< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/07/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /قراءة المأموم في الصلوات الجهرية

كان بحثنا في الفرع الثالث من المسألة الاولى من احكام الجماعة، حيث قال السيد: (و أمّا في الأولتين من الجهريّة، فإن سمع صوت الإمام و لو همهمته وجب عليه ترك القراءة)، قلنا في هذه المسألة اتفاق على سقوط القراءة عن الماموم و خلاف في جواز القراءة له مضافا الى الامام وقد ذكرنا سبع روايات صحاح دلت على حرمة القراءة على الماموم عند ما يسمع صوت الامام في الجهرية ولو همهمة.

وللمجوزين ايضا ادلة:

منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) التي ذكرناها آنفا مستدلا عليها لحرمة القراءة وهي قوله عليه السلام «إن كنت خلف إمام فلا تقرأنّ شيئاً في الأوّلتين، و أنصت لقراءته، و لا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين، فإنّ اللّٰه عزّ و جل يقول للمؤمنين ﴿وَ إِذٰا قُرِئَ الْقُرْآنُ﴾ يعني في الفريضة خلف الإمام ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ فالأخيرتان تبع للأوّلتين».[1] ( وجه الاستدلال على الحرمة النهي المؤكد في قوله عليه السلام: " فلاتقرأنّ شيئاً في الأوّلتين ".

والمجوزون ايضا تمسكوا بها لعدم حرمة القراءة بحجة انها تتضمن على ثلاث قرائن تشهد على جواز القراءة:

القرينة الاولى: اقتران النهي عن القراءة في الأُوليين بالنهي عنها في الأخيرتين حيث قال عليه السلام فيها: «و لا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين»، ثم في ذيل الكلام قال عليه السلام: "فالأخيرتان تبع للأوّلتين" و من الواضح أنّ النهي في الأخيرتين تنزيهي، فكذا في الأُوليين، لاتحاد السياق.

القرينة الثانية: تعليل النهي عن القراءة بالإنصات، و حيث إنّه مستحبّ إجماعاً إلّا من ابن حمزة حيث قال عند ذكر ما يتعلق بالجماعة: (فالواجب اربعة اشياء: نية الاقتداء و الوقوف خلفه أو عن أحد جانبيه و الإنصات لقراءته إذا سمع و متابعته في أفعال الصلاة). «الوسيلةالى نيل الفضيلة ص 106» فكان النهي دال على الكراهة لا محالة، لامتناع أن يكون الحكم الاستحبابي علّة لحكم إلزامي.

القرينة الثالثة: ان قوله تعالى ﴿"لعلّكم تُرحَمُون"﴾ مناسب للكراهة فانّ تعريض النفس للرحمة غير واجب، و إن وجب تعريضها للغفران و دفع العذاب.

و قد اجاب بعض اعلام المعاصرين عن الاول بما مضمونه:

(اولاً: أنّ الوجوب و الحرمة او الاستحباب و الكراهة ليست من مداليل صيغة الامر والنهي، بل مدلولهما مجرد طلب الفعل في صيغة الامر و طلب الترك في صيغة النهي، ثم العقل هو الذي يحكم بوجوب طاعة المولى، عندما طلب شيئا عن عبده. فان لم يقترن بالترخيص في الترك أو في الفعل انتزع منه الوجوب أو الحرمة بحكم العقل عملًا بوظيفة العبودية و خروجاً عن عهدة الطاعة، و إن اقترن بالترخيص في أحدهما انتزع منه الاستحباب أو الكراهة، من دون أن تكون الصيغة بنفسها مستعملة في شي‌ء من ذلك. و حيث قد ثبت الترخيص من الخارج بالإضافة إلى الأخيرتين، و لم يثبت في الأوّلتين التزمنا بالكراهة في الأوّل و بالحرمة في الثاني، من دون أن يستلزم ذلك تفكيكاً في ظاهر اللفظ كي يتنافى مع اتحاد السياق.

و ثانياً: سلّمنا استفادتهما من اللفظ و دلالة الصيغة بنفسها عليهما لكن الصحيحة تضمّنت حكمين لموضوعين في جملتين مستقلّتين، غاية الأمر أنّهما اجتمعا في كلام واحد، فأيّ مانع من إرادة الحرمة في إحداهما و الكراهة في الأُخرى بعد تغاير الجملتين موضوعاً و حكماً. و مجرّد الاجتماع في كلام واحد لا يستوجب الاتّحاد في الحكم. و حديث السياق لو سلّم فمورده ما إذا كان هناك حكم واحد لموضوعين في جملة واحدة مثل قوله: اغتسل للجمعة و الجنابة، كما لا يخفى.

و ثالثاً: لا نسلّم كون النهي عن القراءة تنزيهياً في الأخيرتين، بل الظاهر أنّه تحريمي، لعدم الدليل على جواز القراءة في الأخيرتين بالإضافة إلى المأموم في الصلوات الجهرية التي هي مورد الصحيحة. و عليه فلا مانع من الأخذ بظاهر النهي الوارد في الصحيحة في كلتا الفقرتين و الحكم بالحرمة في الأوّلتين و الأخيرتين معاً).[2]

أقول: ان ما اورده اولا كلام متين في المبنى فالنهي عن القراءة في كلا الموردين يدل على مجرد طلب الترك في كلا الموردين فيحمل المورد الاول على الحرمة بحكم العقل وفي المورد الثاني يعني في الاخيرتين يحمل على الكراهة لادلة الترخيص في اختار القراءة فيهما و لكن في هذه الصحيحة خصوصية زائدة وهي قوله عليه السلام في ذيل الحديث: "فالأخيرتان تبع للأوّلتين" والظاهر من التبعية هو التبعية في النهي عن القراءة فلا يمكن تفكيك الحكم بينهما. خصوصا عند ما نرى ان الاام ذكر الآية الكريمة لبيان الحكم في كلا الموردين. اذا عرفت هذا فيتضح الاشكال في ما ذكره تانيا على فرض استسلام القول بان النهي ظاهر في الحرمة فان قوله: (لكن الصحيحة تضمّنت حكمين لموضوعين في جملتين مستقلّتين،) غير تمام بملاحظة استدلال الامام لكلا الموردين بالآية الكريمة و تذييل كلامه بقوله: "فالأخيرتان تبع للأوّلتين"

نعم ما قاله رضوان الله عليه، ثالثاً: تام على فرض قبول مبناه في عدم كون المأموم مخيراً بين التسبيح والقراءة في الركعتين الاخيرتين و تعيّن اختيار التسبيح عليه في الاخيرتين من الجهرية فالامر موقوف على موضعنا في تلك المسألة. عند ما نتبحث عن التخيير بين التسبيح والحمد في الركعتين الاخيرتين وهذه الصحيحة ظاهرة في عدم جواز القراءة في الجهرية للمأموم مطلقاً.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo