< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /الصلاة خلف المحراب الداخل

مسألة 8: (لو كان الإمام في محراب داخل في جدار و نحوه لا يصحّ اقتداء من على اليمين أو اليسار ممّن يحول الحائط بينه و بين الإمام و يصحّ اقتداء من يكون مقابلًا للباب، لعدم الحائل بالنسبة إليه، بل و كذا من على جانبيه ممّن لا يرى الإمام لكن مع اتّصال الصفّ على الأقوى، و إن كان الأحوط العدم، و كذا الحال إذا زادت الصفوف إلى باب المسجد فاقتدى من في خارج المسجد مقابلًا للباب و وقف الصفّ من جانبيه، فإنّ الأقوى صحّة صلاة الجميع، و إن كان الأحوط العدم بالنسبة إلى الجانبين).[1]

كان بحثنا في هذه المسألة، وقد ذكرنا في الجلسة الماضية تعليقات من علمائنا المعاصرين حيث خالفوا رأي السيد وحكموا ببطلان صلاة من وقف على جانبي المحراب إمّا فتوىً وإمّا بالاحتياط الواجب و المستند في الوجوب هو صحيحة زرارة التي ورد فيها: "إِنْ صَلَّى قَوْمٌ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ أَوْ‌ جِدَارٌ- فَلَيْسَ تِلْكَ لَهُمْ بِصَلَاةٍ إِلَّا مَنْ كَانَ حِيَالَ الْبَابِ"[2] وهذا الامر حاصل لمن كان على جانبي محراب داخل، لان ضميرلهم في قوله: "ليس لهم بامام" يشمل من يقف في جانبي المحراب الداخل لان بينهم وبين الامام سترة وهي جدار المحراب.

ولكن السيد الخوئي وافق صاحب العروة في الحكم بعدم بطلان صلاتهم بعد ما اعترف بان ظاهر الصحيحة يفيد بطلان صلاتهم فقال: (إلّا أنّ التأمّل فيها يقضي بأنّ هذا الظاهر غير مراد قطعاً و أنّ المستثنى منه بمناسبة الحكم و الموضوع هي الحالة و الكيفية المستفادة من سياق الكلام دون الضمير المجرور. و يتّضح هذا بعد ملاحظة أمرين:

الأوّل: أنّ مقتضى الاستثناء من الضمير تخصيص صحّة الصلاة بمن يقف‌ بحيال الباب فقط، و أنّ كلّ من عداه ممّن يقف على جانبيه أو خلفه من بقيّة الصفوف إلى الأخير منها فصلاتهم باطلة بأسرهم، لاندراج الكلّ في عقد المستثنى منه بعد تخصيص الخارج عنه بالواقف بحيال الباب.و هذا كما ترى لا يمكن الالتزام به، و لن يلتزم به أحد حتّى هذا القائل، فإنّ الباقين صلاتهم صحيحة قطعاً بضرورة الفقه، لاتّصالهم بمن هو متّصل بالإمام.

الثاني: ملاحظة ذيل الصحيحة، قال (عليه السلام): «هذه المقاصير إنّما أحدثها الجبّارون، و ليس لمن صلّى خلفها مقتدياً بصلاة من فيها صلاة»، و كأنّ هذه الفقرة بمثابة دفع ما ربما يستغربه السائل من حكمه (عليه السلام) أوّلًا ببطلان الصلاة إلّا من كان بحيال الباب، من أنّ المقصورة من مستحدثات الجبابرة و مبتدعاتهم حذراً عن الاغتيال كما اغتيل أمير المؤمنين (عليه السلام) في محرابه، و لم تكن معهودة في عصر النبيّ (صلى اللّٰه عليه و آله) و من بعده.

و كيف ما كان، فقد تضمّنت هذه الفقرة بطلان صلاة كلّ من يصلّي خلف المقصورة حتّى من يكون بحيال الباب بمقتضى الإطلاق، و لا يستقيم هذا إلّا في فرض انفصال الكلّ عن الإمام لوجود حائل على الباب أو انسداده. فنستنتج من هذه الفقرة بضميمة العلم الخارجي الذي أشرنا إليه في الأمر الأوّل أنّ الصحيحة تضمّنت تقسيم المصلّين إلى حالتين و تنويعهم إلى كيفيّتين و أنّه في حالة الانفصال عن الإمام لوجود حائل بينه و بين الكلّ بطلت صلاة الجميع، و في حالة الاتّصال و لو مع الواسطة صحّت صلاة الجميع أيضاً. فقوله (عليه السلام): «إلا من كان ...» إلخ استثناء عن حالة المصلّين من حيث الاتّصال و الانفصال، المستفاد من سياق الكلام بمناسبة الحكم و الموضوع، و أنّه لا صلاة مع وجود السترة في حال من الحالات إلّا في الحالة التي يتّصل معها بعض المأمومين و هو الواقف بحيال الباب مع الإمام، فتصحّ في هذه الحالة صلاة الجميع. فهي ناظرة إلى صحّة صلاة الكلّ تارة و بطلانها كذلك اخرى، دون التفكيك بين المصلّين كما هو مبنى الاستدلال. و هذا الذي استظهرناه من الصحيحة إن صحّ و تمّ فهو، و إلّا فغايته إجمال الصحيحة و سقوطها عن الاستدلال، فينتهي الأمر حينئذ إلى التمسّك بإطلاقات الجماعة القاضية بالصحّة، و إلّا فالأصل العملي الذي مقتضاه البراءة كما مرّ غير مرّة. فالأقوى: ما عليه المشهور بل ادّعي عليه الإجماع من صحّة صلاة من على الجانبين ممّن لا يرى الإمام، لكفاية الاتّصال بمن يراه. و منه يظهر الحال فيما إذا زادت الصفوف إلى باب المسجد فاقتدى من في خارج المسجد مقابلًا للباب و وقف الصفّ من جانبيه، فإنّه يحكم بصحّة صلاة الجميع حينئذ كما أشار إليه في المتن).[3]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo