< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/06/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم الجماعة حول الكعبة المشرفة

قال المصنف رضوان الله عليه: (مسألة 25): يجوز (1) على الأقوى (2) الجماعة بالاستدارة حول الكعبة، و الأحوط عدم تقدّم المأموم على الإمام بحسب الدائرة،و أحوط منه عدم أقربيّته مع ذلك إلى الكعبة و أحوط (3) من ذلك تقدّم الإمام بحسب الدائرة و أقربيّته مع ذلك إلى الكعبة).

تعلیقات:

(1) قال السيد البروجردي: (محلّ تأمّل). وقال الامام الخمینی: (لا يخلو من إشكال).

(2) قال السيد الخوئي: (في القوّة إشكال بل منع) وقال السيد الفيروزابادي: (الأحوط تركه).

(3) قال الشيخ آقا ضياء و الشيخ الحائري والسادة الكلبايكاني والحكيم، والخوانساري: (لا يترك هذا الاحتياط).

من المعلقين فوقها الآيات الاربعة الاولى لم يستسلموا لجواز الجماعة بالاستدارة و الخمسة الآخرين رؤوا جواز الاستدارة و الاحتياط الوجوبي في تقدم الامام و كذا اقربيته الى الكعبة.

ففي هذه المسألة لابد من البحث اولاً في اصل الجواز ثم البحث في كيفية اقامتها استدارة.

ذهب الى الجواز جمع من المتقدمين والمتاخرين: قال في المستمسك: (كما عن الإسكافي و الشهيدين و المحقق الثاني و شيخه ابن هلال و غيرهم. و عن الذكرى: الإجماع عليه عملا في الأعصار السابقة)[1] وقال السيد الخوئي: (كما ذهب إليه جماعة، بل حكي عليه الإجماع. و ذهب جمع آخرون إلى المنع، و لعلّه المشهور، و هو الأقوى)[2]

ولكني ما وجدت في الذكرى تعرضا لهذه المسألة وانما وجدت في الدروس في شرائط الجماعة قوله: (و ثالثها: أن لا يتقدّم المأموم على الإمام بعقبة،و لا عبرة بمسجده، إلّا في المستديرين حول الكعبة بحيث لا يكون المأموم أقرب)[3] .

وذهب الى عدم الجواز جمع من الفقهاء منهم العلامة في المنتهى والمختلف و التذكرة و العاملي في المدارك و السبزواري في ذخيرة المعاد وغيرهم من الفقهاء سوف نذكر بعض النصوص من كلامهم.

فنحن اولاً نبحث في اصل الجواز فنبدء بادلة المخالفين: وقد استلوا على عدم جوازها بوجوه:

الوجه الاول:بماان النصوص الشرعية خالية عن ذكرهذا الحكم اثباتا ونفيا ونشك في مشروعيتها فالاصل عدم مشروعيتها لانه من العبادات التوقيفية فلابد من الدليل لمشروعية ما نشك فيه.

الوجه الثاني: ما دل على اعتبار تقدم الإمام أو عدم تأخره، فإن ظاهره التقدم في الجهة، و هو غير حاصل في الفرض.. وبعبارة اخرى: مقتضى الإطلاقات الدالّة على لزوم تأخّر المأموم عن الإمام و لا أقلّ من التساوي، لا قصور لها في شمولها للمقام و من الواضح أنّ الجماعة استدارة تستوجب تقدّم المأموم على الإمام، بل وقوفه قباله و قدّامه عند استكمال الدائرة، فلم يقف خلفه و لا بحذائه الذي هو الشرط في الصحّة، و لأجله يحكم بالبطلان.

الوجه الثالث: ظاهرالنصوص الشرعية على لزوم تقدم الامام او مساواته للماموم، التقدم بلحاظ الجهة وحملها على إرادة التقدم بلحاظ الكعبة الشريفة، أو الدائرة المفروض حولها- التي يكون مركزها وسط الكعبة- خلاف الظاهر.

الوجه الرابع: جعل الكعبة او الدائرة المفروضة التي وسط الكعبة محورها جهة الصلاة يستلزم القول بعدم مشروعية الجماعة داخل الكعبة، لامتناع فرض التقدم و عدمه حينئذ بل يستلزم جواز وقوف الامام متجها الى المأموم والمأموم متجها الى الامام وهو مما لا يمكن الالتزام به.

الخامس : توهّم قيام السيرة العملية الممضاة عند اهل البيت عليهم السلام وعدم ردعهم عنها التي هي مستند القول بالجواز. لا يمكن الاعتماد عليه: لأنّ مثل هذه السيرة لا أثر لها، و لا تكاد تغني شيئاً، فإنّ المباشر لها هم أبناء العامّة فقط، إذ لم نجد و لم نسمع تصدّي الخاصّة لذلك في دور من‌ الأدوار لا قديماً و لا حديثاً حتّى في عهد المعصومين عليهم السلام، وحتى في زمن امير المؤمنين عليه السلام حيث هو كان مضطرا بالبناء على ما بنوا عليه الخلفاء السابقة في كثير من الامور ولم يكن هؤلاء الذن بايعوه على الخلافة مستسلما له بل كانوا يعتبرونه رابع الثلاثة. و لم ينقل عنهم و لا عن شيعتهم إقامة الجماعة حول الكعبة مستديرة فضلًا عن استقرار سيرتهم عليها. فهي مختصة بأهل الخلاف فحسب. و عدم الردع بمجرّده لا ينفع ما لم يكشف عن الرضا، فإنّ العبرة بالإمضاء المستكشف من عدم الردع،. و من الجائز ايضاً أن يكون عدمه مبنياً على التقيّة كما هو المعلوم من حالهم في تلك الأعصار اتّجاه حكام الجور، فلا يكشف عن الرضا. ولا يقاس هذه المسألة بغيرها مما ردعوا عنها لانها كانت محلّ الابتلاء كمسح مقدم الرأس وظهر القدمين للوضوء، والامر بذكر حي على خير العمل في الاذان و عدم التكتف في الصلاة. إذ لو لم يردعوا عن تلك الموارد لتوهّم المؤمنون الإمضاء لها فكان يصلّى الشيعي في داره على تلك الامور الباطلة والمبطلة للصلاة مثلًا، و هذا بخلاف المقام، لما عرفت من أنّ إقامة الجماعة حول الكعبة تختصّ بهم، و ليست مورداً لابتلاء الخاصّة. و أمّا اقتداؤهم بهم أحياناً في المسجد الحرام فهو أيضاً مبني على التقيّة.

فلم تثبت في المقام سيرة يعتمد عليها بحيث تصلح لرفع اليد عمّا تقتضيه المطلقات من لزوم تقدّم الإمام على المأموم أو تساويه، فما لم يثبت الجواز اما نتمسك باطلاقات لزوم تقدم الامام والا نتمسك باصالة عدم مشروعية ما نشك فيه.

واما الاجماع المنسوب الى الذكرى لو كان، ينقضها ما في القواعد و المنتهى: من المنع و وما من الإستشكال فيها في نهاية الأحكام و المدارك و ذخيرة العباد، ونتابع البحث في الايام القادمة ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo