا كان ركوعاً أو في كلّ من السجدتين، و أمّا في السجدة الواحدة فلا).

وقد ذكرنا اربع روايات ظاهرة في وجوب العود الى الركوع لمن قام عنه قبل الامام، و هي صحيحة فضيل حيث ورد فيها: "فَلْيَسْجُدْ".ْ وصحيحة علي بن يقطين حيث ورد فيها: "يُعِيدُ رُكُوعَهُ مَعَهُ" و موثقة ابن فضال حيث ورد فيها: قَالَ أَعِدْ وَ اسْجُدْ" " و رواية محمد بن سهل الاشعري حيث ورد فيها: "يُعِيدُ رُكُوعَهُ مَعَهُ"

وفي قبالها ذكرنا موثقة غياث بن ابراهيم: حيث ورد فيها: "أَ يَعُودُ فَيَرْكَعُ إِذَا أَبْطَأَ الْإِمَامُ- وَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مَعَهُ؟ قَالَ لَا" فتعلق النهي في هذه الموثقة بما تعلق عليه الامر في تلك الروايات الاربعة.

وكما ذكرنا ان السيد صاحب العروة و اكثر الفقهاء جمعوا بين الطائفتين بتخصيص الآمرة بمن قام من ركوعه سهوا او بزعم قيام الامام، وحملوا الناهية على ما اذا قام الماموم من ركوعه عمداً، وقد رفض هذا الجمع محدث البحراني في الحدائق، بانه: (تحكّم محض) وقال بان كلا الطائفتان مطلقتان يشملان الساهي والعامد ثم جمع بحمل الآمرة على الاستحباب والناهية الى الترخيص وجواز الترك وقد ذكرنا نص كلامه في اليوم الماضي. وذهب الى هذا الجمع غيره ايضاً.

واشكل السيد الخوئي على هذا الجمع اي حمل الآمرة على الاستحباب والناهية على جواز الترك بقوله: (انّ الحمل على الاستحباب إنّما يتّجه فيما إذا كان الدليل الآخر المقابل للوجوب صالحاً للقرينية، بحيث لو جمعا في كلام واحد و أُلقيا على العرف لم يرَ العرف تنافياً بين الصدر و الذيل، و لم يبق متحيّراً، بل يجعل أحدهما قرينة على التصرّف في الآخر و كاشفاً عن المراد منه، كما في مثل قوله: افعل، و قوله: لا بأس بتركه، إذ يرى العرف أنّ الترخيص في الترك قرينة على إرادة الاستحباب من الأمر. و ليس المقام من هذا القبيل بالضرورة، فإنّ أحد الدليلين متضمّن للأمر و الآخر للنهي، و بينهما كمال المنافاة، فلو جمعا في كلام واحد و قيل: «يعيد بركوعه» كما في صحيحة ابن يقطين و «لا يعود» كما في الموثّقة بقي أهل العرف متحيّرين، و رأوا تناقضاً في الكلام.فالجمع الدلالي بهذا النحو متعذّر، و المعارضة مستقرّة، إذ قد تعلّق النهي بعين ما تعلّق به الأمر،

و المتعيّن إنّما هو الجمع الثاني الذي ذكره الشيخ، و ليس هو من الجمع التبرّعي في شي‌ء. و توضيحه: أنّ النسبة بين الدليلين و إن كان هو التباين، حيث إنّ كلا منهما مطلق من حيث العمد و السهو، و قد تعلّق النهي بعين ما تعلّق به الأمر كما عرفت، لكن فرض السهو و ما يلحق به من اعتقاد الرفع، خارج عن إطلاق موثّقة غياث جزماً، للقطع الخارجي بجواز العود حينئذ، و قد تسالم عليه الفقهاء، و من هنا اختلفوا في وجوبه أو استحبابه، الكاشف عن المفروغية عن الجواز و المشروعية من غير نكير).[1]

أقول: ان القطع الخارجي بجواز العود في صورة السهو لم يكن مقطوعا به ومتسالما فيه في عصر الائمة عليهم السلام والشاهد على ذلك نفس الروايات الاربعة فلا يمكن القول بان رواية غياث في النهي عن الركوع منصرفة عن صورة السهو وما يلحق به.

والاولى في الجمع ما قلناه بان: إطلاق ما فيه الأمر بالعود، للساهي والعامد غير واضح، لان الاطلاق انما يتحقق بالنسبة الى امور كان المتكلم بصدد بيانها. وفيما نحن فيه السائل الذي يسأل عن حكم ما صدر منه من التقدم في القيام عن الركوع، ظاهر في من لم يتعمد. فان تَعَمُّدَ التقدم في القيام عن الركوع ممن يصلي جماعة غير متعارف. لان مصلي الجماعة ملتزم بمتابعة الامام في صلاته، لذا حصل عنده الغلق من قيامه قبل الامام فسأل عن وظيفته وجواب الامام منطبق على سؤال السائل سعةً وضيقاً فلا يشمل العامد. فيصبح النسبة بين الآمرة والناهية نسبة عموم مطلق اي مثقة غياث مطلقة بالنسبة الا العامد والساهي وتلك الاربعة مختصة بالساهي فالروايات الآمرة تخصص الناهية بالنسبة الى الساهي فيبقى العامد تحت النهي وهو ينطبق على مطلقات التي تدل على بطلان الصلاة بزيادة الركن فتدبر جيداً.

وان لم ترض بذلك نقول: ان موثقة غياث يحتمل فيها احد الامرين حيث ورد فيها : سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ- يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَبْلَ الْإِمَامِ- أَ يَعُودُ فَيَرْكَعُ إِذَا أَبْطَأَ الْإِمَامُ- وَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مَعَهُ؟ قَالَ لَا" فيحتمل ان السائل سأل عن جواز العود فقوله عليه السلام، "لا" يكون نفيا للجواز فيحصل فيه التعارض مع روايات الآمرة. و يحتمل ان يكون سؤاله عن وجوب العود، فجواب الامام ب"لا" ينفي الوجوب، فلا تعارض الروايات الآمرة، بل يمكن الجمع بينهما بحمل الآمرة على الاستحباب و الموثقة على جواز الترك فيرتفع التعارض.

وان بقينا متحيراً وما استطعنا ان نرجح أحد الاحتمالين، يبقى رواية غياث على اجمالها فيسقط عن الاستدلال ففي العامد نراجع الى مطلقات الدالة على ان زيادة الركوع مبطل للصلاة، فنفتي بعدم جواز العود الى الركوع لمن تعمد في قيامه قبل الامام و يبقى الساهي ومن قام بزعم قيام الامام تحت دليل المخصص لاطلاقات مبطلية ازدياد الركوع فتأمل جيدا تجد ما قلناه.

 

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo