< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/04/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /مساوات المأموم مع الامام

 

قال السيد رضوان الله عليه: (الرابع: أن لا يتقدّم المأموم على الإمام في الموقف، فلو تقدّم في الابتداء أو الأثناء بطلت صلاته إن بقي على نيّة الائتمام، و الأحوط‌ تأخّره عنه و إن كان الأقوى جواز المساواة و لا بأس بعد تقدّم الإمام في الموقف أو المساواة معه بزيادة المأموم على الإمام في ركوعه و سجوده لطول قامته و نحوه، و إن كان الأحوط مراعاة عدم التقدّم في جميع الأحوال حتّى في الركوع و السجود و الجلوس و المدار على الصدق العرفيّ.)

قد ذكرنا في اليوم الماضي ما يستدل بها على جواز مساوات المأموم مع الامام واليوم نتطرق الى مناقشات ترد عليها:

اما الاجماع فهو الذي ادعاه العلامة في التذكرة وقال في الجواهر: (يمكن المناقشة في الإجماع بأنا لم نعثر على مصرح بالحكم قبله، بل و لا حكي، نعم نسب إلى ظاهر الشيخ و ابن حمزة و المصنف مع أنه في مفتاح الكرامة قال: قد يظهر من جمل العلم و العمل موافقة الحلي في المنع، فلا ظن حينئذ به، بل لعل الظن بخلافه)[1] فالشخص الوحيد الذي ادعى الاجماع و هوالعلامة خالف هذا الرأي في جمل العلم والعمل.

اما المناقشة في اجراء اصالة البراءة لعدم مانعية المساوات او شرطية التاخر، فنقول ليس لها مجرى في مبحثنا لأن صلاة الجماعة عبادة توقيفية يؤخذ بالقدر المتيقن منها مضافا الى أن قاعدة الاشتغال تقتضي عدم الاكتفاء بما نشك في مشروعيته.

اما المناقشة في التمسك باطلاقات صلاة الجماعة، فنقول لا يمكن التمسك بالاطلاقات لانها غيرمساقة للتقدم او التأخر فلا يمكن شمول الاطلاق لموارد لم يكن المتكلم بصدد بيانه.

اما المناقشة في دلالة صحيحة محمد بن مسلم، فنقول انها تفيد عكس المطلوب فعبارتها هكذا: "الرَّجُلَانِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ- يَقُومُ عَنْ يَمِينِهِ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَامُوا خَلْفَهُ"[2] .

فخصصت القيام عن يمينه برجلان وصرح في الاكثر بالخلف والكلام في الاعم . مضافا على ذلك عنوان اليمين اعم من المساوات في الموقف.

اما المناقشة في مرفوعة علي بن ابراهيم الهاشمي، اوّلاً بضعف السند وثانياً قوله: (رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يُصَلِّي بِقَوْمٍ- وَ هُوَ إِلَى زَاوِيَةٍ فِي بَيْتِهِ بِقُرْبِ الْحَائِطِ- وَ كُلُّهُمْ عَنْ يَمِينِهِ وَ لَيْسَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ)[3] . مجرد كونهم عن يمينه لا يدل على محاذاتهم للامام واستغراب الراوي انما كان لوقوف الامام في جانب من البيت وعدم وجود المأموم في يساره. والروايات الوارده في افضلية اختيار يمين الامام من يساره اريد بها الصفوف التي هي خلف الامام فاطلاق يمين الامام على قسم من الصف الذي في جانب اليمين امر دارج لا يختص بالمحاذات.

واما المناقشة في رواية حسين بن علوان حيث ورد فيها: "عَنْ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الْمَرْأَةُ خَلْفَ الرَّجُلِ صَفٌّ- وَ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ خَلْفَ الرَّجُلِ صَفّاً- إِنَّمَا يَكُونُ الرَّجُلُ إِلَى جَنْبِ الرَّجُلِ عَنْ يَمِينِهِ"[4]

هذه الرواية مضافا الى ضعف سندها سياقها مقارنة رجل وامرأة و رجلان فقوله الى جنب الرجل عن يمينه اولاً خاص بما اذا كان المأموم رجل واحد. وثانيا: كونه الى جانبه عن يمينه اعم من المساوات.

اما رواية ابي البختري مضافا الى ضعف السند تفيد عكس المطلوب فقوله عليه السلام: "رَجُلَانِ صَفٌّ فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً تَقَدَّمَ الْإِمَامُ"[5] .(المصدر13) فيها تصريح بتقدم الامام اذا كانوا ثلاثة.

واما المناقشة في رواية سعيد الاعرج قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ- فَيَجِدُ الصَّفَّ مُتَضَايِقاً بِأَهْلِهِ- فَيَقُومُ وَحْدَهُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنَ الصَّلَاةِ- أَ يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهِ"[6] .

في سندها موسى بن الحسن هو ابن عامر بن عمران بن عبد الله بن سعد الاشعري قال فيه النجاشي:) (القمي ابو الحسن ثقة عين جليل صنف ثلاثين كتابا و سعيد هو ابن عبد الله او عبدالرحمن الاعرج وثقه النجاشي. فالسند لا بأس به، ولكن في دلالتها اجمال في أنّه اين قام؟ هل قام بمحاذات الامام او قام في جانب انتظارا لاتمام الصلاة؟ لم يتضح شيئا ولذا لا يمكن الاسنتاد اليه ولو قلنا انه قام للصلاة في جنب الامام فكان مورد الإضطرار ولعل في قيامه كان متاخرا عن الامام بشيء فلا يثبت جواز المساوات.

اما المناقشة في موثقة سكوني: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا كُنْتُ إِمَامَكَ- وَ قَالَ الْآخَرُ أَنَا كُنْتُ إِمَامَكَ- فَقَالَ صَلَاتُهُمَا تَامَّةٌ- قُلْتُ فَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُنْتُ أَئْتَمُّ بِكَ- قَالَ صَلَاتُهُمَا فَاسِدَةٌ وَ لْيَسْتَأْنِفَا"[7] . والوجه فيها ولو وقفا متساويا ولكن جماعتهما لم تتحقق عن ما نوى كل منهما الامامة و في فرض نية المأمومية حكم الامام بالبطلان فلا يمكن الاستناد اليها لجواز المساوات في صلاة الجماعة.

ان قلت ان وقوفهما على مستوى واحد دليل عى كون التساوي امر جائز قلنا: بما ان الظاهر انهما كانا في صف جماعة العامة فارادا ان يتابعاهم في الظاهر، فنويا جماعة مستقلة عن جماعتهم فوقعا في هذا الاشتباه.

اما المناقشة في صحيحة زرارة عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ الْمَرْأَةُ تَؤُمُّ النِّسَاءَ قَالَ لَا- إِلَّا عَلَى الْمَيِّتِ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَوْلَى مِنْهَا- تَقُومُ وَسَطَهُنَّ فِي الصَّفِّ مَعَهُنَّ فَتُكَبِّرُ وَ يُكَبِّرْنَ"[8] .

اولاً: هذا ورد في صلاة الجنازة ولها خصوصيتها، ثانياً: قيامها وسطهن لا يلازم كونها بمساواتها معهن في الموقف.

اما المناقشة صحيحة عبد الله بن سنان قَالَ: "سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ صَلَّوْا جَمَاعَةً وَ هُمْ عُرَاةٌ- قَالَ يَتَقَدَّمُهُمُ الْإِمَامُ بِرُكْبَتَيْهِ- وَ يُصَلِّي بِهِمْ جُلُوساً وَ هُوَ جَالِسٌ"[9] .

ولو ان الامام فيها يصلي في صف المأمومين و لكن يتقدمهم بركبته فان دل على شيء فانما يدل على خلاف المقصود، و ان ابيت الا الدلالة على الا مساوات فلا يمكن ان نتعدي الى غير الضرورة.

اما المناقشة في خبر ابي علي الحراني: قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ- جُعِلْتُ فِدَاكَ صَلَّيْنَا فِي الْمَسْجِدِ الْفَجْرَ- وَ انْصَرَفَ بَعْضُنَا وَ جَلَسَ بَعْضٌ فِي التَّسْبِيحِ- فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ الْمَسْجِدَ- فَأَذَّنَ فَمَنَعْنَاهُ وَ دَفَعْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ- فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَحْسَنْتَ- ادْفَعْهُ عَنْ ذَلِكَ وَ امْنَعْهُ أَشَدَّ الْمَنْعِ- فَقُلْتُ فَإِنْ دَخَلُوا فَأَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا فِيهِ جَمَاعَةً- قَالَ يَقُومُونَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ- وَ لَا يَبْدُرْ «نسخة خطية لايبدو» بِهِمْ إِمَامٌ الْحَدِيثَ.وَ‌رَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَرَّانِيِّ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ- أَحْسَنْتُمْ ادْفَعُوهُ عَنْ ذَلِكَ وَ امْنَعُوهُ أَشَدَّ الْمَنْعِ- فَقُلْتُ لَهُ فَإِنْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ- فَقَالَ يَقُومُونَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ- وَ لَا يَبْدُو لَهُمْ إِمَامٌ .[10] فالاشكال اولا يكون في سنده فان ابي علي لم يرد له توثيق والاستدلال موقوف على تعين نسخة لا يبدو لان لا يُبدِر نهي عن المبادرة في اقامة الصلاة حتي يذهب المصلين ولعل عدم البدو كان للتقية في مساجد العامة.‌

الى هنا ثبت ان هذه الادلة لم تكن ناهضة باثبات جواز مساوات المأموم مع الامام في الموقف مطلقا نعم جواز المساوات في مأموم واحد لا اشكال فيه بل هو مقبول عند جميع الفقهاء وسوف نبحث عن وجوب المساوات اذا كان المأموم واحدا و وجوب وقوف الامأموم خلف الامام اذا كان المأموم اكثر من واحد في الايام القادمة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo