< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم قراءة المأموم في الاولتين

قد فرغنا من البحث عن الفرع الاول من المسألة الاولى من احكام الجماعة التي ذكرها في العروة و هو قوله: (الأحوط ترك المأموم القراءة في الركعتين الأُوليين من الإخفاتيّة إذا كان فيهما مع الإمام، و إن كان الأقوى الجواز مع الكراهة)

و اليوم نريدان ندخل في الفرع الثاني وهو قوله: (و يستحبّ مع الترك أن يشتغل بالتسبيح و التحميد و الصلاة على محمّد و آله،)

استحباب التسبيح والتحميد والصلاة على محمد وآل محمد مضافا الى الادلة العامة التي تدل على استحبابها في كل حالٍ، توجد نصوص خاصة نطق لهذا الموضع واليك بعضها:

منها صحيحة الأزدي وهي ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ لِلْمَرْءِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْإِمَامِ- صَلَاةً لَا يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَيَقُومَ كَأَنَّهُ حِمَارٌ- قَالَ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَيَصْنَعُ مَا ذَا قَالَ يُسَبِّحُ.وَ‌رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ وَ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ جَمِيعاً عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ- إِنِّي لَأَكْرَهُ لِلْمُؤْمِنِ. وَ‌رَوَاهُ الْحِمْيَرِيُّ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ- لِلرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ‌"[1]

سند الصدوق الى بكر بن محمد صحيح اما بكر بن محمد فهو، على ما قال فيه النجاشي: (بكربن محمد الأزدي ابن عبد الرحمن بن نعيم الغامدي ابومحمد وجه في هذه الطائفة من بيت جليل بالكوفة –الى ان قال: وكان ثقة و عمر عمرا طويلا) فالسند صحيح مضافا الى روايتها الشيخ و الحميري وسند كلاهما ايضا سند صحيح. واما الدلالة ففيها عقدين في صدرها عقد سلبي يفيد كراهة السكوت و في ذيلها عقد ايجابي يفيد استحباب التسبيح فهي ظاهرة في كراهة السكوت و استحباب التسبيح.

منها: صحيحة علي بن جعفر واليك نصها: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ يُصَلِّي خَلْفَ إِمَامٍ- يَقْتَدِي بِهِ فِي الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ- يَقْرَأُ قَالَ لَا وَ لَكِنْ يُسَبِّحُ وَ يَحْمَدُ رَبَّهُ- وَ يُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ ص.وَ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ فِي كِتَابِهِ مِثْلَهُ.[2]

لهذه الرواية سندان في السند الاول يروي الحميري عن عبد الله بن حسن وهو المعروف بعبد الله المحض ابن الحسن ابن الامام الحسن عليه السلام وامه فاطمة بنت الحسين عليه السلام و كان يشبه رسول الله صلى الله عليه واله وكان شيخ بني هاشم في زمانه و كان يتولى صدقات امير المؤمنين عليه السلام بعد ابيه الحسن. ولكن بما لم يرد له عنوان "ثقة" يعتبرون رواياته حسنة. بينما الم يكف كونه حفيد امامين؟ وهو يشبه رسول الله صلى الله عليه واله؟ وهذا التشبيه لم يصدر الا لعظمة احس بها القائل فيه، وكونه شيخ بني هاشم؟ و متوليا لصدقات جده؟ أ فقيمة هذه الاوصاف لا يعادل مفردة ثقة؟ لكن لهذا الحديث سند أخر وهو رواية صاحب الوسائل عن كتاب علي بن جعفر مباشرة و سنده الى كتاب علي بن جعفر صحيح. فعلى كل حال الرواية صحيحة. واما الدلالة فالامام بعد ما نهى عن القراءة قال له يسبح و يحمد ربه فهذا صريح في استحباب الذكر.

ومنها: صحيحة ابي خديجة: واليك نصها: وَ بِإِسْنَادِهِ –اي اسناد الشيخ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْهَاشِمِ عَنْ سَالِمٍ أَبِي خَدِيجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا كُنْتَ إِمَامَ قَوْمٍ- فَعَلَيْكَ أَنْ تَقْرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ- وَ عَلَى الَّذِينَ خَلْفَكَ أَنْ يَقُولُوا- سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ- وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ- وَ هُمْ قِيَامٌ فَإِذَا كَانَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ- فَعَلَى الَّذِينَ خَلْفَكَ أَنْ يَقْرَءُوا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ- وَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُسَبِّحَ مِثْلَ مَا يُسَبِّحُ الْقَوْمُ- فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ".[3]

في سنده عبد الرحمن بن ابي هاشم قال فيه النجاشي: البجلي ابو محمد جليل من اصحابنا ثقة ثقة) و في السند ابي خديجة: وهو سالم بن مكرم قال الشيخ في الفهرست: (سالم بن مكرم ابو خديجة و مكرم يكنى ابا سلمة ضعيف) و قال النجاشي فيه: (سالم بن مكرم بن عبد الله أبو خديجة و يقال ابو سلمة الكناسي يقال صاحب الغنم مولى بني اسد الجمال يقال كنيته كانت أبا خديجة و ان ابا عبد الله عليه السلام كناه أبا سلمة ثقة ثقة)

و قد ذكر الكشي كذلك قصة تعويض الامام عليه السلام كنيته من ابي خديجة الى ابي سلمة والله اعلم بوجهه ولعله بما كان هو مع اصحاب ابي الخطاب الذي ادعى النبوة واجتمع معه جمع من الناس و اظهروا الاباحات وارسل اليهم منصور رجلا فقتل جميعهم الا ابي خديجة وانجرح ووقع بين القتلى فلما جنّهم الليل خرج و بعد ذلك تاب. هذا خلاصة ما قاله الكشي في ابي خديجة المكنى بابي سلمة ولعل تعويض الكنية كان لستر السوابق. وتوثيق النجاشي هو المحكم لان الشيخ وثقه في موضع آخر فيتساقطان ، فيبقى توثيق النجاشي بلا معارض مضافا الى خطا الشيخ في جعل ابا سلمة كنية لمكرم والد ابي خديجه بينما ابا سلمة هو ابو خديجه لا ابيه. فالسند صحيح واما الدلالة فقوله عليه السلام: "وَ عَلَى الَّذِينَ خَلْفَكَ أَنْ يَقُولُوا- سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ- وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ- وَ هُمْ قِيَامٌ" دال بالاطلاق للاخفاتية. فثبت استحباب الذكر مطلقا.

الفرع الثالث للمسألة الاولى من احكام الجماعة في العروة قوله:

(و أمّا في الأولتين من الجهريّة، فإن سمع صوت الإمام و لو همهمته وجب عليه ترك القراءة)،

هذه المسألة مورد الخلاف بين الفقهاء قال في الجواهر: (و أما أولتا الجهرية مع سماع المأموم القراءة فالإجماع محصلا أو منقولا مستفيضا حد الاستفاضة على عدم وجوب القراءة فيهما، بل في التذكرة «لا يستحب إجماعا» بل في الرياض «لا خلاف في أصل المرجوحية على الظاهر المصرح به في كلام جماعة كالتنقيح و الروض و الروضة» إلى آخره، بل في ظاهر المبسوط أو صريحه و المقنع و الفقيه و النهاية و الغنية و الوسيلة و المختلف و التحرير و التبصرة و كشف الرموز و المدارك و الذخيرة و المحكي عن السيد و القاضي و أبي الصلاح و واسطة ابن حمزة و غيرها حرمة القراءة، و هو مع موافقته للاحتياط قوي جدا)،[4]

وقال السيد الخوئي: (لا إشكال كما لا خلاف من أحد في مرجوحيّة القراءة حينئذ، و لعلّ المشهور أو الأشهر جوازها مع الكراهة. و ذهب جمع من الأصحاب من القدماء و المتأخّرين إلى الحرمة).[5]

اما ادلة الحرمة فنطل عليها في الجلسة الآتية ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo