< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/06/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم قراءة المأموم في صلوات الاخفاتية

وصل بحثنا قي اليوم الماضي في ذكر ادلة القائلين بجواز القراءة للماموم على كراهة بعد اتفاقهم على سقوط الوجوب و جواز القناعة بقراءة الامام في صلوات الاخفاتية كما عليه المصنف و المحقق وصاحب الجواهر و كثير من الاعلام.

و ذكرنا بهذا الصدد صحيحة علي بن يقطين و ناقشنا في دلالتها على مرادهم بان موضوعها في وظيفة الامام في الركعتين الاخيرتن فما ابعدها مما نحن فيه! ثم تعرضنا لصحيحة سليمان بن خالد التي دلالتها على عدم الجواز اقوى من دلالتها على الجواز، ببيان لا نكرره ثم تطرقنا الى خبر المرافقي والبصري وانما ناقشتاها في سندها.

ومما استند اليها صاحب الجواهر روايتين رواها عن ابن ادريس حيث قال: (و ما في السرائر عن المرتضى أنه ‌روي أنه بالخيار فيما خافت فيه‌ أي إن شاء قرأ و إن شاء لا"، ومنها ما في السرائر و فيها أنه لا يقرأ فيما جهر فيه الامام، و يلزمه القراءة فيما خافت فيه الامام")[1]

هذا الكلام ظاهر في نقل مضمون الرواية وقد ورد في المستدرك كلام المرتضى بتمامه واليك نص المذكور: (السَّيِّدُ الْمُرْتَضَى فِي كِتَابِ جُمَلِ الْعِلْمِ،" وَ لَا يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ خَلْفَ‌ الْإِمَامِ الْمَوْثُوقِ بِهِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ مِنْ ذَوَاتِ الْجَهْرِ وَ الْإِخْفَاتِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةَ جَهْرٍ لَمْ يَسْمَعِ الْمَأْمُومُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ فَيَقْرَأُ لِنَفْسِهِ وَ هَذِهِ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ‌" وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ وَ يَلْزَمُهُ الْقِرَاءَةُ فِيمَا خَافَتَ فِيهِ الْإِمَامُ‌ وَ رُوِيَ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيمَا خَافَتَ فَأَمَّا الْآخِرَتَانِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقْرَأَ الْمَأْمُومُ أَوْ يُسَبِّحَ فِيهِمَا‌ وَ رُوِيَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ)[2] فنرى ان السيد المرتضى هو يختار رأيه بعدم جواز القراءة ثم يذكر هاتين الروايتين بصيغة المجهول الظاهرة في عدم الاعتماد بها.

ان صاحب الجواهر بعد ما حمل روايات الناهية عل التنزيه يدفع دخلا مقدراً و هو انّ الجمع بين الناهية والمجوزة بحمل الناهية على الكراهة ولكن هذا اذا كان الناهية ظاهر في التحريم ولكن اذا كانت نصا في التحريم فيقع التعارض ولذلك بعد ما يصرح برأيه في المسألة وقال: (فظهر حينئذ من ذلك كله أن القول بالكراهة هو الأقوى في المقام) يقول: (و لا ينافيه ما‌في بعضها «من أن من قرأ خلف إمام يأتم به بعث على غير الفطرة»‌ لورود أعظم من ذلك كاللعن و نحوه في المكروهات حتى ورد في تفريق الشعر أن «من لم يفرق شعره فرقه اللّٰه بمنشار من النار» ‌إلا أن الاحتياط بترك القراءة لا ينبغي تركه لقوة احتمال الحرمة).[3]

اقول: هذا البيان منه غير مقنع بل هو توسعة المشكلة وليس حلا لها و هذا الحديث رواه زرارة ومحمد بن مسلم وكل رجاله من الاجلاء فلا يمكن ان نستهين به واما رواية المنشار هي رواية مرسلة واليك نصها: "مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ ع مَنِ اتَّخَذَ شَعْراً وَ لَمْ يَفْرُقْهُ فَرَقَهُ اللَّهُ بِمِنْشَارٍ مِنْ نَارٍ- قَالَ وَ كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَفْرَةً لَمْ يَبْلُغِ الْفَرْقَ".[4]

و يظهر من الروايات التي تليها ان ايجاد الفرق انما يكون عند اطالة الشعر بان يتجاوز عن شحمة الاُذن ورسول الله ما كان يضع الفرق الا مرة واحدة حيث ترك شعره المبارك بما يتجاوز عن شحمة الاذن بانتظار ان يحلق شعره بعد الحج للخروج عن الاحرام. فعلى فرض صدورها عن المعصوم يمكن هذا التهديد جاء لسبب ان من لم يجعل له فرق في شعره الكثير يقع الاشكال في وضوئه فهو اذاً تارك الصلاة، نظيره ما ورد فيما روي عن رسول الله قال ويل للاعقاب وهذا حديث عامي ذكره كثير من فقهائنا في مبحث مسح الرجلين و في بعض نسخها ويل للاعقاب من البول فحملوا الفقهاء سر تهديد رسول الله هو عدم احترازهم عن النجاسة. ومنهم الفيض في الوافي قال: أما ما رووه عن النبي ص أنه حين رأى أصحابه يمسحون على أرجلهم فنادى بأعلى صوته ويل للأعقاب من النار فبعد تسليم صحتها لعله أمر بغسل الأعقاب لنجاستها فإن أعراب الحجاز ليبس هوائهم و مشيهم في الأغلب حفاة كانت أعقابهم تنشق كثيرا هو الآن مشاهد لمن خالطهم و كانت قلما تخلو عن نجاسة الدم و قد اشتهر أنهم كانوا يبولون عليها و يزعمون أن البول علاج تشققها)[5]

وخلاصة البحث أنّ روايات الدالة على الحرمة كانت على ثلاثة اقسام:

قسم منها: ما كان ظاهرا في حرمة القراءة في مطلق الجماعة، فأدلة التي تدل على الجواز في الجهرية اذا لم يسمع صوت الامام ولو همهمة، تستثنى من الروايات المانعة، كما سوف يأتي البحث عنها.

وقسم منها: ورد في خصوص الصلوات الاخفاتية و هي ظاهرة في الحرمة.

وقسم منها: كان نصا في الحرمة وهي صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم فلو كان هناك دليل تام على جواز القراءة كان مقتضى الصناعة حمل القسم الاول والثاني على التنزيه ولكن قسم الثالث آبية عن الحمل على التنزيه. و كما بينا لم نجد رواية تامة الدلالة على الجواز الا رواية المرافقي والبصري وهي ضعيفة جداً، لا يمكن ان تقاوم الصحاح الكثيرة الظاهرة في الحرمة ولا سيما الأخير النص في الحرمة.

ثم لا يخفى ما قلنا بحرمة القراءة انما هي القراءة بعنوان الجزء الوارد في الصلاة، ولكن اتيانها بنية قراءة القرأن او الذكر بما فيها من التحميد والثناء والدعاء فلا بأس بقراءتها. ومع ذالك الاولى ترك القراءة مطلقا في الاخفاتية فمن المحتمل نهوا عن القراءة لمخالفة بدعة التي شاعت في العامة كما في تحريم التكتف فان من البعيد جدا ان تكون حرمة التكتف في الصلاة لحزازة في نفسه بل بما انه كان حصيلة بدعة في الشريعة فحرموها لرفض تلك البدعة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo