< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/20/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /الجماعة الاستدارية حول الكعبة

قد ذكرنا آراء بعض الفقهاء حول الصلاة مستديرا في مسجد الحرام و كذلك اشرنا الى بعض الاقوال حول اقامة صلاة الجماعة في الكعبة واليوم نريد ان نستخلص ما استفدنا من الادلة حول هذا الموضوع، فأقول:

اما البحث حول الجماعة في جوف الكعبة وكيفيتها فبما ان جواز الفريضة في الكعبة مورد الخلاف وافتى كثير من الفقهاء بعدم جوازها وبعضهم افتوا بالكراهة ومن ناحية اخرى هناك روايات ناهية عن اتيان الفريضه في جوف الكعبة و من اراد الرجوع اليها فليراجع: (المجلدالرابع من وسائل الشيعة الباب 17 من ابواب القبلة ص 336-337) فعلى فرض عدم الجواز فلا يبقى مورد للبحث عن الجماعة فيها و على فرض جواز اتيان الفريضة في الكعبة، اتيانها جماعة لم يرد عن احد من المعصومين عليهم السلام قول ولا فعل يدل على الجواز بل لم يرد عن غيرهم ايضا ان اتى بالفريضة في الكعبة جماعة فلا نطيل الكلام حولها.

اما الجماعة في مسجد الحرام فنقول:

اولاً: ما استدل به العلامة على بطلان الصلاة حول الكعبة استدارة بان المأموم يجب ان يكون اما خلف الامام او أحد جانبيه، قابل للنقاش لأنه يكفي كون المأموم خلف مأموم متصل بالإمام او في أحد جانبيه وليس حصرا بالإمام ففي صلوات الجماعة عند ما يطول الصف يقف مأموم خلف مأموم هو في منتهى الصف، او في أحد جانبيه. وفي الصلاة مستديرا هذا المعنى حاصل فمن هو في سائر جوانب الكعبة يكون في جنب من هو متصل بالأمام او خلفه.

وثانياً وهو العمدة: نحن نقر ونعترف بانه يشترط في صحة الجماعة عدم تقدم المأموم على الامام وهذا معترف به عند الفريقين الا في موارد نادرة فلا نتنازل عن لزوم رعايته في المسجد الحرام ايضاً ونصرف الكلام الى معنى التقدم والتأخر؟

اعلم انّ التقدّم والتأخّر من المقولات إضافية أي: لا معنى لها الا بوجود المضاف اليه و قد يطلق عليها المقولات النسبية فلا يتحقق الا بوجود المنتسب اليه و في قضية الصلاة المقيس عليه في القرب والبعد هو الكعبة المشرفة، فنحن أينما كنا عند ما نقول لابد للإمام ان يكون مقدما على المأمومين معناه ان يكون اقرب الى الكعبة المشرفة من المأمومين وهذا امر لابد من مراعاتها سواء في مسجد الحرام او في غيره من البلاد النائية عن المكة المكرمة،

ولتوضيح المطلب نقول مثلاً: اذا اجتمع الناس حول شخص وكل واحد منهم يحرص على ان يتقدم اليه فالذي وصل الى ما لم يكن بينه وبين هذا الشخص الا نفر واحد يقول للذي لم يستطع ان يصل الا بفاصل خمسة افراد ولو من جهة أخرى يقول: انا كنت اقرب واقدم منك، كما ان في الجالسين حول المنبر، الذي جلس قريب من المنبر يقول للذي كان بعيداً عن المنبر: انا كنت اقدم منك ولو من جهة أخرى، فالتقدم والتأخر صادق بالنسبة الى ذلك الشيء ولو من جانب المقابل، فالجماعة التي يصلون خلف امام في مسجد الحرام يقاس تقدمهم وتأخرهم عن الامام بالنسبة الى الكعبة، فخلاصة القول: أن الميزان هو القرب والبعد الى الكعبة لا الدائرة الفرضية ولا النقطة الفرضية في وسط الكعبة، فاذا قام الامام بعيدا عن الكعبة بمقدار قامة فقيام المأمومين بفصل أكثر من القامة يكفي في صحة جماعتهم. وما دام عندنا اطلاقات صلاة الجماعة من ناحية والاطلاقات التي تدل على عدم جواز تقدم المأموم على الامام لا تشمل الصلاة الاستدارية في مسجد الحرام تخصصا بحسب البيان الذي قدمناه، فلا يبقى وجه للشك في الصحة الجماعة حول الكعبة حتى نتوصل الى الأصل لإثبات البطلان او نتمسك بالبراءة لإثبات الصحة، فجواز الجماعة حول الكعبة مستديرا ثابت لا شك فيها ورعاية الدائرة لا وجه لها وانما الميزان هو القرب والبعد من الكعبة المشرفة، والصفوف قرب الكعبة ليست دائرية بل هي بمحاذات جدار الكعبة مستطيلة و كلما تزداد الصفوف تزداد حالة الدائرة فيها لتوسعة محاذاة الزوايا بازدياد البعد عن الكعبة. بخلاف الاضلاع فطول الصفوف مساو للاضلع في جميع الصفوف.

ثم مضافا على مقتضى صناعة الفقه حيث توافق على صحة الجماعة حول الكعبة، ان التاريخ ايضا مفيد لهذا المعنى فان في زمن رسول الله في ايام الحج قد بلغ عدد الحجاج الى عشرات من الالاف حتى في حجة الوداع قدّروا عدد الحجاج بمأة و عشرين الف حاجاَ و مسجد الحرام كان صغيرا بحيث لم يكن مقابل ضلع من الكعبة يسع لهذا العدد ولم يذكر تكرار الجماعة في موعد واحد. ومن ناحية ثالثة ان الاسلام جاء لكل الاعصار وكان الله عالما بازدياد عدد الحجاج و شرّع الصلاة في مسجد الحرام بل هناك تحريضات على الصلاة فيها، فعن رسول الله صلى الله عليه واله "الصلاة في مسجدي هذا تعدل الف صلاة في سائر المساجد" والصلاة في مسجد الحرام تعدل الف صلاة في مسجدي" فلو كانت الجماعة محصورة في ضلع واحد لم يكن كافيا الا لقسط قليل من الزوار، ومن كل ذلك نعرف ان الله لم يمنع من الجماعة في مسجد الحرام حول الكعبة استدارة.

فنحن وافقنا السيد ومن على رأيه في القول بصحة الجماعة مستديرا حول الكعبة ولزوم رعاية الفاصلة بين الامام والكعبة في عدم تقدم المأمومين عنها، ولكن لا حاجة الى الاحتياط في عدم التقدم بحسب الدائرة ولا بحسب النقطة الفرضية في وسط الكعبة فان الكعبة قبلة بتمامها. فتأمل جيداً.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo