< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/06/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجمعة /حكم القراءة ي صلوات الاخفاتية للمأموم

كان بحثنا حول الفرع الاول من المسألة 1 من احكام الجماعة حيث جاء فيها عن السيد اليزدي رضوان الله عليه: (‌الأحوط ترك المأموم القراءة في الركعتين الأُوليين من الإخفاتيّة إذا كان فيهما مع الإمام، وإن كان الأقوى الجواز مع الكراهة).

و قد ذكرنا احدى عشرة رواية اكثرها صحاح والموثقات ثم دخلنا في ادلة القائلين بجواز القراءة للمأموم في الصلوات الاخفاتية عن كراهة فذكرنا:

صحيحة علي بن يقطين حيث ورد فيها: «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام أ يقرأ فيهما بالحمد و هو إمام يقتدى به؟ فقال: إن قرأت فلا بأس و إن سكت فلا بأس»" [1] حيث خيّر الامام السائل بين القراءة والسكوت.

ويرد عليه: ان سؤال علي بن يقطين يتعلق بالركعتين الاخيرتين وهما الركعتان اللتان يصمت فيهما الامام كما ان سؤاله يعود الى وظيفة الامام و جواب الامام عنه: انت مخير بين قراءة الحمد والسكوت عنها باختيار التسبيح فلا علاقة لهذه الرواية لبيان خيار المأموم بين القراءة وتركها في الصلوات الاخفاتية ولو كان مراده الصلوات الإخفاتية، كان عليه ان يقول في الصلاة التي يصمت فيها الامام لا الركعتين التي يصمت فيهما الامام.

والعجب من مثل صاحب الجواهر كيف غفل عن مورد الصحيحة وجعلها دليلا على جواز قراءة المأموم خلف الامام فانه بعد ذكر الروايات الدالة على عدم الجواز قال: (لكن جملة أخرى منها ظاهرة في الجواز و الكراهة،) واول رواية استدل بها هذه الصحيحة وقال بعد ذكرها: (إذ من الواضح إرادة الإخفات من الصمت كما فهمه غير واحد من الأصحاب)[2] فالصحيحة اولاً تتحدث عن الركعتين الاخيرتين، وثانياً تتحدث عن وظيفة الامام، فلا علاقة لها بالركعتين الاوليين من الاخفاتية للمأموم.

ومنها: صحيحة سليمان بن خالد: «قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): أ يقرأ الرجل في الأولى و العصر خلف الامام و هو لا يعلم أنه يقرأ، فقال: لا ينبغي له أن يقرأ، يكله إلى الامام»‌[3]

استدل بها في الجواهر بقوله: (لإشعار لفظ «لا ينبغي» بذلك، خصوصا بعد الانجبار بالشهرة و الاعتضاد بما تقدم.)[4] واراد بذلك انّ مفردة "لا ينبغي" تستعمل في موارد التي يكون النهي فيها تنزيهياً.

ورد عليه السيد الخوئي ببيان شافي واليك نصه: (مبنى الاستدلال على ظهور كلمة «لا ينبغي» في الكراهة، و هو في حيّز المنع، فانّ لفظ «ينبغي» و إن كان ظاهراً في الرجحان و الاستحباب لكن كلمة «لا ينبغي» غير ظاهرة في الكراهة، فإنّها و إن كانت كذلك في الاصطلاح الحادث بين المتأخّرين لكنّها في لسان الأخبار ظاهرة فيما هي عليه من المعنى‌ اللغوي، أي لا يتيسّر و لا يجوز، المساوق للمنع و عدم الإمكان، و منه قوله تعالى: ﴿"لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهٰا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ"﴾ أي يمتنع و لا يتيسّر لها ذلك. و عليه فالصحيحة ظاهرة في التحريم، و ملحقة بالروايات السابقة الدالّة على المنع، لا أنّها معارضة لها.و مع التنزّل فلا أقلّ من عدم ظهورها في الكراهة، بل في الجامع بينها و بين الحرمة، و حيث لا قرينة في المقام على التعيين فيحكم عليها بالإجمال، فتسقط عن الاستدلال).[5]

اقول حتى اذا كان معناه الأعم، فهو يفيد معنى النهي فكما ان النهي اعم من الحرمة والكراهة ولكن العقل يحكم بوجوب ترك العبد لما نهاه المولى، الّا اذا وجد مرخصاً للفعل، كما ان حكم الامر كذلك بعكس النهي. والانصاف هذه الصحيحة ادلّ على حرمة القراءة منها على الجواز.

بل نقول: انّ "ينبغي" ايضا ليس للاستحباب بل هو من البُغية وهي الطلب قال تعالى: ﴿"ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله"﴾ وفي الحجاز يستعمل بهذا المعنى فيقولون اش تبغى؟ اي ماذا تريد، فكما ان الامر مفيد للطلب والعقل يحكم بوجوب اتيان مطلوب المولى الا اذا وجد مرخصاً فينبغي يفيد طلب الفعل كما لا ينبغي يفيد طلب الترك وكلاهما اذا صدر من المولى يجب امتثاله. فصحيحة سليمان بن خالد تفيد وجوب ترك القراءة لا استحبابها.

ومنها خبر المرافقي والبصري الذي ذكرناه في اليوم الماضي: حيث ورد فيها: عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ- فَقَالَ إِذَا كُنْتَ خَلْفَ الْإِمَامِ تَوَلَّاهُ وَ تَثِقُ بِهِ- فَإِنَّهُ يُجْزِيكَ قِرَاءَتُهُ- وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَقْرَأَ فَاقْرَأْ فِيمَا تَخَافَتَ فِيهِ- فَإِذَا جَهَرَ فَأَنْصِتْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[6] فهي صريحة في جواز القراءة.

ولكن يرد عليه بضعف السند ضعفا شديداً وقول صاحب الجواهر (المنجبر ضعف سنده بالشهرة المحكية أو المحصلة)، لا يمكن قبوله ما دام هناك ادلة اخرى للمجوزين ومن التمسك بها يحمل تمسكه على نحو التأييد والتاكيد لا لانهم وثقوا به. ونتابع بحثنا غدا ان شاء الله

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo