< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/07/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم قراءة الماموم في الجهرية

كان بحثنا في الايام الماضيه حول الفرع الثالث من المسألة الاولى من احكام الجماعة حيث قال السيد: (و أمّا في الأُوليين من الجهرية فإن سمع صوت الإمام و لو همهمة وجب عليه ترك القراءة)

ذكرنا في الايام الماضية ثلاث ادلة للمجوزين وناقشناها، و هناك دليل آخر ذكروه وهو موثّقة سماعة واليك نصها: شيخ باسناده وَ عَنْهُ –اي حسين بن سعيد- عَنِ الْحَسَنِ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ فِي حَدِيثٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ النَّاسَ- فَيَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَ لَا يَفْقَهُونَ مَا يَقُولُ- فَقَالَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَهُ فَهُوَ يُجْزِيهِ- وَ إِذَا لَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهُ قَرَأَ لِنَفْسِهِ.[1]

وجه الاستدلال انّ التعبير بيجزيه يعني يجوز له ان يكتفي بقراءة الامام كما يجوز له ان يقرء لنفسه فهو مخير بين الامرين.

لكن يرد عليه: أنّ الإجزاء انما يدل على جواز الاكتفاء و لا يدل على جواز القراءة لنفسه ولا على خلافه فاثبات الشيء لا ينفي ماعداه ولا يثبته وانما هو متكفل نفسه ، و أمّا أنّها مكروهة أو محرّمة و أنّ تركها بنحو الرخصة أو العزيمة فلا دلالة فيه على ذلك بوجه.

بل يمكن أن يقال بدلالة الموثّقة على أنّ الترك بنحو العزيمة و أنّ القراءة ليست بجائزة، بقرينة المقابلة بين هذه الفقرة و بين قوله (عليه السلام): «و إذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه»، فإنّ القراءة لدى عدم السماع جائزة لا واجبة لما دل عليه النصوص المعتبرة و افتى به فقهائنا رضوان الله عليهم حيّاً وميّتاً كما سنتعرض لذلك، في ذيل هذه المسألة، و مقتضى المقابلة عدم الجواز لدى السماع، إذ لو جاز معه أيضاً لما صحّ التقابل، مع أنّ التفصيل قاطع للشركة. و عليه فالموثّقة تعاضد النصوص المانعة، لا أنّها تعارضها كي تصلح قرينة لصرف النهي الوارد فيها إلى الكراهة.

بما بيناه قد ثبت وجوب ترك القراءة او فقل عدم جواز القراءة للماموم في الركعتين الاولتين من الجهرية اذا سمع قراءة الامام اما اذا لم يسمع الفاظ القراءة ولكنه يسمع صوت الامام همهمة فكذلك ذهب المصنف وكثير من الفقهاء الى عدم جواز القراءة، والدليل على هذا التعميم هو ورود نصوص علي لزوم ترك القراءة والاصغاء الى الامام، ولو لم يفهم الفاظ القراءة وانما يسمع همهمة الامام في قراءته:

منها: مارواه الصدوق بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْهُ عليه السلام: "أَنَّهُ إِنْ سَمِعَ الْهَمْهَمَةَ فَلَا يَقْرَأْ".[2]

سند الصدوق الى عبيد لا باس به فانه حسب ما ورد في مشيخته رواه (عن ابيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن حكم بن مسكين الثقفي عن عبيدة بن زرارة بن أعين و كان أحول) كل رجاله صحاح اجلاء و انما الاشكال في حكم بن مسكين حيث لم يرد له توثيق ...واما الدلالة فهي صريحة في النهي عن القراءة بمجرد سماع الهمهمة.

ومنها ما رواه الكليني عن علي بن ابراهيم عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا كُنْتَ خَلْفَ إِمَامٍ- تَرْتَضِي بِهِ فِي صَلَاةٍ يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ- فَلَمْ تَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ فَاقْرَأْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ- وَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ الْهَمْهَمَةَ فَلَا تَقْرَأْ".[3]

في السند عبد الله بن مغيرة وهو كان واقفيا فاستبصر بيد الرضا عليه السلام في قصة ذكر لقائه بالامام وقال النجاشي فيه (عبد الله بن المغيرة ابو محمد البجلي مولى جندب بن عبد الله ابن سفين العلقي كوفي ثقة ثقة لايعدل به أحد في جلالته ودينه وورعه) وهو كان من العلماء المؤلفين. و في السند قتيبة قال فيه النجاشي: (قتيبة بن محمد الاعشى المؤدب أبو محمد المقرّي مولى الأزد ثقة عين) فالسند صحيحة. واما دلالتها على المطلوب وهي تنص على النهي عن القراءة بمجرد سماع الهمهمة. مضافا الى الروايات المطلقة التي تنهى عن القراءة للماموم في الجماعة فلا نكرر لما مررنا اليها منها في المباحث السابقة.

اما بالنسبة الى حكم الانصات قال السيد بعد ما حكم بعدم جواز القراءة للمأموم عند سماع القراءة:

ان لاثبات وجوب الانصات يكفينا قول الله تعالى: ﴿"إذا قُرِءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأنْصِتُوا"﴾ بضم صحيحة زرارة مسبوقة الذكر حيث ورد فيها: ﴿وَ إِذٰا قُرِئَ الْقُرْآنُ﴾ يعني في الفريضة خلف الإمام ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا﴾. و دلالتها على عدم جواز قراءة المأموم عند سماع الهمهمة، تتم بصدق استماع القراءة لمن يستمع صوت همهمة الامام في قراءته، و لا يصح سلب سماع صوت القراءة عنه.

ثم انه يظهر من كلام المصنف انه جعل المقابلة بين الانصات و الاشتغال بالذكر و لكن الأقرب عدم المنافات بينهما فان الإنصات ليس في المعنى مرادفاً للسكوت بل هو السكوت للاستماع فما ينافي الاستماع فهو منافي للانصات وما لا ينافي الاستماع يجتمع مع الانصات ومثل الذكر ونحوه لا ينافي الانصات ولذا ترى كثير من المؤمنين عند ما يحضرون محاضرات الدينية في المساجد يستمعون ويصغون الى الخطيب و شفاههم تتحرك بالتهليل والتسبيح والصلاة على محمد وال محمد صلوات الله عليهم اجمعين. ولذلك السيد الحكيم رضوان الله عليه علق على كلام المصنف: (بل الأحوط و الأولى‌ الإنصات) بقوله: (لا ينبغي أن يترك مهما أمكن). ثم علق على كلام المصنف: (و إن كان الأقوى جواز الاشتغال بالذكر و نحوه) بقوله: (بل هو الأفضل و لا ينافي الإنصات).

الى هنا انتهينا عن الفرع الثالث في هذه المسألة و نتابع تتمة ما ورد في هذه المسألة في الجلسة الآتية ان شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo