< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/04/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /استحباب مساوات المأموم الواحد مع الامام وتأخره عند التعدد

 

قد انتهينا في اليوم الماضي عن ذكر ادلة قول المشهور من استحباب تاخر المأموم عن الامام في صلاة الجماعة اذا كانوا اكثر من واحد و المساوات عند كونه واحدا و هکذا ذكرنا ادلة السيد الخوئي القائل بوجوبهما ومناقشته لادلة قول المشهور. ثم ذكر رضوان الله عليه مستثنيات من وجوب التاخر وقد تعرضنا لموردين منها واليم نذك ما بقي من المستثنيات التي ذكرها السيد الخوئي و منها: (إمامة النساء، بناءً على جواز إمامتهنّ كما تقدّم ، فإنّها تقف في وسطهنّ كما دلّت عليه النصوص).

و (منها: صلاة العراة جماعة، فانّ الإمام لا يتقدّم حينئذ إلّا بركبتيه للنصوص الدالّة عليه الكاشفة عن جواز المساواة بينهم).

ثم قال: (ربما يستثني أيضاً إقامة جماعة أُخرى في المسجد بعد فراغ الجماعة الأُولى و قبل أن يتفرّقوا، استناداً إلى رواية أبي علي، قال: «كنّا عند أبي عبد اللّٰه عليه السلام فأتاه رجل فقال: جعلت فداك، صلّيت في المسجد الفجر فانصرف بعضنا و جلس بعض في التسبيح، فدخل علينا رجل المسجد فأذّن فمنعناه و دفعناه عن ذلك، فقال أبو عبد اللّٰه (عليه السلام): أحسنت، ادفعه عن ذلك، امنعه أشدّ المنع، فقلت: فان دخلوا فأرادوا أن يصلّوا فيه جماعة؟ قال: يقومون في ناحية المسجد، و لا يبدو لهم إمام ...» إلخ [1] .دلّ صدرها على أنّ سقوط الأذان عزيمة لا رخصة كما تقدّم في محلّه «3». و محلّ الاستشهاد هو قوله (عليه السلام) في الذيل: «و لا يبدو لهم إمام» أي لا يبرز و لا يتقدّم. لكن الرواية ضعيفة السند، فإنّ أبا علي الحرّاني لم يوثّق. على أنّ الصدوق رواها مع تبديل لفظة «يبدو» بلفظة «يبدر» بذكر الراء بدل الواو، أي لا يسرع الإمام بل يمكث قليلًا كي تتفرّق الجماعة الأُولى، و عليه فتكون أجنبية عمّا نحن فيه. و كيف ما كان، فلم يثبت هذا الاستثناء، و ليقتصر فيه على الموارد التي ذكرناها).[2]

اقول: في مستخلص الكلام: ان القائل بالوجوب انما استند في وجوب التاخر والمساوات بصحيحة محمد بن مسلم ودلالتها على الوجوب كانت بالظاهر لا بالنصوصية ومعنى وجوب التأخّر في المأموم المتعدد ووجوب المساوات في المأموم الواحد، ان هذا شرط لصحة الجماعة فمن تخلّف عنه فجماعته باطلة. ومثل هذه المسألة التي هي كثيرة الابتلاء هل يمكن ان نكتفي بظهور صحيحة واحدة ولم يرد دليل آخر عليها، وفي مقابله الشهرة عند الفقهاء العظام من الصدر الاول المتقدمين و المتاخرين ومتاخر المتاخرين. كما ان روايات التي حملتموها على الاستثناء في الحكم هل يصلح ذلك لانه تفوح منها روح التساهل الكاشف عن عدم حتمبة الحكم واليك التأمل في لسلن النصوص: ففي صحيحة سعيد الاعرج ورد: - "فَيَجِدُ الصَّفَّ مُتَضَايِقاً بِأَهْلِهِ- فَيَقُومُ وَحْدَهُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنَ الصَّلَاةِ- أَ يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهِ"[3] . بمجرد التضايق أذن له الامام ان يقوم وحدة. وفي صحيحته الاخرى قال الامام : قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ يَقُومُ بِحِذَاءِ الْإِمَامِ. الا يدل هذا التساهل على عدم اشتراط صحة الجماعة بتلك الآداب.

وفي صحيحة موسى بن بكر: مُوسَى بْنِ بَكْرٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرَّجُلِ يَقُومُ فِي الصَّفِّ وَحْدَهُ- قَالَ لَا بَأْسَ إِنَّمَا يَبْدُو الصَّفُّ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ.[4]

لوكان حكم المساوات شرطا لصحة الجماعة كان الانسب ان يقول عليه السلام له قف بصف الامام فعند ما لحق المأموم الثتي يتقدم الامام او يتأخر المأمومين

وفي موثقة السكوني عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا تَكُونَنَّ فِي الْعَيْكَلِ قُلْتُ وَ مَا الْعَيْكَلُ- قَالَ أَنْ تُصَلِّيَ خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَكَ- فَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ الدُّخُولُ فِي الصَّفِّ- قَامَ حِذَاءَ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُ- فَإِنْ هُوَ عَانَدَ الصَّفَّ فَسَدَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ.[5]

نعرف ان وقوف المأموم خلف الصفوف لوحده مكروه وليس مبطلا للجماعة والامام عليه السلام رجح وقوف بحذاء الامام على وقوفه وراء الصفوف لوحده فيظهر كراهة وقوفه وراء الصفوف اشد من وقوفة بحذاء الامام.

و في صحيحة التي رواها الشيخ في التهذيبَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ "أَنَّهُ سَأَلَ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع عَنْ إِمَامٍ- كَانَ فِي الظُّهْرِ فَقَامَتِ امْرَأَةٌ بِحِيَالِهِ تُصَلِّي مَعَهُ- وَ هِيَ تَحْسَبُ أَنَّهَا الْعَصْرُ- هَلْ يُفْسِدُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْمِ- وَ مَا حَالُ الْمَرْأَةِ فِي صَلَاتِهَا مَعَهُمْ- وَ قَدْ كَانَتْ صَلَّتِ الظُّهْرَ- قَالَ لَا يُفْسِدُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْمِ وَ تُعِيدُ الْمَرْأَةُ صَلَاتَهَا"[6] .

سندها لا بأس به لان سند الشيخ الى علي بن جعفر سند صحيح و في الدلالة ترى ان الاستغراب لم يكن من وقوفها بحيال الامام في الجماعة وانما الاشكال في صلاتها كمرأة امام الرجال كما استفاد هذا المعنى في الوسائل حيث قال: (يُمْكِنُ كَوْنُ الْمَانِعِ هُنَا مُحَاذَاتَهَا لِلرِّجَالِ وَ تَكُونَ الْإِعَادَةُ مُسْتَحَبَّةً لِمَا مَرَّ فِي مَكَانِ الْمُصَلِّي، أَوْ ظَنَّهَا أَنَّهَا الْعَصْرُ فَتَكُونُ نَوَتِ الصَّلَاةَ الَّتِي نَوَاهَا الْإِمَامُ، عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ مُوَافِقٌ لِلتَّقِيَّةِ بَلْ لِأَشْهَرِ مَذَاهِبِ الْعَامَّةِ).

فعلى ذلك لا يمكن الاعراض عن قول المشهور والالتزام بوجوب المساوات عند وحدة المأموم و جوب التأخر عند تعدد المأموم نعم ان ما يستفاد من الادلة ان هذا الادب سنة في صلاة الجماعة لا ينبغي الاستهانة بها والاعراض عنها فقال رسول الله: "فمن اعرض عن سنتي فليس مني" فالسنة ما كان رسول الله و اهل بيته عليهم السلام ملتزما باتيانها الا لعذر ولكن المستحبات كثيرة كانوا يأتون ببعضها ولم يكونوا ملتزما باستمرار اتيانها.

ولا بأس ان نقول: الواجب هو ما يستحق فاعله ثواب و تاركه عقاب، والسنة ما يستحق فاعله ثواب وتاركه من دون عذر يستحق لوم و عتاب، والمستحب ما يستحق فاعله ثواب ولا يستحق تاركه عقاب ولا لوم اوعتاب.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo