< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/05/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم الحائل التقديري في الجماعة

 

كان بحثنا في اليوم الماضي حول:(مسألة 14): إذا كان الحائل ممّا لا يمنع عن المشاهدة حال القيام، و لكن يمنع عنها حال الركوع أو حال الجلوس، و المفروض زواله حال الركوع أو الجلوس هل يجوز معه الدخول في الصلاة؟ فيه‌ وجهان، و الأحوط كونه مانعاً من الأوّل، و كذا العكس لصدق وجود الحائل بينه و بين الإمام).[1]

وقد ذكرنا بعض التعليقات من فقهائنا المعاصرين على هذه المسألة، والسبب في هذا الترديد والخلاف، هو الترديد في ان المانع عن صحة الجماعة في حكم الشارع هل هو المانع الفعلي عن المشاهدة، أو أن المأخوذ في حكم الشرع اعم من المانع الفعلي و المانع التقديري، فانّ في المفروض ان المصلي في جميع حالات الصلاة يشاهد الامام او من هو متصل من خلاله الى الامام،

ولكنه في حال القيام لو كان في الركوع او التشهد لم يكن متمكنا من رؤية الإمام وكذلك في حال الركوع هو يشاهد الامام ولكنه لو كان قائما لم يكن متمكنا من رؤية الامام و هكذا بالنسبة الى حال التشهد فهو في نفس الوقت بينه وبين الامام حائل تقديري.

وكما رأينا ان الماتن جعل الاحوط كونه مانعا من الاول فمعناه ان نعتبر المانع شامل للتقديري ايضاً و استدل على هذا الاحتياط بصدق وجود الحائل بينه وبين الامام، ولكن كما اشار اليه بعض المعلقين على فرص صدق الحائل لابد من الفتوى، لا مجرد الاحتياط.

نعم على فرض عدم ثبوت الصدق يمكن القول بالاحتياط تمسكا بقاعدة الاشتغال في ظرف الشك في إجزاء مثل هذه الجماعة عن الفريضة الواجبة. فلابد من الاحتياط بإتيان الصلاة فرادى او اختيار مكان ليس فيه مثل هذا المانع حتى يتيقن بصحة صلاته و براءة ذمته عن هذا التكليف.

ولكن انما يصل الدور الى الاشتغال اذا لم نقل بجواز جريان البراءة في المستحبات والا فاصالة البراءة ترفع المانعية من مثل الحائل المفروض او ترفع شرطية اتصال الكامل.

أقول: الذي يريحنا من هذه الترديدات هو كون التعبير في دليل المانعية، "السترة والجدار" والعنوان مشعر بالعلية، فنستكشف من عنوان السترة ان المدار في صحة الجماعة عدم وجود ساتر عن الرؤية ولو في بعض حالات الصلاة، فالمفروض في مسألتنا ان المصلي يشاهد الامام اوالمصلي الذي هو واسطة للاتصال في جميع احوال الصلاة فلا وجه للقول ببطلان الجماعة في مفروض المسألة كي نتمسك بالاشتغال او البراءة، ما دام النص يدلنا على المانع وهو الذي يستر عن المشاهدة، فما قاله السيد دليلا على عدم صحة الجماعة من قوله: (لصدق وجود الحائل بينه و بين الإمام). لا وجه له، لان عنوان الحائل لم يرد في الدليل الشرعي وانما الملاك في الحكم بالبطلان هو الاستتار وعدمه وفيما نحن فيه ليس للمصلي ساتر يمنعه عن الرؤية والمشاهدة فلا باس بوجود الحائل المفروض زواله في كل مرحلة من الصلاة.

اما السيد الخوئي فقد سلك طريقا خاصا به فقال: (قد عرفت أنّ المعتبر إنّما هو عدم الفصل بما لا يتخطّى و لو كان ذلك في بعض أحوال الصلاة و عليه فإن كان بينهما فاصل كذلك كان مانعاً و إن أمكنت المشاهدة في بعض الأحوال و أمّا إذا كان أصل وجود الفاصل بلحاظ الركوع أو السجود و المفروض أنّه يرتفع في تلك الحال فلا بأس به).[2]

توضيح كلامه: انه يرى ان الحائل انما يضر اذا كان ارتفاعه بمقدار لا يمكن العبور عنه بخطوة

فمادام الحائل يكون اقصر ولو حال عن الرؤية في حال الجلوس لا يضر بالصلاة ، واذا كان الارتفاع فوق ذلك فلا تصح الجماعة معه ولو تمكن من المشاهدة، وفي فرض المسألة بما ان الفاصل يكون بلحاظ الرؤية فلا مانع منه. توضيح كلامه يظهر مما قال في الموسوعة مجلد 17ص184 في ذيل هذه المسألة و كذلك ما قاله في ص 144في ذيل الشرط الاول من شروط صحة الجماعة.

ولكن نحن قلنا هناك ان ما ورد في صحيحة زرارة من قوله عليه السلام "لا يتخطى" فهو في مقام بيان البعد لا الحائل و ليس توضيحا للسترة والجدار بل السترة والجدار وردتا في مورد الجائل ولا يتخطى في مورد مقدار البعد فلتراجع الى بوحثنا عند الشرط الاول من شروط صحة الجماعة.

قال السيد الماتن رضوان عليه: (مسألة 15: إذا تمّت صلاة الصفّ المتقدّم و كانوا جالسين في مكانهم أشكل بالنسبة إلى الصفّ المتأخّر، لكونهم حينئذٍ حائلين غير مصلّين، نعم إذا قاموا بعد الإتمام بلا فصل و دخلوا مع الإمام في صلاة أُخرى لا يبعد (1) بقاء قدوة المتأخّرين).[3]

تعليقات:

(1) قال الشيخ آل ياسين: (فيه إشكال و الأحوط الانفراد). وقال السيدالخوانساري: (فيه تأمّل).[4] وقال السيد الگلپايگاني: (مشكل بل بعيد). و قال شيخ عبد الكريم الحائري: (المسألة محلّ إشكال فلا يترك الاحتياط بالعدول الى الانفراد)[5] وقال سيد عبد الهادي الشيرازي: (والأحوط نية الانفراد و كذا في المسألة (19).[6] وقال آقا ضياء: (فيه تأمّل للتشكيك في صدق الحيلولة في المقام). [7]

فكل المعلقين شككوا في صحة الجماعة لتحقق الحائل بين الصف المتاخر والمتقدم بالصف الخارج عن الصلاة ولو في دقائق قليلة، وانما آقا ضياء كلامه ظاهر في تاييد مقالة السيد و مطلع كلامه ظاهر في خلافه فمراده مشتبه بين القبول والرد والله اعلم بما كان في ضميره.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo