< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم حيلولة الصف الثاني للصف الثالث

(مسألة 21: إذا علم بطلان صلاة الصفّ المتقدّم تبطل جماعة المتأخّر من جهة الفصل أو الحيلولة، و إن كانوا غير ملتفتين للبطلان، نعم مع الجهل بحالهم تحمل على الصحّة، و لا يضرّ كما لا يضرّ فصلهم إذا كانت صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم و إن كانت باطلة‌ بحسب تقليد الصفّ المتأخّر)

قلنا ان هذه المسألة تشتمل على فروع ثلاثة: أحدها: صورة العلم ببطلان صلاة الصف المتقدم علما وجدانياً، ثانيها: صورة الجهل بحالهم من حيث الصحة والفساد، ثالثها: صورة ما اذا صلاتهم باطلة بحسب اجتهاد او تقليد الصف المتاخر و صحيحة بحسب الاجتهاد او تقليد صف المتقدم.

ففي الصورة الاولى جماعتهم باطلة للبعد عن الامام و لكن قلنا صدق السترة او الجدار للانسان بعيدجداً، مضافا الى ان على الاغلب الصف الامامي مشهود من خلال صف الوسيط

و في صورة الجهل بحالهم فاصالة صحة عمل الغير تكفينا لصحة جماعتنا.

وانما الخلاف في الفرع الثالث من انه هل الميزان صحة صلاتهم عند انفسهم او صحة صلاتهم عند من في الصف الثالث فذهب السيد ومن مال ميله الى ان الميزان في صحة جماعة الصف الثالث، صحة صلاة الصف الثاني عند انفسهم، وجمع من الفقهاء جعلوا الميزان صحة صلاة الصف الثاني عند من في الصف الثالث كما رأينا في التعليقات التي ذكرناها في الجلسة الماضية.

ودليلهم على هذا القول: ان مؤدى الاجتهاد او فتوى المرجع لمقلديه علم تعبدي وهو ولو ليس علما ولكن احكام العلم يترتب عليه فهو يلحق بالفرع الاولى من بطلان جماعة الصف الثالث اذا علموا ببطلان صف الثاني.

ولكن من يقول بمقالة السيد يستدل على رأيه ونذكر دليلهم ببيان السيد الخوئي رضوان الله عليه:

قال: (أوّلًا: لقصور المقتضي في دليل المنع و انصرافه عن مثل المقام، فلا بعدَ مع صحّة الصلاة بنظر المصلّي و كون المجموع جماعة واحدة متّصلة بعضها ببعض، فليس ذلك من الفصل بغير المصلّي. كما أنّه لا يعدّ من الحائل بعد كونها صلاة صحيحة و لو بنظره كما لا يخفى. فاطلاقات الجماعة غير قاصرة الشمول للمقام، و مع التنزل فتكفينا أصالة البراءة عن التقيّد بالعدم، التي مرّ تقريرها غير مرّة في نظائر المقام.

ثانياً: للسيرة القطعية القائمة على الجواز بمجرّد احتمال الصحّة الواقعية، المتّصلة بزمن المعصومين (عليهم السلام)، بل قد كانت الجماعات تنعقد خلف مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) مع القطع ببطلان صلاة الكثير منهم لفقدهم شرط الولاية الدخيل في الصحّة قطعاً، بل هي من أعظم الشرائط. مضافاً إلى عدم رعايتهم للأجزاء و الشرائط و الموانع المقرّرة عند الخاصّة، لتلقّيهم الأحكام عن أسلافهم من خلفاء الجور و متابعتهم لهم، و مع ذلك كان تابعوه (عليه السلام) من الخاصّة يصلّون بصلاتهم، و لم يعهد عن أحدهم تقيّده باشغال الصفوف المتقدّمة كما لا يخفى. فيعلم من ذلك أنّ مجرّد صحّة الصلاة بنظر الصفّ المتقدّم كافٍ في صحّة قدوة المتأخّرين و إن كانت باطلة بنظرهم)[1] .

ويلاحظ في كلامه رضوان الله عليه اولاً بان قول بانصراف الادلة من هذه الموارد يشمل ما اذا كان المصلي في الصف الثالث متيقنا ببطلان الصف المقدم عليه لانه قد يحصل العلم بالواقع من خلال الاجتهاد. ثانياً: ان في السيرة اتي تستدلون بها تشمل ما اذا كان قاطعا ببطلان صلاة الصف المقدم ايضا فكيف حكمتم في الفرع الاول من هذه المسألة ببطلان الجماعة في الصف الثالث. ثالثاً: في عصر امير المؤمنين لم يثبت آراء مخالفة لما عليه امير المؤمنين عليه السلام الا في موارد خاصة كالجماعة في صلاة التراويح، مضافا الى انه لم يكن هناك تمايز ظاهر بين السنة والشيعة بل كان الناس في الايمان والطاعة لاميرالمؤمنين على مستويات مختلفة، رابعاً: كان كثير من ما يمشي عليه امير المؤمنين عليه السلام من باب التقية والاعتراف بالخلفاء السابقة عنه و كان يساعدهم و يدلهم على ما فيه التوفيق في ادارة امور المسلمين.

نعم يمكن القول بان سيرة المسلمين من بدو الاسلام الى يومنا ان يصلوا مع بعضهم ولو كانوا غير متفقين في المذهب الفقهي وما ورد من الصلاة خلف العامة للمدارات معهم يفيد جواز الصلاة خلف هؤلاء مع اختلافهم معنا في بعض تفاصيل الصلاة. وما قلتم ببطلان صلاة من لم يعترف بولاية ائمتنا عليهم السلام ليس من المسلمات والمسلم عدم قبول اعمالهم اذا لم يكونوا قاصرين، وقد افتوا فقهائنا بان العامي اذا اتى بصلواته على مذهبه صحيحا لا يجب عليه اعادتها بعد استبصاره وتشرفه الى مذهب اهل البيت عليهم السلام، و عليه ان يقضي ما صلاه خلاف فقههم، وفي هذا الامر خلاف في صلاتهم من انها كانت صحيحة غير مقبولة وبعد الاستبصار يقبل الله صلواتهم التي اتوبها صحيحا بحسب فتواهم ؟ او كانت صلواتهم باطلة و بعد الاستبصار يقبل الله عنهم صحيحاً؟

فالامر الذي يمكن القول به هو ان نقول: اذا كان صلاة صف الثاني مبتلا بخلل لو عرفوه لم يبادروا بالصلاة اي ليس البطلان ناشئ عن اختلاف الفتوى في حكم، بل كان لعدم علمهم بالموضوع، اي البطلان ناشيء عن شيئ لو كانوا يعرفونه لاقروا ببطلان صلاتهم و اذا اخبرناهم بعد صلاتهم لاعادوها. ففي مثل هذا المورد لايجوز للصف الثالت ان يدخل في الجماعة وهذا الامر ليس ببعيد كما اذا علم من في الصف الثالث ان من في الصف الثاني توضؤوا بماء النجس لانهم لم يدروا نجاسة الماء او هم كانوا على جنابة نسوها فدخلوا في الصلاة. فيصبح المورد من الفرع الاول الذي قلنا ببطلان جماعة الصف الثالث. وكذلك يجب ان نحمل كلام السيد في الفرع الاول الى علم الوجداني وفي الثالث الى علم التعبدي من خلال الاجتهاد او التقليد.فتأمل جيداً


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo