< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/10/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /مناقشة الروايات الواردة

كان بحثنا في:(مسألة 9: إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهواً أو لزعم رفع الإمام رأسه وجب عليه العود و المتابعة، و لا يضرّ زيادة الركن حينئذٍ، لأنّها مغتفرة في الجماعة في نحو ذلك، و إن لم يعد‌، اَثِمَ وصحت صلاته و لکن الاحوط إعادتها بعد الإتمام، بل لا يترك الاحتياط إذا رفع رأسه قبل الذكر الواجب و لم يتابع مع الفرصة لها، و لو ترك المتابعة حينئذٍ سهواً أو لزعم عدم الفرصة لا يجب الإعادة، و إن كان الرفع قبل الذكر هذا، و لو رفع رأسه عامداً لم يجز له المتابعة ، و إن تابع عمداً بطلت صلاته للزيادة العمديّة، و لو تابع سهواً فكذلك‌، إذا كان ركوعاً أو في كلّ من السجدتين، و أمّا في السجدة الواحدة فلا).

وقد دخلنا في مناقشة الروايات الواردة كي نرى مدى دلالتها حول في امرين: أحدهما ان جواز العود هل هو مشروط بكون الرفع من الركوع سهواً او بزعم قيام الامام عن الركوع؟ او يعم ما اذا تعمد في القيام عن الركوع قبل الامام ايضاً؟ والثاني هل العود اى الركوع واجب او مستحب

وقد ذكرنا صحيحة الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ صَلَّى مَعَ إِمَامٍ يَأْتَمُّ بِهِ- ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ- قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ؟ قَالَ فَلْيَسْجُدْ.ْ[1]

و صحيحةعَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَنْ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ- يَقْتَدِي بِهِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ؟- قَالَ يُعِيدُ رُكُوعَهُ مَعَهُ.[2]

وقد فرغنا عن البحث في سندهما ودلالة الاولى تمت من خلال تنقيح وحدة المناط بين الركوع والسجود. واما الثانية فهي نص في الركوع والامر بالعود ظاهر في الوجوب في كلاهما.

و الرواية الثالثة: ما رواه الشیخ عن سعد بن عبد الله عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَمَّنْ رَكَعَ مَعَ إِمَامٍ يَقْتَدِي بِهِ- ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ؟- قَالَ يُعِيدُ رُكُوعَهُ مَعَهُ. وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ مِثْلَهُ.[3]

وهذا الحديث ولو انه اجتمع على روايتها الشيخ والصدوق ولكن محمد بن سهل الاشعري لم يرد له توثيق. واما الدلالة فأمرُ الامام باعادة ركوعه مع الامام ظاهر في الوجوب ولكن ضعف السند يجعلها في مرتبة المؤيد.

ومنها: موثقة علي بن فضال: رواه الشيخ باسناده وَ عَنْ احمد بن محمد عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ- فَأَرْفَعُ رَأْسِي قَبْلَهُ أُعِيدُ؟ قَالَ أَعِدْ وَ اسْجُدْ".[4]

قال الكشي: (ابو عمرو محمد بن الوليد الخزاز و معاوية بن حكيم ومصدق بن صدقة ومحمد بن سالم بن عبد الحميد هؤلاء كلهم فطحية وهم من أجلة العلماء والفقهاء والعدول وبعضهم ادرك الرضا عليه السلام وكلهم كوفيون) و قال النجاشي في حقه: معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار الدهني ثقة جليل في اصحاب الرضا عليه السلام) فالسند موثقة والدلالة هي امر الامام بالاعادة والسجدة

في مقابل هذه الروايات نجد ما يفيد عكس ذلك

منها: ما رواه الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ- يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَبْلَ الْإِمَامِ- أَ يَعُودُ فَيَرْكَعُ إِذَا أَبْطَأَ الْإِمَامُ- وَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مَعَهُ؟ قَالَ لَا".وَ رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عن غياث بن ابراهيم [5] (ج8ص391‌باب48صلاة الجماعة ح6) في سندها غياث بن ابراهيم قال الكشي في شأنه: (بتري) اي عامي. وقال النجاشي: (التميمي الاسيدي بصري سكن الكوفة ثقة) ولا تنافي بين قولهما فكونه عامياً لا ينافي مع وثاقته في الحديث. اما الدلالة، فنهي الامام عن العود ظاهر في عدم الجواز.

اما علاج التعارض الظاهر فقد جعل صاحب الوسائل عنوان باب48 هكذا: (48 بَابُ وُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْمَأْمُومِ الْإِمَامَ فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ قَبْلَهُ عَامِداً اسْتَمَرَّ عَلَى حَالِهِ وَ إِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ عَادَ إِلَى الرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ وَ كَذَا مَنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَهُ‌) وعناوين الابواب هي فتواه في المسألة وهي ما ذهب اليه صاحب العروة ايضاً. والشيخ في التهذيب بعد ذكر ما رواه محمد بن سهل الاشعري ورواية غياث بن ابراهيم قال: (فَلَا يُنَافِي الْخَبَرَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمُصَلِّي مُقْتَدِياً بِمَنْ صَلَّى خَلْفَهُ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَلَوْ عَادَ إِلَى الرُّكُوعِ لَكَانَ قَدْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ رُكُوعاً وَ ذَلِكَ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَجُوزُ لِمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ نَاسِياً فَأَمَّا إِذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ‌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَوْدُ إِلَى الرُّكُوعِ عَلَى حَالٍ)[6]

ان الشيخ رضوان الله عليه ذكر في هذه العبارة فرضين: احدهما: انه كان صلاته فرادى وانما كان يتابع افعال الامام ظاهرا، فعوده الى الركوع زيادة في الركن والفرض الثاني كونه مقتديا واقعا فهو كان في الجماعة فجواز العود خاص بما اذا لم يتعمد في القيام، اما اذا تعمد فلا يجوز له العود فرأيه هو التفصيل المشهور وهو أن جواز العود خاص بمن لم يتعمد في التقدم على الامام في رفع الراس عن الركوع.

واشكل على هذا الكلام في الحدائق بقوله: (صورة تقدم المأموم في الرفع من الركوع و كذا من السجود‌، و الحكم فيه أنه يرجع وجوبا أو استحبابا عامدا كان أو ناسيا، و الوجه في ذلك دلالة صحيحة على بن يقطين و صحيحة ربعي و الفضيل و رواية سهل و موثقة محمد بن على بن فضال على الرجوع، و موردها الرفع من الركوع في بعض و من السجود في بعض، و ظاهرها العموم لحالتي العمد و النسيان، و موثقة غياث الدالة على عدم الرجوع و موردها مورد تلك الأخبار و هي مطلقة ايضا شاملة للعمد و النسيان، و الشيخ و من تبعه كما هو المشهور بين الأصحاب و ان جمعوا بينها و بين تلك الأخبار بحملها على العامد و حمل تلك الأخبار على الناسي إلا انه كما عرفت تحكم محض، و الأظهر أما طرحها لضعفها عن معارضة تلك الأخبار أو حملها على الجواز و حمل تلك الأخبار على الاستحباب، و من ثم حصل الترديد في العبارة المتقدمة بقولنا وجوبا أو استحبابا).[7] فهو رضوان الله عليه رفض الجمع بين الطائفتين بتخصيص الآمرة بالعود الى الركوع بالساهي ومن زعم قيام الامام فقام، و تخصيص الناهية بالعامد في تقدمه على الامام في قيامه" واختار احد الامرين اما طرح الناهية لعدم مقاومتها للآمرة واما حمل الآمرة على الاستحباب والناهية على جواز ترك العود الى الركوع.

اقول ان اطلاق ما فيه الامر بالعود للساهي والعامد غير واضح لان الاطلاق انما يتحقق اذا كان المتكلم بصدد البيان وفيما نحن فيه السائل الذي يسأال عن حكم ما صدر منه من التقدم في القيام عن الركوع، ظاهر في من لم يتعمد. فان تعمُّدَ من يصلي جماعة في القيام عن الركوع غير متعارف. لان مصلي الجماعة ملتزم بمتابعة الامام في صلاته لذا حصل عنده الغلق من قيامه قبل الامام فسأل عن وظيفته وجواب الامام منطبق على سؤال السائل سعة وضيقاً فلا يشمل العامد.

فيصبح النسبة بين الآمرة والناهية نسبة عموم مطلق فالروايات الآمرة تخصص الناهية بالنسبة الى الساهي فيبقى العامد تحت النهي وهو ينطبق على مطلقات التي تدل على بطلان الصلاة بزيادة الركن فتدبر جيداً.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo