< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/05/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم الشاك في وجود الحائل

كان بحثنا في فرع الثالث من المسألة 13 حيث ورد فيه: (و أمّا لو شكّ في وجوده و عدمه مع عدم سبق العدم فالظاهر عدم جواز الدخول إلّا مع الاطمئنان بعدمه).

في هذا الفرع السيد الخوئي رضوان الله عليه حكم بجواز الدخول في الجماعة تمسكا بقاعدة البراءة وذكر لاثبات جواز اجراء البراءة عن المانعية امرين: تعرضنا للامر الاول في الامس و خلاصته: بما ان الجماعة عدل للفرادى في الواجب التخييري فلا ندري هذا العدل كما هو مشروط بعدم الحائل، ايضا مشروط بعدم احتمال الحائل او لا؟، وبما ان الاشتراط بهذا القيد يأتي بكلفة زائدة فقاعدة البراءة ترفع هذا التقيد لما هو حق من جريان البراءة في الاقل والاكثر الارتباطيين. واليوم نريد نتطرق الى الامر الثاني الذي ذكره رضوان الله عليه لتبرير جريان البراءة فيما نحن فيه فقال:

(الثاني: أنّ من المحرّر في الأُصول على ما حقّقناه عدم الفرق في الرجوع إلى البراءة عند الدوران بين الأقلّ و الأكثر الارتباطي: بين موارد الشبهات الحكمية و الموضوعية، فإنّ الأحكام مجعولة على سبيل القضايا الحقيقية المنحلّة إلى أحكام عديدة حسب تعدّد الموضوعات.فاذا شكّ في لباس أنّه من الحرير أم من غيره بشبهة موضوعية فكما تجري أصالة البراءة عن الحرمة النفسية فيجوز لبسه، كذلك تجري البراءة عن تقيّد الصلاة بعدم الوقوع في هذا المشكوك، إذ بعد ما عرفت من الانحلال، فتقيّد الصلاة بعدم الاقتران مع الأفراد المتيقّنة من الحرير معلوم، و أمّا التقييد بالعدم الذي تنتزع عنه المانعية بالإضافة إلى هذا الفرد المشكوك زائداً على الأفراد المعلومة فهو مشكوك من أوّل الأمر، فتجري البراءة عن هذا التقيّد على حدّ جريانها عن التكليف النفسي، فتجوز الصلاة فيه كما يجوز لبسه، و على ضوء هذا البيان تجري البراءة في المقام و إن كانت الشبهة موضوعية فإنّ عدل الواجب التخييري أعني الجماعة مقيّد بعدم الاشتمال على الحائل. و حيث إنّ هذا الحكم كغيره من سائر الأحكام انحلالي فينحلّ إلى تقيّدات عديدة حسب أفراد الحائل، فكلّ فرد علم بحيلولته نعلم بثبوت التقيّد بالإضافة إليه، و أمّا الفرد المشكوك فيشكّ في أصل التقيّد بالنسبة إليه و مقتضى ال[1] أصل البراءة عنه.).(موسوعة الامام الخوئي ج17ص172)

ويمكن النقاش في كلامه بامور:

اولاً: ان ما قاله سماحته من الرجوع الى البراءة ظاهر في فرض المسألة عند ما يكون الشك في صدق الحائل الذي هو موضوع الحكم على الشيء الموجود، بينما يكون كلام السيد الشك في وجود الحائل لا حائلية الموجود.

ثانياً: الذي هو مأخوذ في صحة صلاة الجماعة اتصال المأموم بالامام لا مانعية الحائل فالمشروط امر وجودي وليس امرا عدميا وما ورد من قوله عليه السلام: "إِنْ صَلَّى قَوْمٌ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ أَوْ‌ جِدَارٌ- فَلَيْسَ تِلْكَ لَهُمْ بِصَلَاةٍ" فبما انهما يقطعان الاتصال عند وجودهما ليس تلك لهم بصلاة اما العدم فليس كاسبا ولا مكتسباً.

ثالثاً: انّ جريان البراءة ليس موقوف على مبناه من كون الجماعة عدل للفرادى في الواجب التخييري. بل قد يتم على ما اخترناه من انّ النسبة بين الجماعة والفرادى نسبة الاقل والأكثر فالصلوات اليومية فرائض والجماعة سنة في جميعها، بناء على جريان البراءة في المستحبات ايضاً، كما بيناه في المباحث السابقة.

نعم ان قلنا بعدم جريان البراءة في المستحبات كما عليه كثير من الفقهاء فعند ذلك يكون المورد مجرى الاشتغال لاننا نعرف انه يجب علينا اتيان الفريضة بجميع اجزائها و شرائطها ومنها القراءة ومنها عدم زيادة في الاركان فعند ما نشك في وجود حائل في جماعتنا نشك في سقوط القراءة او نشك في صحة صلاتنا اذا رفعنا راسنا من الركوع فيها ثم عدنا الى الركوع تبعا للامام، فنعلم بايجاب القراءة و مبطلية الصلاة بازديار الركن الا في الجماعة الصحيحة فعند ما نشك في الاتصال الذي هو شرط لصحة الجماعة نشك في سقوط القراءة عنا و نشك في عدم ابطال الصلاة بازدياد الركن تبعا للامام فالاشتغال اليقيني يستدعي براءة يقينية، فلا يجوز ان نكتفي بهذه الصلاة التي نشك في صحتها لاحتمال وجود الحائل.

ولكن نحن نقول يجب على المصلي ان يحرز تحقق جميع شرائط صحة الصلاة و ارتفاع جميع موانعها اما بالعلم الوجداني واما بالعلم التعبدي، وفيما نحن فيه كلاهما مفقودان فلا يجوز لنا ان نبادر بصلاة الجماعة الا بعد احراز الاتصال بالامام. فان علمنا بوجود الاتصال سابقا فيمكن استصحاب بقاء الاتصال او فقل ان علمنا بعدم الحائل سابقا نستصحب استمراره، ولكن بما ان في المفروض ليس لنا علم سابق بالنسبة الى الحائل يجب علينا احراز عدمه او فقل احراز الاتصال. اما بان نرى، او يخبرنا به ثقة فيحصل لنا الاطمئنان على عدمه، او شهد العدلان على ذلك. والبرائة في ما نحن فيه لا يفيد لنا احراز الاتصال ولا عدم وجود المانع. فتأمل جيداً.

ففي هذه المسألة راي السيد هو الاقرب الى الصحة بحسب صناعة الفقه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo